فتوى عن توريث الحكم في مصر تجدد الجدل بين الحزب الحاكم والمعارضة

أمانة الفتوى: الفقه الإسلامي لا يجيز التوريث لكنه لا يمانع في اختيار الحاكم لمن يخلفه

TT

رغم نفي الرئيس المصري حسني مبارك، ونجله جمال مبارك عدة مرات في السابق، أي اتجاه لتوريث الحكم، إلا أن سؤالاً من مواطن مصري وجهه لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وأجابت عنه أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية أمس، حول موضوع جواز توريث الحكم في البلاد من عدمه، جدد الجدل حول هذا الموضوع بين المعارضة والحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، فيما أيد الفتوى رجال دين آخرون لتوافقها مع «الشرع» ومع الدستور المصري الحالي.

وبينما قالت جماعة الإخوان المسلمين، على لسان نائب كتلتها البرلمانية، حسين إبراهيم، إن المواد الدستورية المحددة لطريقة اختيار رئيس للدولة، تعتبر في حد ذاتها مادة تكرس لتوريث الحكم، لأي مرشح محتمل يقدمه الحزب الحاكم، الذي يرأسه الرئيس المصري، قال إبراهيم الجوجري القيادي في الحزب الوطني، وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية لـ«الشرق الأوسط»: «لا وجود لمفهوم التوريث الذي يعلنه البعض، ويهاجمه البعض، ويؤيده البعض».

وأفتت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور علي جمعة مفتي مصر، بعدم جواز توريث الحكم، ونصت على أن الفقه الإسلامي لا يجيز توريث الحكم، لأنه «يجري في إمامة المسلمين»، لكنها أشارت أيضاً إلى أن «الفقه الإسلامي لا يمنع من تولية العهد، الذي هو عبارة عن اختيار الحاكم لمن يخلفه». وأثار تناول الفتوى المادة 76 من الدستور المصري، والذي أرجعت إليه طريقة اختيار الحاكم في دولة «جمهورية ديمقراطية كمصر»، حفيظة جماعة الإخوان التي وقفت ضد تعديلات دستورية جرت العام الماضي، وشملت مواد تقلص من فرصها في ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات النيابية والرئاسية، إذ قال نائب رئيس كتلة الإخوان البرلمانية، إن «هذه المادة (76) هي التي كرست عملية التوريث، لأنها جعلت مرشح الحزب الحاكم أياً كان هو رئيس الجمهورية»، وأضاف: «كان ينبغي على دار الإفتاء أن تقول هل الطريقة التي جرت بها التعديلات الدستورية التي تضمنتها المادة 76 موافقة للشرع أم ليست موافقة للشرع»، معتبراً «هذه الفتوى اجتزاء لجزء من الدستور». وقالت الفتوى التي صدرت أمس إنه «لو كان نظام الحكم جمهوريا ديمقراطيا، كما في مصر، فإن المنظم لهذا الشأن يكون هو دستور البلاد، الذي اتفقت عليه كلمة المصريين والذي لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، حيث نص في مادته 76 على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر، وعليه فأن النظام المتفق عليه بين المصريين، لا يجيز توريث الحكم ولا تولية العهد».

من جانبه أوضح الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بالقاهرة قائلاً «إن «فكرة توريث الحكم ليس لها مستند شرعي، ولا سابقة في تاريخ المسلمين»، فيما أيد الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، الفتوى قائلاً إنها «استندت لأدلة شرعية قوية، لا تتصادم مع نصوص أخرى.. طالما دستور البلاد ينص على انتخاب رئيس الجمهورية بطريقة الاقتراع السري، فإن هذا الأمر أصبح عقدا ملزما بين القمة والقاعدة»، بينما وصف الدكتور مصطفى الشكعة، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، الفتوى بأنها «شرعية ومنضبطة ومتمشية مع نظام الحكم في الاسلام»، لكنه قال إن هذه الفتوى لن تعجب المشتغلين بالسياسة بغير ضابط، خاصة إن الاسلام ليس ضد أن يتولى الحاكم الحكم طوال حياته، ما دام قادرا على خدمة الرعية على أن يكون مجيئه إلى الحكم عن طريق الشورى والانتخابات الحرة النزيهة، وهذا هو منطق الفتوى.