أردوغان يدعو إلى الوحدة ويقول إن الشعب وليس القضاء يحاسب على الأخطاء

عشية بدء المحكمة الدستورية جلسات مناقشة حظر الحزب الحاكم

تركية خلال مظاهرة للاحتجاج علي بدء المحكمة الدستورية مناقشة حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم أمس في انقرة (رويترز)
TT

اعترف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بان حزبه ارتكب أخطاء ساهمت في اندلاع الجدل حول حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولكنه شدد على ان «الشعب هو من يحاسب على الاخطاء»، وذلك عشية بدء جلسات مناقشة حظر الحزب في المحكمة الدستورية غدا.

ونقلت صحيفة «حريت» التركية أمس أن أردوغان دعا الى الوحدة في تركيا المنقسمة بين مؤسسة علمانية، تشمل جنرالات الجيش وكبار القضاة وبين الحكومة، قبل أن يبدأ القضاة مناقشة حظر الحزب. وقال: «اذا كانت هناك اخطاء وتوترات فاننا نحتاج الى استعادة السلام الاجتماعي مجددا. المهم هو ان نعيش معا تحت هذه السماء في وحدة». وأضاف: «قد نكون ارتكبنا اخطاء، ولكن الشعب يحاسبنا على ذلك». وأشار الى انه لا مشكلة مع المواطنين انما مع «النخبة التي تريد لتركيا ان تمضي في اتجاه امانيها الخاصة».

وشدد اردوغان على الاستقرار الاقتصادي ومواصلة طريق الديمقراطية، وقال: «لا يمكننا ان نحصل على نتائج جيدة اذا لم نقدر على المضي قدما في التطوير الاقتصادي والديمقراطية معا. المليار ونصف المليار في العالم الاسلامي القوي يتابعوننا ليروا كيف نطبق الدين والعلمانية معا». وحزب العدالة والتنمية، الذي يحكم تركيا منذ عام 2002، وحقق فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية لعام 2007، اثار حفيظة الاوساط العلمانية عندما اراد ان يشرع ارتداء الحجاب في الجامعات، وهو امر بالغ الحساسية في مجتمع يدين بمعظمه بالاسلام، لكنه مؤسس على مبادئ العلمانية.

ويسعى المدعون اضافة الى حظر الحزب، الى منع اردوغان والرئيس عبد الله غل و69 اخرين من رموز حزب العدالة والتنمية من عضوية اي حزب لمدة خمس سنوات. وينفي الحزب الاتهامات الموجهة اليه ويعتبر ما يحصل «انقلابا قضائيا»، ويؤكد انه وضع حلولا بديلة، منها امكانية تشكيل حزب جديد لاحتضان نوابه الذين يفوق عددهم 300 والذين سيتحولون الى مستقلين في حال تم حل الحزب.

ويبدأ القضاة غدا اجتماعات يومية لنظر القضية، بحسبما اعلن رئيس المحكمة هاشم كيليش الذي قال: «لا اعرف ان كان سيتم اتخاذ القرار في غضون ثلاثة او عشرة ايام لكننا سنعمل بلا توقف». ويسود اعتقاد بانه في حال تم حل الحزب، وهذه هي الفرضية المرجحة من قبل اغلب المحللين، فانه سيصار الى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. وتشير استطلاعات الرأي الى ان الحزب الذي سيخلف حزب العدالة والتنمية سيفوز في الانتخابات. ويقول خبراء قانون ان اردوغان يمكن ان يعود الى البرلمان كنائب مستقل. وقد بدأت الاجراءات القضائية ضد حزب العدالة والتنمية في مارس (آذار) الماضي على يد المدعي العام في محكمة التمييز عبد الرحمن يالجينكايا بعد قرار الحكومة رفع الحظر عن ارتداء الحجاب في الجامعات. واعتبر قرار الغاء هذا التعديل في يونيو (حزيران) من قبل المحكمة الدستورية بمثابة اشارة تنبئ بحظر الحزب الذي انبثق من احزاب اسلامية تم حلها بسبب نشاطات مناهضة للعلمانية.

والتوتر على اشده بين المحافظين الاسلاميين والعلمانيين، الذين تتزعمهم الادارة القضائية والجامعية، اضافة الى الجيش. وادى مشروع لقلب الحكومة الى توقيف العديد من الشخصيات العلمانية، بينهم جنرالات سابقون نافذون. ووجهت عدوى الازمة المالية الاميركية واسعار النفط العالية والنتائج المخيبة في مستوى النمو ومكافحة التضخم، ضربة اضافية لشعبية الحكومة. كما فقد الحزب الافادة من اندفاعته باتجاه الاتحاد الاوروبي وكانت مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد بدأت في 2005. واعلنت المحكمة الدستورية المكلفة النظر في مطابقة القوانين للدستور، منذ انشائها في عام 1963، حل ما لا يقل عن 24 حزبا، بينها حزبان انبثق منهما القسم الاكبر من مسؤولي وناشطي حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.

واقدم هذين الحزبين هو حزب الرفاه الذي اصبح زعيمه نجم الدين اربكان عام 1996 اول رئيس وزراء في حكومة اسلامية في تركيا، قبل ان يرغمه الجيش الضامن لمبدأ العلمانية في الدستور على الاستقالة بعد عام. وفي يناير (كانون الثاني) 1998، حلت المحكمة الدستورية حزب الرفاه، الذي بدأ اردوغان رحلته السياسية في صفوفه، لقيامه بانشطة مناهضة للعلمانية. كما منعت عددا من اعضائه، بينهم اردوغان، من ممارسة انشطة سياسية لخمس سنوات. واسس اعضاء حزب الرفاه غير المشمولين بقرار المحكمة في ما بعد تنظيما جديدا هو حزب الفضيلة، الذي لم يستمر طويلا، اذ حظره القضاة الاحد عشر في المحكمة الدستورية في يونيو (حزيران) 2001. وانطلق اردوغان من بقايا حزب الفضيلة لتأسيس حزب العدالة والتنمية الذي يؤكد انه ابتعد نهائيا عن الاسلام السياسي، ويعرف عن نفسه انه حزب ديمقراطي محافظ يحترم العلمانية. غير ان النيابة العامة تتهم هذا الحزب بالسعي الى احلال نظام اسلامي محل النظام العلماني. ولم يسبق ان باشرت المحكمة الدستورية اجراءات حظر حزب حاكم.

واضافة الى التنظيمات المتهمة بالانشطة الاسلامية، اصدرت المحكمة حظرا على العديد من الاحزاب الكردية بتهمة الارتباط بمتمردين انفصاليين اكراد ينشطون في جنوب شرق البلاد. وتم حل حزب الديمقراطية عام 1994 لاعتباره «بؤرة انشطة تتعارض مع الوحدة» الوطنية. كما حل حزب ديمقراطية الشعب المنبثق منه عام 2003. وتعد المحكمة حاليا اجراءات حل تستهدف آخر التنظيمات المنبثقة منه، حزب المجتمع الديمقراطي.