في محاكمة سائق بن لادن: العمل مع زعيم «القاعدة» كان قبل الحرب

المحلفون في غوانتانامو شاهدوا فيلما عن «القاعدة» ودفاع حمدان اعترض على بعض اللقطات

TT

بدأ المحامون عن السائق السابق الذي كان يعمل لدى أسامة بن لادن اول من امس في عرض دفاعاتهم الأساسية في محاكمته العسكرية: بأن الولايات المتحدة لم تكن تخوض حربا ضد «القاعدة» أثناء معظم فترة خدمته كسائق.

وقد أحضر فريق دفاع سالم أحمد حمدان إلى منصة الشهود خبيرا في القانون العسكري، الذي شهد أن «صراعا مسلحا» نشب بين الولايات المتحدة وتنظيم بن لادن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 الإرهابية. وفي هذا التاريخ، كان حمدان قد عمل مع بن لادن لمدة خمسة أعوام على الأقل.

ومن المحتمل أن تكون هذه مسألة قانونية مهمة في المحاكمة التاريخية، وهي أول محاكمة عسكرية تقام منذ الحرب العالمية الثانية. وتشير اتهامات التآمر للقيام بعمليات إرهابية الموجهة ضد حمدان إلى أنه انتهك «قانون الحرب». وإذا لم تكن الولايات المتحدة و«القاعدة» في حرب، كما يقول الدفاع، فعمل حمدان كأحد سائقي بن لادن السبعة ليس جريمة حرب.

وقد قال خبير الدفاع والأستاذ المساعد في كلية القانون بجامعة جنوب تكساس جيفري كورن أمام هيئة المحلفين العسكرية في مركز الاعتقال الأميركي في غوانتانامو: «ما أعتقده هو أن الصراع المسلح الذي وقع بين الولايات المتحدة و«القاعدة» بدأ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر».

وما زال المدعون يقدمون إدعاءاتهم ضد حمدان، الذي يواجه عقوبات قد تصل إلى السجن مدى الحياة إذا تمت إدانته. ولكن أدى كورن شهادته يوم الاثنين، لأنه لن يكون متاحا للإدلاء بها في وقت لاحق.

وأثناء استجواب الشاهد، أكدت جهة الإدعاء أن «القاعدة» بدأت في مهاجمة الأميركيين منذ عام 1991، عندما قامت بشن هجمات إرهابية في التسعينات وأقامت معسكرات تدريب في أفغانستان طوال تلك الفترة.

وبسؤاله إذا كان يعلم أن بن لادن أصدر فتوى دينية عام 1998 تدعو المسلمين إلى قتل الأميركيين، قال كون إنه علم هذا وأضاف: «سأسلم بأن هذا أمر يستحق النظر فيه».

واعترفت هيئة الدفاع عن حمدان، وهو أب يمني الجنسية لديه طفلان في الصف الرابع في التعليم، أنه عمل سائقا لدى بن لادن، ولكن قال المحامون إنه كان مجرد سائق، ولم يكن متورطا في الإرهاب. وتقول الحكومة إنه كان على دراية بتفاصيل الهجمات، إلا إذا كان ذلك بعد وقوعها، وإنه كان يحرس بن لادن وينقل الأسلحة. ووفقا للهجمات التي يواجهها، التحق حمدان بالعمل لدى بن لادن عام 1996، قبل الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي والبنتاغون بخمسة أعوام. ولكن، قال شهود الحكومة إن حمدان ساعد بن لادن على الهرب بعد الهجمات، وإنه ظل يعمل مع زعيم «القاعدة» حتى ألقي القبض عليه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2001.

وقد شهد كورن إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر جعلت الحكومة الأميركية تتحول من «نموذج تطبيق القانون» إلى «نموذج الصراع المسلح» في مواجهة «القاعدة». وقد نظرت العديد من قضايا الإرهاب في محاكم مدنية أثناء التسعينات، ولكن أكدت إدارة بوش انتهاج أسلوب أكثر عدوانية.

كما أعلنت وزارة الدفاع اول من امس أنها قد وجهت اتهامات إلى معتقل الحادي والعشرين. ويواجه عبد الغني اتهامات بمحاولة قتل وبدعم الإرهاب على قتال القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان.

وسوف يقرر مسؤول في البنتاغون ما إذا كانت هذه الاتهامات ستحال إلى محكمة عسكرية.

وشاهدت هيئة المحلفين في أول قضية في جرائم الحرب التي يتهم فيها أحد المعتقلين في معسكر غوانتانامو فيلما مدته تسعون دقيقة يعرض تاريخ تنظيم «القاعدة» اول من امس، وتضمن لقطات لجثث مشوهة وسط الأنقاض التي خلفها تفجير السفارة الأميركية في كينيا عام 1998.

وجاءت الصور المزعجة، ومن بينها صور لم تفرج عنها السلطات الأميركية من قبل، جزءا من الفيلم الذي أنتجه وروى أحداثه شاهد جهة الإدعاء بموجب عقد له مع مكتب اللجان العسكرية.

وقد كتب إيفان كولمان الفيلم وأنتجه وروى تسلسله، وهو يصف نفسه بالاستشاري العالمي في قضايا الإرهاب وقد أجرى أبحاثا لهيئات حكومية في الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية.

وقد حذر كابتن البحرية كيث أولرد، وهو القاضي الذي يترأس محاكمة سالم أحمد حمدان، هيئة المحلفين من أن الفيلم يعرض ليساعد على فهم عمليات «القاعدة»، وأن حمدان «ليس من المزعوم أنه متورط في أي من هذه الهجمات». وتضمنت معظم مشاهد الفيلم (خطة «القاعدة»)، عروض فيديو دعائية لجناح «القاعدة» الإعلامي، شركة السحاب، وقد صورت معظم لقطات الفيلم وأذيعت بعد القبض على حمدان في أفغانستان عام 2001. ويقال إن الفيلم صنع على نهج فيلم «خطة النازي»، الذي أنتج من أجل محاكمات نورينبرغ في أواخر الأربعينات.

وكان أولرد قد أصدر حكما في البداية بعدم السماح للحكومة بعرض آخر جزء من الأجزاء السبعة، حول هجمات سبتمبر. واتفق مع اعتراض الدفاع على أنه «مغرض أكثر من كونه إثباتا» للإدعاء.

وأخبر أولرد المدعي كلاي تريفت، وهو محامي مدني في وزارة الدفاع، أنه لا يريد تعريض هيئة المحلفين العسكرية المكونة من ستة أعضاء لحالة الهلع التي تتناولها المشاهد الأخيرة. ولكن القاضي غيّر رأيه بعد أن ظهرت صور لأجساد متفحمة ومشوهة في جزء يتناول تفجير السفارتين الأميركتين في شرق أفريقيا عام 1998، وعرض فيلم دعائي للقاعدة حول الهجوم الذي شنته على المدمرة كول عام 2000 لتفجيرات من صنع الكومبيوتر على بدن السفينة.

وعارض المحامي عن حمدان تشارلز سويفت عرض الفيديو، مؤكدا إنه «مغرض بدرجة كبيرة»، واتهم جهة الإدعاء «بمحاولة إرهاب أعضاء» هيئة المحلفين. وسلم كبير المدعين في المحكمة، الكولونيل لورنس موريس أن الفيلم مثير للمشاعر.

* خدمة «لوس إنجليس تايمز» و«واشنطن بوست» خاص بـ « الشرق الاوسط»