تركيا: مناقشات حظر الحزب الحاكم تطول لأكثر من 12 ساعة يوميا.. وتوقعات بصدور قرار خلال يومين

أردوغان يدعو إلى الوحدة في مواجهة الإرهاب.. والشرطة تؤكد تقدم التحقيقات في تفجيرات اسطنبول

اردوغان يصافح النواب بعد القاء كلمته في البرلمان أمس (أ. ف. ب)
TT

عقدت المحكمة الدستورية التركية أمس جلساتها لليوم الثاني على التوالي للبحث في طلب حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم المتهم بانشطة مناهضة للعلمانية، بعد ان كان القضاة الأحد عشر الذين يؤلفون المحكمة، 12 ساعة في اليوم السابق في مناقشة امكانية حظر الحزب.

وقرأ محللون في أنقرة ان استمرار الجلسات لفترة طويلة يؤشر الى ان المحكمة تستعد لاعلان قرارها قريبا، وتوقعوا ان يصدر القرار قبل نهاية الاسبوع. وما شجع على هذه التخمينات، تأكيد نائب رئيس المحكمة عثمان بسكوت، ان القضاة يرغبون في اصدار الحكم «باسرع ما يمكن».

وكان المدعي العام التركي عبد الرحمن يالتشينكايا الذي رفع الدعوى، قد أبلغ المحكمة في وقت سابق إنه «يعد خطرا واضحا وفعليا أن يريد الحزب تطبيق الشريعة الإسلامية». وقال ان محاولات حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان السماح للنساء بارتداء الحجاب الإسلامي في الجامعات تثبت أن الحزب يهدف إلى فرض تطبيق الشريعة الإسلامية.

وفضلا عن حظر الحزب يسعى يالتشينكايا إلى منع أردوغان والرئيس عبد الله غل و69 عضوا آخر من أعضاء الحزب من ممارسة العمل السياسي. ويجتمع قضاة المحكمة يوميا حتى الوصول إلى قرار وقد قرروا مواصلة مداولاتهم يوميا خلال فترة غير محددة حتى يتوصلوا الى قرار. وامام المحكمة ثلاثة خيارات: إما رفض الدعوى أو تأييدها أو أن تختار حلا ثالثا مثل حرمان الحزب من التمويل العام.

وكان أحد المقررين في المحكمة قد نصح منذ أسبوعين بأنه لا ينبغي حظر الحزب، وقال إن تصرفات الحزب لا تخالف القانون بل هي مضمونة في قوانين حرية التعبير. ومع ذلك فإن المحكمة لديها تاريخ في عدم الأخذ بنصيحة المقررين، كما أنها أغلقت عشرات الأحزاب في الماضي، ومن بينها الاحزاب التي حظرت حزب الفضيلة الذي ولد منه حزب العدالة والتنمية في العام 2001.

ويعتقد المحللون في تركيا أن الحزب الحاكم يستعد بالفعل لإنشاء حزب جديد في حال تم حظره.

وفي انتخابات يوليو (تموز) العام الماضي حصل حزب العدالة والتنمية على 47 في المائة من الأصوات حيث شكل أغلبية كبيرة في البرلمان. ويسود الاعتقاد بانه في حال تم حل الحزب، فسوف تنظم انتخابات تشريعية مبكرة، وقد تدخل البلاد في ازمة سياسية خطيرة.

واثار حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 موجة من الاستنكار في الاوساط العلمانية بقراره رفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات، وهو موضوع حساس للغاية في بلد يدين معظم سكانه بالاسلام لكن نظامه يقوم على مبدأ العلمانية.

وتجري هذه المداولات على خلفية اجواء من التوتر السياسي في تركيا زاد في حدته اعتداء مزدوج الاحد الماضي في اسطنبول اسفر عن سقوط 17 قتيلا ولم تتبناه اي جهة. الا ان الشرطة قالت أمس ان التحقيقات في الاعتداءات تحرز تقدما مع التعرف على مشتبه فيه وترجيح وقوف المتمردين الاكراد وراءها رغم نفيهم مسؤوليتهم عن الاعتداء. وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين، اذاعت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) حديثا مع مراد قرايلان زعيم الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني، تقول انها اجرته منذ اسابيع، واشار فيه الى احتمال شن سلسلة اعتداءات ضد اهداف اقتصادية وعسكرية في مدن تركية.

ودعا أردوغان أمس إلى الوحدة في مواجهة الارهاب وتعهد بمثول المسؤولين عن التفجيرات أمام العدالة. وقال أردوغان لاعضاء في حزبه في أنقرة، إن «الارهاب أظهر وجهه الحقيقي لكنه لن يحقق أغراضه الظلامية. سنتغلب على هذه الايام الصعبة ونتحد في أيام تستحق هذا الاتحاد».

ورفض أردوغان اتهام أي جهة بالوقوف وراء الهجوم ودعا وسائل الاعلام إلى السماح للشرطة وأجهزة الاستخبارات باستكمال عملها، علما أنه كان لمح بعد يوم من التفجير الى ان حزب العمال الكردستاني مسؤول عن الاعتداء. وقال حينها ان «ثمن العمليات العسكرية التركية ضد المقاتلين الاكراد باهظ. وحادث امس يشكل مثالا على ذلك». وقصف الطيران التركي أمس للمرة الثالثة في اسبوع مواقع لحزب العمال في شمال العراق، ودمر كهفا كان يتحصن فيها ما بين ثلاثين واربعين متمردا.

اما وزير الداخلية التركي بشير اتالاي، فقال في مداخلة امام البرلمان: «لا اود الادلاء بتفاصيل كثيرة في هذه المرحلة، لكنني استطيع ان اقول لكم انه انطلاقا من المعطيات التي لدينا، واستنادا الى خبرتنا ونتائج اخر التحاليل، نحن سائرون الى نتيجة».

ونقلت وسائل الاعلام التركية أمس انه تم التعرف على مشتبه فيه من المشاهد التي التقطتها كاميرات المراقبة وافادات بعض الشهود. وقالت صحيفتا «وطن» الشعبية و«ترف» الليبرالية عن مصادر في الشرطة ان واضع القنابل شاب يتراوح عمره بين عشرين و25 عاما وطوله حوالي 170 سنتيمترا، يرتدي قميصا أخضر وغير حليق.

واشارت صحف عدة اخرى الى التعرف على شخصين مشتبه فيهما، لكنها لم تعط تفاصيل عن الرجل الثاني. واكدت «وطن» ان القنبلة الثانية، التي انفجرت بعد عشر دقائق من الاولى واثناء تجمع الناس لاغاثة الضحايا، كانت مزودة بجهاز توقيت حتى لا تؤثر فيها اجهزة تشويش الموجات التي تستخدمها الشرطة. وقالت الصحيفة ان الشرطة التي «وضعت رسما تقريبيا للإرهابي ترجح ان يكون جاء بمفرده من جبال قنديل لارتكاب فعلته»، في اشارة الى المرتفعات الجبلية في شمال العراق حيث مقر حزب العمال الكردستاني.

وذكرت صحيفة «ينيسافاك» ان الشرطة تبحث عن رجل يرتدي قميصا أسود اللون التقطت كاميرا تليفون محمول صورة له وهو يجري في الشارع بضاحية جونجورين في اسطنبول قبل ثوان من الانفجار الثاني.