«التقدم والاشتراكية» المغربي يأمل في الفوز بـ2500 دائرة انتخابية

أمينه العام اتهم فاعلين سياسيين حداثيين بالرجعية

TT

انتقد إسماعيل العلوي، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي (مشارك في الحكومة)، من سماهم بعض الفاعلين السياسيين الذين يدعون الحداثة، والانتساب إلى الصف التقدمي، بالتموقع ضمن خانة المحسوبين على النكوصية والرجعية.

وقال العلوي، الذي كان يتحدث أمس امام أعضاء اللجنة المركزية لحزبه، بالرباط إنه يأسف بشكل كبير لهذا الوضع، الذي جعل أولئك الفاعلين السياسيين، ينتجون «خطابات الشعبوية والعدمية والتيئيس»، مشيرا الى أن التحول المجتمعي الذي افرز نمطا جديدا للعيش، اتسم بالسلوكات الحداثية، وقطع مع الهياكل التقليدية، لكنه في آن معا زاد من مظاهر الحيف الاجتماعي، مما أدى من وجهة نظره، الى تزايد الاحساس بالحيرة والغضب لدى العديد من المواطنين، الذين سقطوا في فخاخ رافضي كل تطور وتقدم.

ولم يسم العلوي هذا الصنف من المواطنين، كما لم يشر الى انتمائهم السياسي، وأكد ان الوضع الاجتماعي المغربي، يحفل بجو مشحون، يتجسد في إحساس فئات فقيرة بقساوة العيش أكثر من ذي قبل، نظرا لارتفاع أسعار المواد الغذائية وضروريات الحياة.

وعزا سبب الغلاء، الى عوامل موضوعية ترتبط بالسوق الدولية، وبممارسات المضاربين، وعدم قدرة أجهزة الدولة على ضبط أوضاع سوق أريد لها أن تكون حرة، فأصبحت فوضوية، تراعي جشع الفاعلين في السوق.

وأوضح العلوي أن نسبة مصاريف استهلاك 20 في المائة، الاكثر ثراء من إجمالي سكان المغرب، وصلت الى 48.1 في المائة، في حين أن استهلاك 20 في المائة من السكان الاكثر فقرا لا يتعدى 6.5 في المائة، من إجمالي المصاريف، مؤكدا أن حزبه وفاعلين آخرين مطالبون ببذل المزيد من المجهودات من اجل التقليل مما سماه «فظاعة الوضع الاجتماعي»، وممارسة الاجتهاد من أجل التقليل من اتساع الهوة بين الفقراء والاغنياء.

ودعا العلوي الدولة المغربية الى التدخل العاجل لإقرار العدالة الاجتماعية، والعمل مع جميع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين، لبدء حوار جاد ومسؤول يفضي الى «ميثاق اجتماعي» يعطي لكل ذي حق حقه، دون نسيان المواطنين الذين لا يتوفرون على أي دخل، مشيرا الى أهمية تفعيل التأمين الطبي الاجباري، بشكل منصف، وإنجاز التغطية الصحية للجميع في أقرب الآجال، حتى لا تقتصر الحماية الاجتماعية على المأجورين من مستخدمين وموظفين.

وحذر العلوي من مخاطر استفحال الازمة الاقتصادية الدولية المؤثرة على الاقتصاد المغربي، خاصة في جانبها المتعلق بالتضخم وتحملات الموازنة العامة، نظرا لارتفاع تكاليف صندوق المقاصة الذي من خلاله تدعم الحكومة المواد الاستهلاكية الاساسية.

بيد ان العلوي دافع عن التوجه السياسي لحكومة عباس الفاسي، والقرارات المتخذة في هذا الشأن، سواء على مستوى ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، وتخفيض نسب الفقر، والبطالة، ودعم الاستثمار العمومي والخاص، وتقوية سياسية الأوراش الكبرى، ومناهضة اقتصاد الريع، وبحث حلول للتقليل من عجز المغرب في مجال الانتاج الطاقي، ومواصلة إصلاح التعليم.

وجدد العلوي التأكيد على ضرورة النهل من فكرة حزبه الرامية الى ابرام «تعاقد سياسي جديد» بين جميع الفرقاء السياسيين المغاربة، مبرزا ان هذا التعاقد يجب أن ينبني على إصلاح دستوري ومؤسساتي واضع المعالم، للفصل بين السلطة القائمة، والقطع على المستوى الاقتصادي مع السياسة البيروقراطية الادارية المفرطة، على حد قوله، وذلك بالحرص على ضمان تنافسية شفافة بين جميع المقاولات الانتاجية بكل أصنافها، مضيفا أن الامانة العامة لحزبه، وقعت بدورها تعاقدا مع جميع القطاعات الموازية من شبيبة ونساء، ومحامين ومهندسين.

ورسم العلوي ما وصفه خارطة طريق تنظيمية جديدة، عبر تفعيل الاجتماعات الدورية على الصعيد الجهوي (المناطق)، والمحلي، وتقوية دور فروع الحزب تحضيرا للانتخابات الغرف المهنية والبلدية المزمع إجراؤها صيف العام المقبل.

وتوقع العلوي أن يغطي حزبه 10 آلاف دائرة انتخابية، وهو ما يعادل نسبة 40 في المائة من إجمالي الدوائر، والفوز بـ2500 منها، ستمكن من تسيير 150 بلدية محلية، وتحصيل 7 في المائة من الأصوات المعبر عنها وطنيا، وتحسين موقع الحزب على مستوى انتخابات المأجورين والغرف المهنية، وتعزيز الفريق البرلماني بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).

وبخصوص ما راج عن انضمام بعض أعضاء حزبه في مجلس المستشارين، الى فريق الاصالة والمعاصرة، الذي يتزعمه النائب فؤاد عالي الهمة، الوزير السابق المنتدب في الداخلية، قال العلوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه لحد الآن لا علم لي بهذا الامر «وسأستغرب إن وقع»، مشيرا الى أن تشكيل فريق جديد في مجلس المستشارين، يعد أمرا عاديا وطبيعيا، لأن البرلماني له الحق في الانتساب الى أي فريق، أو تشكيل فريق نيابي مشترك.

وعن رأيه في «الحركة من أجل كل الديمقراطيين»، قال العلوي إنها جمعية فريدة من نوعها، كونها تشتغل في الميدان السياسي، لكن وليس كباقي جمعيات المجتمع المدني، مضيفا أنه لا يمكنه إصدار أي حكم عليها في الوقت الحالي، الى أن تنتظم داخل حزب سياسي، وتصدر برنامجها، وعلى ضوئه يمكن لحزب التقدم والاشتراكية، أن يعبر عن رأيه.

وأكد العلوي ان ذاكرة المغاربة ما زالت حية، وتعلم تفاصيل الأوضاع التي سادت قبل ثلاثة عقود خلت، رغم اختلاف الظروف، في إشارة الى تأسيس حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، بقيادة الراحل أحمد رضا اكديرة، مستشار العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، قصد مواجهة المد اليساري، قائلا «مجمل الحديث أن التاريخ لا يعيد نفسه».

وتطرق العلوي الى أهمية تكوين منتسبي الحزب محليا، وحدد برنامجا لبدء عملية التواصل مع المواطنين، وتحسين عمل الاجهزة التنفيذية للحزب.

وفي مجال التحالفات الممكنة، لم يخرج العلوي عن الاطار التقليدي المعروف، إذ ربط بين تحالف حزبه مع قوى اليسار على قدم المساواة مع التحالف القائم مع مكونات أحزاب الكتلة الديمقراطية، مؤكدا على الاعلان الاخير عن استعداد خمسة أحزاب يسارية لتشكيل لجنة تنسيق، لصياغة أرضية مرجعية، ويتعلق الامر بأحزاب: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية (غالبية حكومية)، وجبهة القوى الديمقراطية، والحزب العمالي، والحزب الاشتراكي (معارضة)، مؤملا أن يتخطى حزب الاتحاد الاشتراكي الصعاب التي اعترضته اثناء انعقاد مؤتمره العام الاخير.

وأكد العلوي ان التكتل اليساري الجديد، يظل مفتوحا أمام جميع أحزاب اليسار التي تتفق مع الهدف السياسي النبيل، الرامي إلى إحداث تحول هام في الحياة السياسية المغربية، مشيرا الى أن حزبه يواصل بنفس القناعة الوحدوية، العمل على تفعيل تجمع الكتلة الديمقراطية، التي تضم حزبه والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وذلك لكي تلعب دورها في تأطير الاصلاحات في المغرب.