إيران تمنع مشاهيرها من الظهور في إعلانات تجارية

وزير الثقافة: هذه الشخصيات عليها تعزيز روح البسالة وليس «ثقافة الاستهلاك»

TT

قد يكون حسين رضا زاده رافع الأثقال الإيراني، أقوى رجل على مستوى العالم، لكن قوة بطل الاولمبياد لم تتمكن من الصمود في مواجهة قوة أكبر قررت منعه من استعراض قوته على اللوحات الإعلانية، وفي الإعلانات التلفزيونية.

مثلما الحال مع كثير من النجوم الرياضيين، يحصل رضا زاده، «هرقل الإيراني»، على دخل إضافي من خلال المشاركة في إعلانات تجارية. منذ بضع سنوات ماضية، ظهر رضا زاده في إعلان في تلفزيون الدولة الإيرانية حول وقود محركات. لكن عندما بدأ النجم الرياضي الإيراني في المشاركة في إعلانات خاصة بوكالة عقارات في دبي، تذاع على إحدى المحطات الفضائية محظورة داخل إيران، وضعه ذلك في مواجهة مع السلطات الإيرانية. يذكر أن رضا زاده يشتهر بتقواه الدينية. وبعد الانتصارات الرياضية الكبرى التي حققها، قام برفع صور المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي. بيد أن الإعلان الخاص بالعقارات يرسم صورة مغايرة تماماً لرضا زاده، ففي إطار الإعلان يدخل النجم الإيراني لمكتب الوكالة التي تتخذ من دبي مقراً لها، حيث يقوم مسؤول بيع إيراني بإخباره بالفرص المتوافرة داخل سوق العقارات المزدهر داخل الإمارة. ويومئ رضا زاده رأسه بالموافقة، ويقول إنه يعتقد أن امتلاك عقار في دبي بالفعل استثمار جيد.

ولم يتمالك كثير من الإيرانيين، ممن شاهدوا الإعلان عبر أطباق استقبال قنوات القمر الصناعي المحظورة داخل إيران، أنفسهم من الضحك من الصورة التي بدا عليها «بطل أبطالهم». لكن السلطات الإيرانية، التي تبدي حساسية واضحة تجاه قنوات القمر الصناعي والنجاح الذي تحرزه دبي وصورة رضا زاده، لم تجد الأمر مسلياً. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدر المسؤولون قراراً بحظر مشاركة جميع الشخصيات الإيرانية الشهيرة من الظهور في إعلانات تلفزيونية، واستعراض وجوههم على اللوحات الإعلانية أو أي صور الإعلان الأخرى. وفي تفسيره للقرار، قال علي رضا كريمي وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، إن: «هذه الشخصيات الثقافية والرياضية تعد نماذج مشرفة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعليها تعزيز روح البسالة، وليس ثقافة الاستهلاك». لكن ثقافة الاستهلاك حاضرة بشكل واضح داخل العاصمة الإيرانية بالفعل، حيث تصطف شوارع طهران بلوحات إعلانية تروج لبنطلونات جينز وعطور وسيارات غربية، وعادة ما توجد هذه الإعلانات بجوار لوحات جدارية تمجد «شهداء» الحرب الإيرانية ـ العراقية. يذكر أنه عام 2004، تمت تغطية لوحات إعلانية تحمل صورة نجم الكرة الإنجليزي، دافيد بيكهام، باللون الأسود لأن الحكومة رأت أنها «تروج لقيم غربية». لكن بعد مرور أربع سنوات، توجد بشمال طهران لوحات إعلانية تحمل صورة الممثل الأميركي، جورج كلوني، وهو يروج لساعات «أوميغا». أما الممثلون الإيرانيون فيشعرون بالسخط إزاء حرمانهم من المشاركة في مثل هذه الإعلانات. وتساءل مدير أعمال أحد نجوم السينما الإيرانية عن الأمر بقوله: «لماذا يتم السماح له وهو أميركي بينما يتم منع الإيراني؟»، بينما أكدت الممثلة ماهتاب كراماتي أنه: «بمقدور الفنانين حصد أموال إضافية فقط من خلال المشاركة في هذه الإعلانات». يذكر أن «كراماتي» تعمل أيضاً سفيرة لصالح منظمة اليونيسيف، وتعمل على حماية حقوق الأطفال داخل إيران. وقالت الممثلة الإيرانية إن السلطات الإيرانية لم تر أي ضير في نشاطاتها الخيرية، واستطردت موضحة: «لكن كممثلة امرأة، كنت ممنوعة بالفعل من المشاركة في إعلانات. ويساعد القرار الجديد في تحقيق مساواة بين النساء والرجال». جدير بالذكر أن بعض الإعلانات داخل إيران تظهر فيها صور ممثلات بالفعل وهن يرتدين ملابس محتشمة وغطاء للرأس، لكن هذه الإعلانات تخص أفلامهن فقط. وتستعين الإعلانات التلفزيونية بالسيدات في الترويج للمنظفات والأطعمة، وغالباً ما يجري تصويرهن كربات بيوت مثاليات. أما إعلانات العطور وغسول الجسم والشعر، فلا يمكنها الاستعانة بنساء. ومن المحظور أيضاً التأكيد على الجمال في الإعلانات التجارية، خشية أن يسفر ذلك عن الترويج لـ«أفكار فاسدة». لكن القنوات الفضائية العاملة من داخل الولايات المتحدة والإمارات، تذيع إعلانات وعروض أزياء تشارك بها نساء. وتقوم قناة الموسيقى الفارسية التي تبث من دبي، وهي أكثر القنوات الـ30 الموجهة إلى إيران شعبية، بعرض جميع الأغاني المصورة من موسيقى الراب الأميركية وحتى موسيقى البوب الفارسية. وأعرب الرئيس التنفيذي للقناة، مهرداد إسماعيلي كيا، عن تفضيله بث إعلانات لماركات عالمية كبرى، مثل سامسونغ وسوني، عن الماركات المحلية الإيرانية التي تستعين في إعلاناتها بنجم تمثيل ورياضة محليين، نظراً لأن: «هذه الإعلانات في الغالب تكون مصممة بشكل رديء للغاية. وتبدو رخيصة التكلفة».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)