الجيش اللبناني ينفذ خطة لضبط الوضع المتفجر في طرابلس وينذر «العابثين بالأمن» باستخدام القوة

انتشار في محاور المواجهات وتوقيف 5 مسلحين من الطرفين

TT

بدأ الجيش اللبناني تنفيذ خطة امنية لضبط الوضع الامني المتفجر في مدينة طرابلس في شمال لبنان، ونفذ اتنشارا واسعا على كل المحاور التي كانت مسرحا للمعارك في منطقتي بعل محسن وباب التبانة، وذلك بعدما وجه انذارا للقوى التي تتبادل اطلاق النار.

وافادت المعلومات الواردة من طرابلس ان الجيش اللبناني اتخذ قرارا بالرد على كل مطلق نار، وان انتشاره الكثيف بدأ في المناطق الحساسة وهي جبل محسن، شارع سورية، حي البقار، الشعراني والمنكوبين، حيث باشر تمشيطها وتنظيفها من المسلحين، وسيّر دوريات مؤللة وراجلة، واقام حواجز تفتيش للتدقيق في هويات المارة والسيارات. وجاءت الحصيلة الاولى توقيف خمسة مسلحين من الطرفين. واثر تنفيذ الخطة الامنية وعملية الانتشار اصدرت قيادة الجيش بيانا اكدت فيه اصرارها على «وضع حد للاعمال المخلة بالامن»، وقال البيان: «ان قيادة الجيش تنذر العابثين بالاستقرار العام بأنها لن تتهاون في ملاحقتهم حتى لو اضطرت لاستعمال القوة بوسائلها كافة حفاظا على ارواح المواطنين وممتلكاتهم ومنع المظاهر المسلحة».

ويأتي انتشار الجيش معززا بوحدات من قوى الامن الداخلي تنفيذا لخطة امنية وضعت اثناء زيارة وزير الداخلية والبلديات زياد بارود لطرابلس، بالتنسيق مع وزارة الدفاع وقيادة الجيش، وترؤسه اجتماعا امنيا في سرايا طرابلس في حضور المدير العام للامن الداخلي اللواء اشرف ريفي.

إثر الاجتماع صرح بارود: «طرابلس عزيزة جدا على قلوبنا، ووجودي اليوم لاقف بجانب القوى الأمنية التي تبذل كل الجهود الممكنة وتقدم كل التضحيات الممكنة لتكون بجانب الناس، وتحسم الأمر حيث يلزم. واليوم هناك تنسيق كامل مع قيادة الجيش، بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء باتجاه تنسيقي كامل، للذهاب الى أبعد ما يمكن على هذا المستوى. ولكن التوجه هو على أساس الحزم والحسم، وهذا ما ينتظره الناس، ونحن نقف بجانبهم وكل الفوضى التي تحصل هي فوضى غير مقبولة على الاطلاق من كل المواطنين». واضاف: «ما يحصل يؤذي كل اللبنانيين الى أي منطقة انتموا، وكل الحرص هو أن نمنع حصول هذه الأمور. وعلى من يقوم بهذه الاعمال ان يعلم انه يلعب بالنار». وردا على سؤال، قال: «لن ادخل في التفاصيل العسكرية، حفاظا على الخطة الأمنية التي توضع وتتم بلورتها، وأكتفي بالقول أن هناك توجها للحزم الذي هو مطلوب في هذه المرحلة. في الساعات القليلة المقبلة سنعمل للحد من الضرر الحاصل والحد من الخسائر البشرية والممتلكات. والمعنيون بموضوع الدخول الى مناطق الاشتباكات يعلمون عملهم، ومن هم على الأرض يعرفون مدى الجدية في التعاطي بهذا الموضوع».

بدوره، اعلن المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي خلال ترؤسه امس اجتماعا لضباط قوى الامن الداخلي في سرايا طرابلس، «انه خلال ساعتين سينهي الجيش وقوى الامن الانتشار في مناطق التوتر في طرابلس، وسيسيطر على الوضع في المناطق التي شهدت اشتباكات». وشدد على «ان التعليمات اعطيت من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية للتعامل بحزم مع اي مخل بالامن. الجيش وقوى الامن استقدموا تعزيزات لفرض الامن وحماية المدينة»، مشيرا الى «ان الجيش سيرد على مصادر النيران، وسيتم توقيف اي مسلح. كما ان الجيش والقوى الامنية سيسيّرون دوريات ويقيمون حواجز في مختلف الاحياء التي شهدت اشتباكات». وكشف «أن الاجهزة الامنية المعنية تفعّل اجراءاتها لتحديد العناصر التي تعمل على توتير الاجواء الامنية وتوقيفها»، موضحا «ان الجيش يتسلم المباني الحساسة والمحاور المهمة ويسير دوريات في بعل محسن، التبانة، شارع سورية، البقار، الريقان الشعراني، ساحة الاميركان وطلعة الشمال».

وفي هذا السياق، عقد اجتماع في منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار حضره سياسيو طرابلس للبحث في الوضع وسبل وضع حد للفلتان الامني المتكرر.

وكان الوضع الامني وبعد اشتباكات عنيفة دارت طوال يوم اول من امس واسفرت عن سقوط تسعة قتلى واكثر من 40 جريحا، قد شهد امس هدوءا حذرا تخلله اطلاق بعض الرشقات النارية وعمليات القنص. وتردد ان سيارة مجهولة اقدمت عند الساعة الثامنة والنصف من صباح امس على اطلاق النار في الهواء في شارع الشراع في منطقة ابي سمراء، ما ادى الى حالة من التوتر في المنطقة.

وبقيت الطريق الدولية بين طرابلس وعكار مقطوعة امام القادمين من البداوي ودير عمار والمنية وعكار والحدود السورية. ووضعت عناصر قوى الامن الداخلي سيارات وحواجز حديدية في عرض الطريق لمنع حركة العبور حرصا على سلامة المواطنين نظرا لاستمرار الاشتباكات واطلاق رصاص القنص.

وفي المواقف السياسية، اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي انه «من غير المعقول ان تظل طرابلس تدفع باحيائها ومناطقها الفقيرة والمحرومة ثمن تأزم الوضع السياسي الداخلي في لبنان، فتنفجر اوضاعها الامنية ويسقط الابرياء وتدمر المنازل ويهجر المواطنون ويتركون في العراء نتيجة تقصير الهيئات المسؤولة». وقال: «ان طرابلس راهنت دوما على الشرعية ومؤسساتها الامنية وهي لا تريد امنا ذاتيا، فلا يجوز ان تترك طرابلس واهلها لمصير خطط له في الغرف السوداء».

وسأل النائب محمد عبد اللطيف كبارة «ما هو الثمن الذي يريدونه من طرابلس حتى يتوقف حمام الدماء؟». وقال: «انها رسائل بالدم تحملها رصاصات الغدر وقذائف التآمر على الوطن من بوابة التبانة والقبة والمنكوبين وجبل محسن. وقد وصلت الرسائل، والمطلوب وضع حد لاولئك الذين يريدون الانتقام من طرابلس. والدولة معنية بحماية السلم الاهلي وضمان الامن والامان بعد ان استقال المسؤولون في هذه الدولة من دورهم».

من جهته، ناشد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني قيادة الجيش والأمن الداخلي «وضع حد نهائي للتدهور الأمني الذي يحصل بين الحين والآخر في طرابلس، والعمل على استتباب الأمن ومحاسبة أي مخلِّ بأمن الناس وإحالته إلى المراجع المختصة لكشف المؤامرة التي تحاك ضد اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم». وأكد «أن الدولة وحدها من يحق لها امتلاك السلاح لحماية مواطنيها، وأي سلاح خارج إطار الدولة في الداخل يشكل استفزازا يثير مشاعر المواطنين ما يستدعي أن يكون السلاح فقط بيد الدولة لفرض سيطرتها وهيبتها على كل الأراضي اللبنانية».

ورحب «الحزب العربي الديمقراطي» (احد طرفي الصراع المسلح) بالقرار الصادر عن قيادة الجيش بعدم التهاون حيال الاوضاع الراهنة في طرابلس، وقال في بيان: «كنا ومازلنا نعتبر الجيش هو الضمانة الحقيقية للامن والاستقرار. وهو موجود في مناطقنا، ولم نمنع يوما دخول الجيش الى جبل محسن، فالجيش موجود ونحن ننسق دائما مع قيادته وهذا معروف من قيادة الجيش حيث اننا ندعو الجيش الى أخذ كل التدابير التي تؤدي الى الحفاظ على الامن في المنطقة، ونطالبه بالضرب بيد من حديد لوقف من يريد زعزعة السلم الاهلي في مدينة طرابلس». وحيا الحزب «أفراد وضباط الجيش اللبناني والقوى الامنية الساهرة على أمن المواطن». ودان «الزمر الشيطانية المنتشرة بكثافة لتخريب الاوضاع في الشمال. غير اننا نطالب بفتح تحقيق عاجل لكشف مفتعلي المشاكل، ومن وراءهم ويمولهم ويدعمهم»، منوها بـ «مواقف المفتي الشيخ مالك الشعار على الجريئة والعادلة»، داعيا اياه الى «مواصلة العمل للوصول الى المصالحة الحقيقية».