العاهل المغربي يجدد سياسة اليد الممدودة لحل نزاع الصحراء ويؤكد مواصلة المبادرات لتطبيع العلاقات مع الجزائر

أشاد في خطاب ذكرى الجلوس بهبة خادم الحرمين ورئيس دولة الإمارات لمواجهة مصاعب الطاقة

العاهل المغربي الملك محمد السادس وشقيقه الامير مولاي رشيد قبل إلقاء خطاب عيد الجلوس (تصوير : لينا ماب)
TT

اعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس عزمه على إقامة المؤسسة الدستورية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، حرصا على ضمان مشاركة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ضمن اطار مؤسسي في اقتراح السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وفي ايجاد هيئة دائمة للحوار الاجتماعي المسؤول. وكان إحداث المجلس الاقتصادي مطلب الطبقة السياسية في المغرب منذ التعديل الدستوري الاخير .

وفي نفس السياق أكد العاهل المغربي أهمية التأهيل السياسي الشامل في بلاده، مبرزا ثقته في تعميق الديمقراطية بانتظام الاستحقاقات الانتخابية وتكريس شفافيتها ونزاهتها من قبل كل الفاعلين.

وألح على ان النجاح في تلك الاستحقاقات يلقي على عاتق الفاعلين مسؤولية استخلاص الدروس من بعض الفجوات.

ودعا العاهل المغربي الى ضرورة المساهمة الفعالة للهيآت السياسية الجادة، في حمل ما اسماه مشعل الاصلاح والتحديث وانبثاق مشهد سياسي معقلن بأحزاب قوية، متكتلة في أقطاب متجانسة تنهض بدورها الدستوري في التأطير الناجع، والتمثيل الملتزم والتنافس الانتخابي الحر، على حسن تدبير الشأن العام.

وربط العاهل المغربي شمولية الاصلاح «بمواصلة التأهيل السياسي الشامل والمشاركة المواطنة في إنجازه الجماعي»، مبرزا أن أساس نجاح أي إصلاح يكمن في ترسيخ الثقة والمصداقية والتحلي بالأمل والعمل والاجتهاد وعدم الانسياق لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية، خاصة في الظروف الصعبة، مشيرا إلى أنه «مهما كانت محدودية النتائج الآنية فإن المبادرة والمثابرة والنفس الطويل، يجب أن تكون عماد تدبير الشأن العام».

واضاف العاهل المغربي ان بلاده نهجت خيار التنمية الهيكلية والبشرية في حرص على توازن مسارها الشاق والطويل، بحيث لا تتم التضحية بمستقبل البلاد وأجيالها الصاعدة لفائدة اعتبارات آنية أو ظرفية».

وتطرق العاهل المغربي الى نزاع الصحراء، وعبر عن إرادة المغرب الراسخة في مواصلة «نهج اليد الممدودة، بهدف إصلاح ذات البين وترسيخ الثقة، بالحوار والمصالحة الشاملة» مع الأطراف المعنية، معلنا ان المغرب سيواصل «اتخاذ المبادرات الصادقة والتجاوب مع كل الإرادات الحسنة من أجل تطبيع العلاقات المغربية ـ الجزائرية وإقامة شراكة بناءة مع هذا البلد الجار الشقيق»، مستحضرا قيم حسن الجوار بين المغرب والجزائر بغاية رفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل، بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز يعود إلى القرن الماضي.

وأضاف العاهل المغربي أنه «مهما كان اختلاف وجهات النظر في هذا النزاع، فإنه لا يبرر استمرار إغلاق الحدود كإجراء أحادي يعيشه الشعبان الجاران الشقيقان كعقاب جماعي يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ومستقبلهما المشترك، ومع مستلزمات الاندماج المغاربي».

وفي سياق متصل، جدد الملك محمد السادس استعداد المغرب للتفاوض الجوهري، بحسن نية، وعلى كافة المستويات، لإيجاد حل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء، مشيرا الى ان جهود دبلوماسية بلاده «أسفرت عن تطور إيجابي جوهري تجسد في تأكيد الإقرار الأممي بجدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب والدعم الدولي المتنامي لأحقية المملكة في سيادتها على صحرائها، وبعدم واقعية وهم الانفصال».

وأكد العاهل المغربي رفض أي محاولة لفرض امر الواقع أو المس بحوزة التراب المغربي. وابرز ان بلده سيواصل العمل من اجل توفير ظروف العودة الحرة للصحراويين المغتربين، حيثما كانوا، ورفع المعاناة عنهم وضمان الحياة الآمنة الكريمة لهم في أحضان الوطن الموحد، وفي نطاق اتحاد مغاربي مندمج بين دوله الخمس.

وفي سياق حديثه عن الاصلاحات حث العاهل المغربي على تحديث جهاز القضاء وصيانة استقلاله وتخليقه لتوفير مناخ الثقة والامن القضائي كمحفزين على التنمية والاستثمار.

ودعا الحكومة لبلورة مخطط مضبوط للاصلاح العميق للقضاء ينبثق من حوار بناء .

كما ابرز ضرورة النهوض بالقطاعات الاساسية للتعليم والفلاحة والطاقة والماء والنمو الصناعي.

وفي معرض حديثه عن الاكراهات التي يواجهها المغرب في مجال الطاقة، اشاد الملك محمد السادس بكل حرارة بالدعم الاخوي والتضامن الفعال الذي تلقاه المغرب من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، مؤكدا رصد هبة البلدين الشقيقين للصندوق الخاص لتنمية الطاقات البديلة ودعم البرامج الملتزمة بالنجاعة في اقتصاد الطاقة .

وفي مجال السياسة الخارجية عبر الملك محمد السادس عن الرغبة في مواصلة العمل على تكريس التضامن العربي الاسلامي الناجع، وترسيخ وضع متقدم مع اوروبا، واتحاد واعد من اجل المتوسط، واندماج افريقي ايجابي. كما جدد التزام المغرب لمواجهة الارهاب ونزوعات التطرف المقيت، مبرزا اسهامات المغرب في الجهود الاممية لفض النزاعات، مجددا دعم بلاده لوحدة الشعب الفلسطيني وكفاحه العادل من اجل قيام دولته المستقلة.