الجيش اللبناني يعيد الهدوء إلى جبل محسن والتبانة ويمنع الظهور المسلح ويلاحق المخلين بوقف النار

الأحدب يدعو إلى «طرابلس خالية من السلاح».. وميقاتي يرفض تمرير رسائل سياسية بدماء

جنود لبنانيون انتشروا أمس في شارع سورية في طرابلس يقفون قرب محل تجاري اخترقت قذيفة بوابته (أ.ف.ب)
TT

عاد الهدوء التام إلى طرابلس عاصمة شمال لبنان غداة الانتشار الواسع للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في المناطق والأحياء التي شهدت اشتباكات عنيفة منتصف الأسبوع الماضي بين قوى محسوبة على الموالاة وأخرى على المعارضة وأسفرت على سقوط 9 قتلى وأكثر من 50 جريحاً. وأسهمت الاتصالات والمشاورات المكثفة على مختلف المستويات الرسمية والسياسية في عودة الاستقرار والتوصل إلى وقف للنار، هو الخامس منذ تأزم الأوضاع في طرابلس في 10 أيار (مايو) الماضي.

وقبل ظهر أمس، استكمل الجيش اللبناني تطبيق خطته الأمنية التي بدأها عند الثانية من بعد ظهر السبت، فانتشر في كل المحاور على جبهات القتال في مناطق باب التبانة وجبل محسن والقبة والمنكوبين. وتمركزت الوحدات العسكرية بين الأبنية وداخل الأزقة، فاصلة بين المقاتلين ومانعة الظهور المسلح بالقوة. وفي هذا السياق أفيد بأن الجيش ألقى القبض على 9 أشخاص كانوا يحملون أسلحة فردية بشكل ظاهر. وقد أدى استقدامه تعزيزات إضافية واستعانته بفوج المغاوير إلى ترسيخ الهدوء في المناطق المتوترة.

ورغم هذه الإجراءات، لم تشهد الشوارع الرئيسية في مناطق الاشتباكات إلا حركة سير خجولة، ترافقت مع قيام الجيش بدوريات متواصلة، مؤللة وراجلة. في حين انتشر عناصر قوى الأمن الداخلي في محيط مناطق الاشتباكات. وأقاموا حواجز تفتيش، وخصوصاً على طريق طرابلس ـ عكار الدولية التي أعيد فتحها اعتباراً من مساء السبت.

وقد تفقد عدد قليل من المواطنين بيوتهم ومحالهم التجارية التي تعرض عدد كبير منها للاحتراق نتيجة القصف أو السرقة. ولا تزال معظم المحال التجارية في هذه المناطق، وخصوصاً في شارع سورية الفاصل بين باب التبانة وجبل محسن، مقفلة.

الى ذلك، تسببت الاشتباكات في نزوح مئات العائلات إلى خارج مناطق التوتر، ما اجبر الجهات المعنية على فتح أربع مدارس رسمية أمام النازحين الذين تولت جمعيات خيرية وهيئات إنسانية محلية تزويدهم المواد الغذائية والفرش والأغطية.

هذا، وجال وفد من تيار المستقبل في الشمال، ضم بين أعضائه النائب مصطفى علوش، على بعض المدارس التي فتحت لاستقبال النازحين من مناطق التبانة والقبة والمنكوبين، للاطمئنان على أوضاعهم والاطلاع على حاجاتهم. وقال علوش: «جئنا مع وفد تيار المستقبل لتفقد أوضاع النازحين من المناطق المنكوبة حيث تدور الاشتباكات المسلحة. وهناك توجه واضح من قبل قيادة تيار المستقبل لتسهيل الأمور وتلبية مختلف متطلبات أهلنا النازحين حتى لا يشعر المواطن انه خارج منزله. أما بالنسبة إلى الوضع العام وبعد سلسلة اجتماعات تم اتخاذ قرار حاسم، بالاشتراك مع قيادة الجيش ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية والقوى الأمنية، لوقف الأعمال العسكرية وردع المخالفين حتى يتمكن أهلنا من العودة إلى منازلهم سالمين».

من جهته، أمل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في «أن تنجح التدابير الأمنية التي يتخذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في تثبيت وقف النار في منطقتي باب التبانة وجبل محسن، وعودة النازحين إلى منازلهم تمهيدا لإيجاد حل جذري يمنع تجدد الاقتتال». وقال أمس: «نتمنى على جميع القيادات المعنية في المنطقة أن تتعاون مع القوى الأمنية الشرعية لضبط الفلتان الأمني وتسليم المخلين بالأمن إلى القضاء المختص، لأن مصلحة طرابلس يجب أن تكون لها الأولوية على حساب المصالح الفردية والخاصة. من غير الجائز أن نسمح لأي كان بأن يستغل بعض الحوادث الفردية أو الحالات غير المنضبطة لتمرير رسائل سياسية تكتب أسطرها بدماء أبناء طرابلس». أما النائب مصباح الأحدب فعقد مؤتمرا صحافيا في منزله في طرابلس تناول فيه مختلف الأوضاع السياسية ولا سيما في المدينة. وشكر للرئيس فؤاد السنيورة «التعاون الذي أبداه في متابعة أوضاع النازحين». كما شكر وزير الداخلية «الذي كان له تحرك مسؤول على مستوى المرحلة التي تعيشها المدينة» وجهود الجيش اللبناني في فرضه تطبيق وقف النار. لكنه أبدى «عتبا صغيرا، إذ كنا نتمنى أن يقوم (الجيش) بهذا العمل قبل سقوط ما يقارب الأربعين قتيلا ومئات الجرحى في معارك طرابلس فضلا عن نزوح آلاف العائلات وإقفال مئات المؤسسات التجارية وحصول ما يشبه الفرز السكاني في المدينة».