الأولمبياد يقترب.. وبكين ما زالت غير قادرة على أن تتغلب على سحب الغبار

مسؤولون صينيون يؤكدون انخفاض التلوث وخبراء يتهمون السلطة باللجوء لأساليب مضللة

TT

على الرغم من استبعاد مليون ونصف مليون سيارة وإغلاق المئات من المصانع ومواقع البناء وإيقاف العديد من الأنشطة الاقتصادية في العاصمة الصينية بكين، إلا أن المدينة ما زالت تعاني من سحب الغبار التي تظهر في السماء، قبل أيام قليلة من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها. وكتبت صحيفة تشاينا ديلي التي تديرها الحكومة قبل يومين أن الحكومة الصينية قد تقوم بتطبيق «خطة طوارئ» إذا لم تتحسن جودة الهواء خلال 48 ساعة قبل بدء دورة الألعاب الأولمبية في 8 أغسطس (آب) المقبل. وقد تتراوح الإجراءات من منع مرور السيارات الا في الحالات الطارئة إلى حظر مرور ما يصل إلى 90 في المائة من السيارات الخاصة. وقال لو زي بينغ مدير حملة السلام الأخضر في بكين أثناء مؤتمر صحافي يوم الاثنين الماضي: «إن جودة الهواء في بكين ليست ما يتوقعه العالم من مدينة تستضيف دورة الألعاب الأولمبية. وهناك أسباب تدعو الفرق المشاركة الى الشعور بالقلق». وألقى باللوم على توجه «التطوير أولا والتنقية لاحقا» والذي تبنته الحكومة الصينية، ولكنه اعترف «إنه لم يكن توجها سليما».

وقد أدى اهتمام بكين البالغ بمشكلة التلوث إلى إعاقة الحياة الاقتصادية بشكل جدي في منطقة العاصمة. وبالإضافة إلى حظر مرور السيارات حسب أرقام اللوحات المعدنية، والذي بدأ في 20 يوليو (تموز) حظرت المدينة العديد من السيارات والشاحنات وأوقفت أعمال البناء. وقد تم إغلاق مصانع تبعد مئات الأميال عن العاصمة، لكن مستويات نقاء الهواء لم تصل إلى المستوى المطلوب على الإطلاق، بل إنها انخفضت في الأيام الأخيرة. حتى انه في أيام الإجازات الأسبوعية، عندما وصلت حركة المرور إلى أدنى مستوياتها، انخفضت مستويات التلوث حول الاستاد الأولمبي إلى مستويات قالت عنها الحكومة الصينية «إنها غير صحية لبعض الأفراد» حيث وصلت ذرات الغبار إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف المستويات التي تسمح بها منظمة الصحة العالمية. ويتم قياس المستوى اليومي لتلوث الهواء من خلال مؤشر يتراوح بين واحد إلى 500 درجة. وفي الأيام التي يقل فيها المؤشر عن مائة درجة، يقال إن المستويات مقبولة. وقد أفادت الحكومة الصينية بأن مستوى نقاء الهواء قد تحسن كثيرا منذ عام 2001، عندما فازت بكين بحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية، حيث وعدت حينئذ بالعمل على تنقية الهواء. ومنذ ذلك الوقت، تعمل بكين على تشديد المقاييس الخاصة بالتلوث، كما قامت ببناء أربعة خطوط أنفاق جديدة وأنفقت ما يقرب من 16 مليار دولار على تنقية الهواء. وقال دو شاوز هونغ مسؤول في حماية البيئة ببكين للصحافيين يوم السبت الماضي: «في الواقع، قمنا بتحقيق التزامنا فيما يتعلق بجودة نقاء الهواء». لكن ستيفن أندروز مستشار البيئة في الولايات المتحدة والذي يقوم بتحليل الأرقام التي تدلي بها بكين، يجادل بأن الصينيين قد قاموا بتحوير البيانات. كما أشار إلى أن محطتي مراقبة في وسط المدينة قد تم اسقاطهما من حسابات الحكومة فيما يتعلق بمؤشر التلوث، بينما تضاف بيانات محطات المراقبة في ضواحي المدينة. وكذلك فإن الحكومة الصينية لم تحقق المستوى المطلوب فيما يتعلق بمستوى الأوزون، كما إنها تستخدم أدوات تقيس ذرات الغبار الكبيرة فقط بدلا من قياس تلك الصغيرة التي تضر بالرئتين بصورة أكبر. ويقول أندروز: «إنهم يضللون في الطريقة التي يقيسون بها والأشياء التي يقيسونها، لدرجة تجعل من الصعب القول إن نسبة التلوث في الهواء تتحسن، لكن الإصرار على أن نسبة التلوث تتحسن يزيل الضغط على مسؤولي الحكومة المحليين ومالكي المصانع لتشغيل تقنية التحكم في الانبعاثات وفعل ما يجب عليهم فعله».

وفي الواقع فإن بكين تحيط بها ثلاثة جبال تعمل على الاحتفاظ بالملوثات في الجو المحيط بالمدينة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد خصصت بكين مسارين في الطريق الدائري الثاني من المسارات الستة ليتم استخدامها بواسطة الأشخاص المهمين في الأولمبياد، مما سيعمل على زيادة الزحام المروي في المدينة. لكن العديد من الصينيين ينتقدون التركيز الأجنبي على نقاء الهواء في بلادهم. وفي أحسن الظروف، فإنهم يقولون إن السماء الزرقاء أمر نادر هنا خلال هذا الوقت من العام وهو الوقت الممطر في معظم أنحاء قارة آسيا. ويجادل المسؤولون الصينيون بأن عدم وضوح الرؤية لا يدل بالضرورة على تلوث الهواء. ويقول ديو: «ربما لا تستطيع رؤية الأشياء في غرفة الحمام التي تمتلئ بالبخار، لكن ذلك لا يعني أن هواءها ملوث».

وحذر الرياضيون من أنهم سيقومون بارتداء قناعات لحماية أنفسهم أثناء دورة الألعاب الأولمبية، وقد يقومون بارتدائها حتى أثناء المنافسات. كما أن العديد من الفرق الأولمبية تقوم بإجراء التدريبات الرياضية الخاصة بها في اليابان وكوريا الجنوبية لتقليل فترة تعرضهم للهواء في بكين. وقد أفادت الحكومة الصينية بالفعل بأن علماءها يعملون على إيجاد وسيلة لتحفيز العواصف الممطرة الصناعية على تنقية الهواء قبل حفل الافتتاح. لكن أنصار البيئة في الصين يشعرون بقلق أكبر مما سوف يحدث بعد الأولمبياد، فهؤلاء يشعرون بأنه بمجرد انتهاء الأولمبياد، فإن السلطات الصينية سوف تفقد رغبتها في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بالحفاظ على نقاء الهواء.

* خدمة «لوس إنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»