صيف القاهرة ينقل مواجهات الحكومة والمعارضة إلى الإسكندرية والساحل الشمالي

وزراء يتجهون لمرسى مطروح.. والقبض على 30 من مجموعة 6 أبريل.. و«الإخوان» ينظمون معسكرات صيفية

TT

لم تهرب الحكومة المصرية وحدها من حر صيف القاهرة ورطوبته العالية إلى الشواطئ الشهيرة بالساحل الشمالي الغربي للبلاد؛ بل انتقل معها إلى النسيم العليل هناك ناشطون سياسيون معارضون من «جماعة الإخوان المسلمين»، ومن «حركة 6 أبريل»، ونظموا مظاهرات وعقدوا حلقات تنظيمية أسفرت عن القبض على بعضهم، وكأن كلا منهما (الحكومة والمعارضة) لا يريد أن يكتفي بالاستمتاع بالاستجمام مع الأسرة، أو بمداعبة موج البحر والاستلقاء على الرمال البيضاء بفراغ بال.

وبدلاً من إدارة شؤون الوزارة من مبنى مجلس الوزراء المغروز وسط الحر والزحام بقلب القاهرة، وبدلاً من الموقع الآخر، وهو «القرية الذكية» الواقعة في صحراء حارة قريبة من العاصمة، يعقد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء (الحكومة) المصري، وعدد من وزرائه، اجتماعات عمل وتفقد مشروعات، في مدن تقع بالساحل الشمالي الغربي للبلاد.

وبينما بدأت جماعة الإخوان المسلمين، بحسب مصادر داخلها، في إقامة «معسكرات صيفية» غرب الإسكندرية، تتخللها محاولات لتلطيف الأجواء الملتهبة، من خلال محاضرات وشروح عن ظروف ما تمر به الجماعة من خلافات داخلية من جانب، ومن خلافات لها مع الحكومة التي تتعامل معها باعتبارها «جماعة محظورة» من جانب آخر، ألقت قوات الأمن على شاطئ الإسكندرية القبض على نحو عشرات ممن يطلقون على أنفسهم أعضاء «حركة 6 أبريل» التي دعت في أبريل (نيسان) الماضي لإضراب عام في البلاد احتجاجاً على سياسات الحكومة، وحقق استجابة محدودة، وأدى لمصادمات توفي فيها ثلاثة أشخاص، وانضم للدعوة عند إطلاقها على موقع فيس بوك بالانترنت نحو 70 ألفاً.

وبحسب مصدر بمجلس الوزراء المصري، فإن الدكتورأحمد نظيف، وعددا من وزراء الحكومة سيمارسون نشاطهم، بداية من بعد غد (الاثنين)، وحتى نهاية الشهر المقبل، من محافظتي «الإسكندرية» و«مطروح»، اللتين تضمان العشرات من القرى السياحية والشواطئ المميزة..«بعض الوقت كمصيف في قرى سياحية مثل قرية الدبلوماسيين وراقيا وماربيلا ومنتجع مارينا.. وبعض الوقت للعمل من المدن الساحلية القريبة من هناك»، إذ أشار المصدر إلى أن «نظيف» ووزراء بالحكومة سيلتقون بمحافظة الإسكندرية (200 كم غرب القاهرة) يوم الأربعاء القادم مع علي عثمان طه، النائب الثاني للرئيس السوداني عمر البشير، لبحث أوجه التعاون المشترك بين البلدين. كما سيلتقي وزراء مصريون بعد غد بمدينة مرسى مطروح (450 كم غرب العاصمة) بقيادات ومسؤولين محليين، وسيفتتحون مشروعات سياحية وخدمية وتنموية هناك.

وسيتاح لعديد من وزراء الحكومة ممن يقضون الصيف بقرى الساحل الشمالي الواقعة على امتداد نحو 250 كم بين مدينتي الإسكندرية ومرسى مطروح، التحدث لمئات الطلاب والرد على تساؤلاتهم عن المشاكل المحلية والإقليمية التي تمر بها مصر والمنطقة، وذلك باستضافة أولئك الوزراء في معسكر طلابي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية باسم «أبى بكر الصديق» بالإسكندرية، بدأ منذ أمس (الجمعة) ويضم 600 طالب من طلاب الجامعات المصرية المتميزين علميا وخلقيا.

وقال مسؤول في إدارة المعسكر: «مدة إقامة المجموعة التي بدأت أمس ستستمر 10 أيام تتخللها مسابقات علمية ورياضية وثقافية وتربوية، ولقاءات مع عدد من الوزراء والمسؤولين وكبار الأئمة والدعاة بالأزهر الشريف للرد على أسئلتهم واستفساراتهم حول أهم القضايا والأحداث على الساحتين الداخلية والخارجية خاصة التي يمر بها العالم الإسلامي».

وقالت مصادر أمنية بمحافظة الإسكندرية أمس إنه جرى توقيف نحو 30 شاباً كانوا يرتدون قمصاناً مكتوباً عليها «مجموعة 6 أبريل» (الفيس بوك) وهم في طريقهم، يوم الأربعاء الماضي، لتنظيم تظاهرة بشاطئ سيدي بشر..«كانوا يطيَّرون طائرات ورقية عليها شعاراتهم (المجموعة قالت إن الطائرات الورقية كانت ملونة بألوان علم مصر فقط) ويرددون هتافات خاصة بهم (المجموعة قالت: كنا نردد النشيد الوطني)، بدون تصريح من السلطات، وجرى إحالتهم للنيابة التي قررت حبس 26 منهم 15 يوماً على ذمة التحقيق.

وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين بمصر هي التيار الديني الوحيد الذي لم يتخل عن تنظيم معسكرات صيفية على الشواطئ، تشبه إلى حد ما نظام رحلات الكشافة، بعد أن تم التخلي عن هذا النشاط، الذي يتخلله عادة تدريب وتثقيف على مبادئ الجماعة أو الحركة، كل من حركة الجهاد، والجماعة الإسلامية، إذ كان معسكر صيفي عام 1975 السبب في إطلاق اسم «الجماعة الإسلامية» بدلاً من اسمها القديم الذي كان يعرف بـ«الجماعة الدينية». وأصبح تنظيم معسكرات صيفية موسما للقبض على عناصر جماعة الإخوان المشاركين فيها، إلى درجة أن بعضا من المحسوبين على الجماعة أو القريبين منها، تساءلوا أمس عن الحكمة من استمرار الجماعة، التي تعتبر التيار المعارض الرئيسي بمصر، في تحويل «فصل الصيف لمناسبة سنوية لاصطياد شباب الإخوان من على الشواطئ (..) هذه واحدة من أغرب ممارسات الحركة في بيئة أمنية متربصة بهم (..) ليس من مصلحة الجماعة أبدا، لا على المستوى الأمني، ولا على مستوى السمعة، أن تتحدى القانون حتى لو كان في غير صالحها».