واشنطن: تساؤلات حول ميزانية مكافحة الإرهاب

مسؤولو الشرطة: هناك قضايا أكثر إلحاحا مثل مكافحة تهريب المخدرات ومحاربة العصابات الجنائية

TT

أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في 25 يوليو (تموز)، عن منح قيمتها 1.8 مليار دولار لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي أثار الكثير من النقاش بين مسؤولين بالولايات ومسؤولين محليين في الولايات المتحدة، حول ما إذا كانت تلك المنح تأتي على حساب أولويات أخرى لتطبيق القانون، حيث يرى البعض أن هناك قضايا أكثر إلحاحا، مثل محاربة تهريب المخدرات والعصابات والجرائم العنيفة. وفي إشارة إلى طبيعة التغير الذي طرأ بعد مضي سبعة أعوام على الهجمات الإرهابية، التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، اعترض مسؤولون بارزون في الشرطة ورؤساء أقسام الشرطة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، على تركيز إدارة بوش على الأمن الداخلي، قائلين إن ذلك يأتي في وقت يقترح فيه البيت الأبيض تقليل برامج مساعدة الشرطة التقليدية بمقدار 2.7 مليار دولار، في إطار المناوشات السنوية بين البيت الأبيض والكونغرس بخصوص الميزانية. وفي نفس الوقت، تقول شخصيات بارزة في واشنطن ونيويورك، إن التركيز على المدن التي تواجه مخاطر كبيرة بدأ يقل بسبب المنافسة المتزايدة. وكانت وزارة الأمن الداخلي قد أضافت 14 مدينة جديدة على قائمة المناطق الحضرية، التي تواجه مخاطر كبيرة، بناء على طلب من الكونغرس، وبذلك يصل إجمالي المناطق التي تواجه مخاطر كبيرة إلى 60 منطقة. ويقول توم فريزر، المدير التنفيذي لرابطة رؤساء الشرطة بالمدن الكبيرة، إن الشرطة أمامها مسؤوليات جديدة متمثلة في مواجهة بعض الجرائم، مثل تلك الخاصة بسرقة الهويات والهجرة غير الشرعية، في الوقت الذي تقل فيه كمية المساعدات المخصصة لسلطات تطبيق القانون. ويضيف فريزر، الذي كان يعمل مفوض شرطة في بالتيمور في الفترة من 1994 حتى 1999: «هناك الكثير من العصابات، ولم ينته (تهريب) المخدرات. إنه لشيء مروع بالنسبة لرؤساء أقسام (الشرطة) الكبيرة في الولايات المتحدة أن يتم تخفيض البرامج التي يعتمدون عليها بصورة كبيرة».

وخلال الإعلان عن المنح في 25 يوليو، قال وزير الأمن الداخلي مايكل شيرتوف، إن جهود المساعدة المحلية لوزارة الأمن الداخلي «أحد أفضل البرامج تخطيطا، ومن أكثرها استهدافا لمواجهة المخاطر وأكثرها فعالية ضمن برامج الحكومة الفيدرالية». وكانت الحكومة قد قدمت 25 مليار دولار في صورة منح لمكافحة الإرهاب منذ عام 2002، وتقدم 3 مليارات دولار خلال عام 2008، حسبما أعلن وزير الأمن الداخلي. ومن المقرر أن يستخدم نصف التمويل المخصص لهذا العام في مشاريع لتعزيز الأمن الداخلي والتخطيط لمواجهة الكوارث، ودعم المنظمات التي لا تهدف الى تحقيق الربح في المدن التي يُنظر إليها على أنها تواجه مخاطر كبيرة. وموجها كلامه للمنتقدين الذين يريدون المزيد لدفع مرتبات رجال الشرطة أو غير ذلك من أولويات تطبيق القانون على المستوى المحلي، قال وزير الأمن الداخلي، إن منح الأمن الداخلي الفيدرالية يجب عدم استخدامها لتحقيق مصالح سياسية معينة. وأضاف شيرتوف: «أقرأ بعض العناوين. بعض رجال الشرطة يقولون ربما يكون ما أنفقناه كافيا على الأمن الداخلي، وربما نكون قد أنفقنا ما يكفي لمواجهة المخاطر». ولكن، يقول رؤساء الشرطة إنه إذا استمرت الإدارة في نهجها ذلك، فإن المنح الأخرى سوف تختفي. وكما هو الحال في العام الماضي، اقترحت إدارة بوش في ميزانيتها لعام 2009 حذف 2.7 مليار دولار يتم تقدميها في صورة منح من وزارتي العدل والأمن الداخلي، منها 757 مليون دولار مخصصة لبرنامجين موجهين لجهود تطبيق القانون على النطاق المحلي، حسبما أوردته رابطة رؤساء الشرطة في مايو (أيار). ويقول أندرو لولاند، مستشار الأمن الداخلي لحاكم ولاية ماريلاند مارتن أومالي، إن الولايات لديها تساؤلات حول متطلبات أخرى لوزارة الأمن الداخلي، منها التعجيل بما يصل لنحو 25 في المائة من منح الولايات والمناطق الحضرية لتحسين إجراءات التخطيط والدفاع ضد القنابل المصنوعة محليا. ويقول لولاند إن السلطات بالولايات تتساءل: لماذا الآن؟ ولماذا 25 في المائة؟ وما يجب أن يتم القيام به إذا كانوا أنفقوا بالفعل على محاربة أدوات التفجير الارتجالية؟ ويقول روبرت كورتش، مستشار الأمن الداخلي لحاكم ولاية فيرجينيا تيموثي كاين: «نحتاج إلى الاعتراف بأن هناك كمية محدودة من الدولارات المتاحة، لدي نفس المخاوف أنه يجب ألا نقلل من التركيز على تطبيق القانون في الوقت الذي نتقدم فيه». وفي نفس الوقت، تشير نتيا لوي، وهي عضو بمجلس النواب عن الحزب الديمقراطي، إلى أن برنامج منح وزارة الأمن الداخلي الذي تصل قيمته الى 782 مليون دولار لصالح المدن التي تواجه مخاطر كبيرة، قد تم توسيعه بموجب قانون وافق عليه الكونغرس، مما قلل التمويل المتاح للمدن السبع الأساسية، ومن بينها نيويورك وواشنطن. كما تم تقليص التمويل المخصص لشيكاغو ولونغ بيتش بمقاطعة لوس أنجليس ونيوارك بجيرسي سيتي.

وبصورة مجملة، طلبت واشنطن وضواحيها 95.5 مليون دولار وقد حصلت على 71.3 مليون دولار، منها 11.5 مليون للتخطيط لمواجهة الكوارث. وستكون هناك أولوية للعمل مع الولايات المجاورة، في ما يتعلق بخطط الإخلاء الجماعية. كما حصلت مدينة واشنطن على 11.3 مليون دولار أخرى، وماريلاند على 18 مليون دولار وفيرجينيا على 21.9 مليون دولار في صورة مساعدة للولايات.

* خدمة «واشنطن بوست»