مسؤولون صرب بينهم الرئيس تلقوا تهديدات بالقتل إثر اعتقال كراديتش

الزعيم المعتقل مدين بـ4.5 مليون دولار لعائلات ضحايا.. وزنزانته في لاهاي مزودة بكل وسائل الراحة

TT

ذكرت تقارير صحافية في العاصمة الصربية بلغراد، أن عددا من كبار المسؤولين الصرب تلقى تهديدات بالقتل بسبب اعتقال الزعيم السابق لصرب البوسنة رادوفان كراديتش، من بينهم الرئيس الصربي بوريس تاديتش الموالي لأوروبا، مما دفع الأجهزة الأمنية إلى رفع حالة التأهب الى أقصى درجاتها.

وذكرت صحيفة «بليتش» اليومية التي تصدر في بلغراد في عددها الصادر أمس، أن تاديتش تلقى تهديدات بالقتل عقب اعتقال كراديتش، وتلقى تهديدات مماثلة كل من ايفيكا داسيتش، الشريك في الائتلاف الحاكم وزعيم الحزب الاشتراكي الذي تزعمه في الماضي الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش الذي توفي في سجن لاهاي أثناء محاكمته بتهم جرائم حرب. وكذلك تلقى التهديدات كل من ممثل الادعاء لجرائم الحرب في صربيا فلاديمير فوكسيفتش، وراسيم ليايتش رئيس المجلس القومي للتعاون مع محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة التابعة للامم المتحدة في لاهاي.

وذكرت تقارير نقلا عن مصادر أمنية، ان فوكسيفتش تلقى تهديدات تقول «أنت ميت» و«هناك قنبلة أسفل سيارتك»، في حين تلقى ليايتش تهديدات تقول: «ستلقى مصير دينديتش. سنصيبك أولا في ركبتيك». وقد خرج مؤيدون لكراديتش من القوميين الصرب الى الشوارع للتظاهر ضد اعتقال زعيمهم، منذ اعلان خبر اعتقاله يوم الثلاثاء الماضي.

وفي وقت يحاول كراديتش تأخير نقله الى لاهاي عبر تقدم محاميه بطعن في قرار تسليم موكله إلى محكمة لاهاي، لا تزال الصحافة الصربية تنبش في تاريخ الزعيم السابق الملقب بـ«جزار البوسنة» لارتباطه بمجزرة سريبرينيتشا، التي قتل فيها أكثر من ثمانية آلاف رجل وصبي من مسلمي البوسنة.

وكشفت أمس صحيفة «دنيفني» التي تصدر في سراييفو، أن كراديتش مدين بنحو 5ر4 مليار دولار لمجموعة من الاشخاص أقاموا دعوى ضده أمام محكمة أميركية «لتأسيسه معسكرات احتجاز كانت تغتصب فيها النساء غير الصربيات بشكل منهجي». وقال مسؤول أميركي في البوسنة للصحيفة، ان كراديتش قد يخسر ممتلكاته كي يدفع تعويضات لضحايا الجرائم التي يشتبه في أنه ارتكبها.

وذكر التقرير أن مجموعة تضم أكثر من عشرة أشخاص أقامت دعوى ضد كراديتش في عام 1993 أمام المحاكم الاميركية من خلال المركز الاميركي للحقوق الدستورية، ومقره نيويورك. وقاضت المجموعة كراديتش بتهمة الابادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية، منها الاغتصاب المنظم بموجب قانون صدر في عام 1789 ويسمح للمواطنين الاجانب بمقاضاة أي شخص ينتهك حقوق الانسان في أي مكان من العالم أمام المحاكم الاميركية.

وقال غريغوريان، إنه قد تتم مصادرة كل أموال كراديتش لدفع تعويض رمزي على الاقل للضحايا. وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر، أنه من المحتمل أخذ ممتلكات أقارب كراديتش في الاعتبار أيضا كمصدر لدفع التعويضات.

كما كشفت التحريات القضائية مع كراديتش أنه يملك جواز سفر باسم دراغن دابيتش، الاسم الذي استعمله للاختباء منذ عام 1998. وبينت التحقيقات أيضا أنه قضى عطلة صيفية في كرواتيا سنة 2005، كما سافر إلى النمسا لمراجعة الطبيب في العام نفسه من دون أن يكشف أحد هويته الحقيقية. وتبين أيضا ان الاسم الذي استعاره يحمله ثلاثة أشخاص، أحدهم في البوسنة وهو من مواليد 1954 وقتل في سراييفو على يد قناصة صرب في عام 1993، والآخر في صربيا وهو من مواليد 1942 ولا يزال على قيد الحياة، كما يحمل نفس الاسم أحد غجر صربيا. بيد أن صحيفة «كورير» النمساوية ذكرت بأن كراديتش دخل إلى النمسا بجواز سفر كرواتي يحمل اسم بيرا، وذكرت الصحيفة أيضا ان كراديتش زار ايطاليا. وذكرت تقارير أخرى أنه أثناء اختفائه زار روسيا ومدينة دالماسيا الكرواتية. الا ان هذه المعلومات لم تؤكد بعد.

لكن ما هو ثابت، أن كراديتش شارك في دورات للتأهيل خاصة بالطب البديل في بلغراد، وتحدث عن ذلك في مدينة نوفي صاد بحضور ما بين 200 إلى 400 شخص، من دون أن يعرفه أحد. وقالت مينا مينيتش صاحبة مدرسة التأهيل: إن درغن دابيتش (كراديتش) جاءها مع صديقته ميلا وهو يحمل باقة ورد ملحا على قبوله في الدورات، ففعلت، من دون ان تشك بهويته الحقيقية. وفي لاهاي، تنتظر كراديتش زنزانة مزودة بحمام خاص ومن المتوقع ان يحصل على طعام مطهو بمواصفات المطبخ البلقاني ومناخ مرح، حيث يلعب الاعداء السابقون كرة قدم المائدة. وسينضم كراديتش الى 37 من المشتبه فيهم الاخرين المحتجزين في المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في وحدة حجز بنيت لهذا الغرض، ملحقة بسجن هولندي على ساحل بحر الشمال العاصف بالقرب من منتجع شيفينينجين.

واحدثت وفاة اربعة من المحتجزين، بينهم الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش عام 2006 صدمة ومحنة للمحتجزين، ولكن المحكمة ايضا، كما قال محتجزون سابقون، مكان تنسى فيه الخلافات العرقية ويسوده الدعم المتبادل. وقال موظف سابق في المحكمة لرويترز: «لست صربيا أو بوسنيا أو كرواتيا... انت مجرد سجين».

وسيكون منزله الجديد عبارة عن زنزانة مساحتها 15 مترا مربعا مماثلة لتلك التي قضى فيها ميلوشيفيتش الخمس سنوات الاخيرة من حياته يستمع لموسيقى فرانك سيناترا ويخطط للدفاع عن نفسه. وتقول المحكمة ان الزنازين تفوق المعايير الدولية من حيث المساحة والاضاءة والتسهيلات. وتشبه غرف نزل الطلبة، وهي مزودة بمرحاض وحوض للغسيل ورفوف وتلفزيون ومنضدة. وتصر المحكمة على ان وحدة الاحتجاز التابعة لها مجرد مركز للحبس انتظارا للمحاكمة وليست سجنا، وانه يجب معاملة النزلاء كأبرياء.