لبنان ينتظر حل «عقدة لغوية» حول بند المقاومة يريح طرفي الحكومة

لجنة الصياغة تفشل للمرة الـ11 في تقريب وجهات النظر

فؤاد السنيورة يترأس أمس الاجتماع الحادي عشر للجنة صياغة البيان الوزاري في بيروت (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

فشل الاجتماع الحادي عشر للجنة صياغة البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية اللبنانية الذي عقد امس في بيروت، في التوصل الى اتفاق يسمح بتصاعد «الدخان الابيض» في ظل استمرار التجاذب حول «بند المقاومة» الذي تطالب الاكثرية بترحيله الى الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية، وتصر الاقلية على تضمينه البيان الوزاري.

وأوحت مصادر الرئاسة اللبنانية امس بقرب الاتفاق على الصيغة النهائية للبيان ليصار لاحقاً الى اقرارها في مجلس الوزراء لتمثل الحكومة على اساسه امام مجلس النواب. وتحدثت اوساط قصر بعبدا عن «صيغة حل يتم بحثها تقوم على الاستناد الى جزء من الفقرة المتعلقة بالمقاومة في البيان الوزاري السابق، اضافة الى القرار 1701»، مشيرة الى ان التركيز «ينصب حالياً على إيجاد التعبير اللغوي الذي يريح الطرفين، أي لجهة مطلب المعارضة ايراد فقرة عن حق المقاومة ومطلب الأكثرية بالتأكيد على حق الدولة في ممارسة سيادتها على اراضيها كافة».

وذكرت الاوساط نفسها ان «المشاورات مستمرة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة والوزراء المعنيين من أجل التوصل الى الصيغة التوافقية» وان رئيس الجمهورية حريص على عدم الاطالة بانجاز البيان، فاللجنة استفادت من الوقت الذي كانت تتم فيه المشاورات بشأن المقاومة وبتت بقية البنود الاقتصادية والمعيشية وغيرها. اما موضوع الاستراتيجية الدفاعية فسيبحث على طاولة الحوار. ولمحت الى احتمال انجاز البيان الوزاري «خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة على ان ينعقد مجلس الوزراء بعد ذلك برئاسة رئيس الجمهورية لاقراره، فتصبح اذذاك زيارته الى دمشق واردة في أي وقت».

وقال النائب محمد الحجار (كتلة المستقبل) ان الرئيس سليمان يبذل «جهوداً حثيثة لتقريب وجهات النظر حول البيان الوزاري» وانه عبر عن «تفاؤله بقرب التوصل الى اتفاق حول الصيغة النهائية للبيان». واضاف، عقب زيارته القصر الجمهوري امس، أن البيان «يجب ان يؤكد حق لبنان في الدفاع عن نفسه ازاء التهديدات الاسرائيلية، مع الأخذ في الاعتبار عدم احتكار هذا الحق من قبل أية فئة، وتأكيد حق الدولة في ممارسة سيادتها على كل الاراضي اللبنانية وواجبها في الدفاع عن الارض والشعب».

وقد عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الـ 11 امس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة. وقال وزير الاعلام طارق متري عقب الاجتماع: «وضعنا امامنا نصوصاً جديدة تحاول ان تعبر عن اتفاق حول المسائل التي حصل التباين حولها في الايام الماضية، لكننا لم نستكمل عملنا. نحن في حاجة الى المزيد من المشاورات، لكننا نسير في اتجاه الاتفاق على صياغات مقبولة من الجميع تحتاج الى المزيد من الوقت. وسنجتمع غداً (اليوم) عند الخامسة من بعد الظهر».

وأوفد رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري مستشاره داود الصايغ لنقل رسالة الى البطريرك الماروني نصر الله صفير في مقره الصيفي في الديمان (شمال لبنان). وتم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول «مجمل تطورات الاوضاع الراهنة ولاسيما منها ما يتعلق بانجاز البيان الوزاري والعقبات التي لا تزال تعترض صدوره». وكان الحريري قد استقبل مستشار رئيس الجمهورية النائب السابق ناظم الخوري وبحث معه في آليات اطلاق الحوار الوطني.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية ماريو عون إن «الاتفاق داخل لجنة صياغة البيان الوزاري لم يحصل بعد على كل الصعد. وثمة مواضيع اجتماعية واقتصادية وسياسية لا تزال عالقة حتى اللحظة» مستبعدا «إنجاز البيان اليوم (امس) على أمل أن تصل الأمور الى خواتيمها في أسرع وقت لأن الشعب اللبناني لم يعد يستطيع الانتظار». وأضاف: «نحن نرفض أي بيان وزاري لا يلحظ موضوع المقاومة»، متسائلا عن سبب عدم اعتماد الصيغة التي اعتمدت في البيان الوزاري السابق ومستغربا «التجاذب السياسي حول هذا الموضوع بدلا من الإلتفات إلى مواضيع أخرى من شأنها تحسين الاوضاع اللبنانية وخصوصا في حكومة عشرة أشهر».

ورأى النائب بطرس حرب أن «فريقا من وزراء الأقلية يرفض أن يأخذ في الاعتبار الموقف السياسي اللبناني والحالة اللبنانية بالنسبة الى سلاح المقاومة. وهذا الفريق متمسك بإقرار العبارة ذاتها التي وردت في البيان الوزاري للحكومة السابقة. بينما يعتبر فريق الأكثرية أن هناك ظروفا جديدة لا تسمح بإعادة النص ذاته، بل يجب إدخال تعديلات عليه لكي تصبح موضع إتفاق من دون أن يتناقض ذلك مع حق لبنان والدولة اللبنانية في مقاومة أي احتلال. وهذا ما لم يتم بعد. لا بل يتناهى إلينا حدوث نقاشات عقيمة حول الموضوع الاقتصادي والاجتماعي والتزامات الدولة اللبنانية تجاه العالم. وسمعنا كلاما عن النية بعدم احترام ما قامت به الحكومة السابقة، وللحكومة السابقة التزامات دولية. وليس بمقدور أية دولة تغيير رأيها كلما تغيرت الحكومة في التزاماتها تجاه الدول. وهذه الالتزامات لا يمكن إعادة النظر فيها، لأن لبنان يفقد مصداقيته بذلك ويلحق به ضرر كبير ينعكس على المواطنين وحياتهم وعلى القروض والمساعدات المالية، كباريس 3 مثلا».

واعتبر وزير السياحة ايلي ماروني انه «آن الاوان لوضع هذا العمل (البيان) موضع التنفيذ» متوقعاً ان «يكون لدينا مشروع بيان وزاري بين اليوم (امس) والغد (اليوم)». وعن الصيغة التي سترسو عليها «عقدة المقاومة» توقع ان «تصاغ العبارات بطريقة تحمل كل المعاني. وبالتالي الدخول في التفاصيل يكون على طاولة الحوار». وقال: «نحن سنستعمل العبارات التي من شأنها ان تحفظ ماء الوجه لكل الفرقاء. ومن ثم تحال التفاصيل والبحث في المسائل الخلافية الى طاولة الحوار».

وشدد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب ايلي كيروز على «ضرورة ان ينص البيان الوزاري على التوجه الى صوغ استراتيجية دفاعية للدولة اللبنانية بعيدا عن الضغط الذي يمكن ان يمارسه السلاح على البيان وعلى كل العملية السياسية وصولا الى الانتخابات النيابية». وقال: «ان البيان الوزاري يفرض نفسه عنوانا اساسيا في هذه المرحلة، لذلك لا نريد بيانا وزاريا جديدا يأخذ في الاعتبار كل التطورات التي حصلت ويأخذ بالاعتبار ابعاد هذه التطورات. ونقترح استعادة نص اتفاق الدوحة حرفيا». ودعا عضو كتلة الرئيس بري النائب عبد المجيد صالح، الى «انجاز البيان الوزاري بشكل هادئ ومنصف وغير مستفز لاحد، على ان يتضمن في طياته الثوابت الوطنية وفي مقدمها المقاومة التي حمت البلاد وحررت الارض واستعادت الاسرى واحيت الكرامة العربية وشكلت انتصارا يستنهض الارادة والوجدان في الامة». وقال: «من المعيب التنكر لانجازات المقاومة وانتصاراتها بعدما خرج البعض في استقبال الاسرى والجثامين وعاد ليتحدث عن سلاح المقاومة بأنه هو الخطر».