أبو أحمد.. يفرض القانون العشائري في أقصى الغرب العراقي

كان أول من تحالف مع الأميركيين ضد «القاعدة» في محافظة الأنبار

«أبوأحمد» يتحدث بهاتفه الجوال والى جانبه أحد حراسه (أ.ف.ب)
TT

يفرض ابواحمد المسؤول الامني القانون في بلدة القائم على الحدود مع سورية بشوارعها الترابية الضيقة والواقعة وسط منطقة صحراوية شديدة القيظ في غرب الانبار، كبرى محافظات العراق.

ويتنقل ابواحمد بقميصه الزعفراني اللون ومسدس من طراز «بيريتا» يضعه على خاصرته بسيارة يابانية جديدة رباعية الدفع محاطا بمرافقيه الشخصيين المزودين ببنادق هجومية. ويقول الرجل الاربعيني لصحافي من وكالة الصحافة الفرنسية «العرف العشائري هو السائد هنا. فالقانون العشائري اقوى من قوانين بغداد».

وينتمي ابواحمد الى عشيرة البومحل، اقوى عشائر هذه المنطقة المعزولة التي تبعد مسافة 400 كلم الى الغرب من بغداد. والبومحل احدى عشائر الدليم القبيلة المنتشرة في كافة ارجاء الانبار. ويسيطر ابناء العشيرة وهم من العرب السنة على الحدود بين العراق وسورية حيث ينشط تهريب السجائر والوقود والاسلحة. ويضيف ابواحمد في انتقادات مبطنة «نحن مستعدون للامتثال لقوانين بغداد لكن يجب ان تكون الحكومة ممثلة للشعب».

ويظهر التردد في قبول دور الدولة كممثل للسلطة الشرعية هشاشة الاوضاع في بلد يفضل مواطنوه ان يمنحوا ثقتهم لاشخاص مثل ابواحمد. وينظر سكان القائم البالغ عددهم حوالي خمسين الفا الى ابواحمد كبطل بعد ان تمكن من طرد انصار القاعدة من البلدة الزراعية التي تنتشر منازلها بمحاذاة نهر الفرات. وفي الشارع الرئيسي المزدحم بمحلات الخضار والفواكه والمطاعم والدكاكين، يتقدم رجال يحملون سلاحا لتقبيل ابواحمد على الخد والكتف الايمن علامة الاحترام والطاعة. ويروي كيف قرر في مايو (ايار) 2005 التخلص من انصار اسامة بن لادن، مؤكدا انهم تجاوزوا الحدود عبر قيامهم بقتل ابن عمه جمعة البومحل. ويقول في هذا السياق، «بدأت حينها اطلاق النار في الهواء وفي جميع احياء المدينة. ادركت عائلتي ان الوقت حان وباشرنا الحرب على القاعدة».

وقد استلزم الامر ثلاث معارك في شوارع القائم حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2005 للتخلص نهائيا من المتطرفين القادمين من بلدان عربية لمحاربة الاميركيين. وفي بادئ الامر، تعرض ابواحمد للهزيمة وكان مضطرا الى الفرار باتجاه منطقة العكاشات الصحراوية في جنوب غرب القائم وطلب مساعدة قوات المارينز «واستطعنا تحرير القائم بمعيتهم».

وكان هذا التحالف هو الاول من نوعه بين عشيرة من العرب السنة والاميركيين وسيشكل في وقت لاحق نواة استراتيجية تعتمد المال من اجل تعبئة الصفوف ضد القاعدة لطردها من الانبار خلال عام 2007. اما القيادة الاميركية التي تحاول السيطرة على الحدود مع سورية منذ عام 2003، فقد عثرت على غايتها في رجال ابواحمد الذين يعرفون جميع الطرق التي يستخدمها المهربون. ويدرك ابواحمد تماما ان الاوضاع الامنية الحالية هشة، ويقول في هذا الصدد «قمت بكتابة وصيتي مرات عدة لانني اتوقع الموت»، ويتعين على الغربيين الذين يقصدون القائم للتنقل في ارجائها البقاء تحت حماية الاميركيين.

ورغم ذلك، فان القاعدة ليست بعيدة حقا عن المكان. فقبل فترة بسيطة، دخل مسلحون يرتدون ثياب الجيش الاميركي الى مركز حدودي للشرطة فما كان من العناصر الموجودة الا ان سلمت اسلحتها. وقام المسلحون بذبح 16 عنصرا ولم يسلم سوى واحد فقط لكي يروي ما حدث للاخرين.