«سي آي إيه» تكشف عن صلات باكستانية بالمتطرفين في الشريط الحدودي

روابط بين الاستخبارات الباكستانية وشبكة جلال الدين حقاني قيادي طالبان

رجال أمن باكستانيون في نقطة مراقبة بمنطقة وادي سوات المضطربة التي شهدت معارك مع المتطرفين (أ.ب)
TT

قام مسؤول بارز بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بزيارة سرية للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، خلال هذا الشهر بهدف مواجهة كبار المسؤولين الباكستانيين بمعلومات جديدة حول وجود صلات بين وكالة الاستخبارات الباكستانية والعناصر المسلحة العاملة داخل المناطق القبلية من البلاد، حسبما أشار مسؤولون أميركيون في بالمجالين العسكري والاستخباراتي. وعرض مبعوث وكالة الاستخبارات الأميركية على المسؤولين الباكستانيين، أدلة تفيد بأن أعضاء من وكالة الاستخبارات الباكستانية، عمدوا إلى تعميق روابطهم ببعض الجماعات المسلحة المسؤولة عن تصاعد أعمال العنف داخل أفغانستان، والتي ربما يكون من بينها التفجير الانتحاري، الذي تعرضت له السفارة الهندية في كابول خلال الشهر الحالي، حسبما ورد على لسان المسؤولين. وعلى ما يبدو، يمثل القرار بمواجهة باكستان بما وصفه المسؤولون بأنه تقييم جديد صادر عن وكالة الاستخبارات المركزية حول أنشطة وكالة الاستخبارات الباكستانية أكثر التحذيرات الأميركية فظاظة لإسلام أباد، بخصوص الصلات القائمة بين بعض مسؤولي الاستخبارات الباكستانية والمسلحين الإسلاميين، منذ الفترة القصيرة التي أعقبت وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

ويشير التقييم الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية بصورة محددة، إلى وجود روابط بين أعضاء بوكالة الاستخبارات الباكستانية، المعروفة باسم إدارة الخدمات الاستخباراتية، والشبكة المسلحة التي يتزعمها مولوي جلال الدين حقاني، الذي يعتقد المسؤولون الأميركيون أن له صلة وثيقة بكبار أعضاء تنظيم «القاعدة» داخل المناطق القبلية الباكستانية. يذكر أن وكالة الاستخبارات المركزية اعتمدت بشدة على وكالة الاستخبارات الباكستانية في الحصول على معلومات حول المسلحين داخل الأراض الباكستانية، رغم المخاوف القائمة منذ أمد بعيد إزاء انقسام مشاعر الولاء داخل الوكالة الباكستانية التي ارتبطت بصلات وثيقة مع حركة طالبان في أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد تناولت في تقارير سبق نشرها مسألة احتفاظ ضباط وكالة الاستخبارات الباكستانية بروابط مهمة بعناصر مسلحة معادية لواشنطن. إلا أن وكالة الاستخبارات المركزية، وإدارة بوش، حرصتا بصورة عامة على تجنب توجيه انتقادات إلى باكستان التي يعتبرونها حليفاً جوهرياً في الحرب ضد الإرهاب.

من جانبهم، تناول الكثير من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الأميركيين زيارة ستيفن آر. كابيس، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، لإسلام أباد في إطار لقاءات صحافية أجريت معهم خلال الأيام الأخيرة. وأعرب بعضهم عن ترحيبهم بقرار وكالة الاستخبارات المركزية اتخاذ موقف صارم حيال تعاملات وكالة الاستخبارت الباكستانية مع الجماعات المسلحة. جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، يزور واشنطن حالياً لعقد لقاءات مع مسؤولي إدارة بوش. ورفض المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، جوردون دي. جوندرو، التعليق على ما إذا كان الرئيس بوش أثار هذه القضية خلال لقائه يوم الاثنين بجيلاني. من جهته، أكد جيلاني في لقاء أجراه معه برنامج ساعة إخبارية مع جيم لهرير يوم الثلاثاء، أنه يرفض أي تأكيدات بوجود صلات بين وكالة الاستخبارات الباكستانية والمسلحين، باعتبارها أمرا لا يمكن تصديقه. على الجانب الآخر، يقول المسؤولون الاستخباراتيون الأميركيون، إن شبكة حقاني والجماعات المسلحة الأخرى بالمناطق الحدودية الواقعة على امتداد الحدود الباكستانية ـ الأفغانية تقف وراء الهجمات ذات الطابع الفتاك والمعقد المتنامي داخل أفغانستان، علاوة على مساعدتها «القاعدة» على إقامة ملاذ آمن داخل المناطق القبلية. يذكر أن مارتن إي. دمبسي، القائم بأعمال قائد القوات الأميركية في جنوب غرب آسيا، قام بزيارة غير معلنة يوم الاثنين إلى المناطق القبلية في باكستان، في مؤشر آخر على مشاعر القلق الأميركية. ومن المعروف أن وكالة الاستخبارات الباكستانية تُبقي منذ عقود عدة، على اتصالات مع العديد من الجماعات المسلحة المتنوعة داخل المناطق القبلية الباكستانية ومناطق أخرى داخل البلاد، وذلك بهدف جمع استخبارات واستغلال هذه الجماعات بالوكالة للتمتع بنفوذ داخل كل من الهند وأفغانستان المجاورتين. ومن غير الواضح بعد، ما إذا كان مسؤولو وكالة الاستخبارات المركزية قد خلصوا إلى أن هذه الصلات بين مسؤولي الاستخبارات الباكستانية والجماعات المسلحة تحظى بالموافقة على أعلى المستويات داخل وكالة الاستخبارات والمؤسسة العسكرية الباكستانية، أم أنها تقتصر على عناصر مارقة داخل الجهاز الأمني الباكستاني. وفي الوقت الذي تناضل الحكومة المدنية الجديدة في إسلام أباد من أجل فرض سيطرتها على وكالة الاستخبارات، هناك مخاوف داخل واشنطن من احتمالات أن تصبح وكالة الاستخبارات الباكستانية أكثر قوة، عما كانت عليه عندما كان الرئيس مشرف مسيطراً على المؤسسة العسكرية والحكومة. جدير بالذكر أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع السابق، تمكن المسؤولون العسكريون والاستخباراتيون الباكستانيون من إحباط محاولة من قبل الحكومة لإخضاع وكالة الاستخبارات بصورة أكبر تحت السيطرة المدنية. وكان كابيس قام بزيارته السرية إلى إسلام أباد في 12 يوليو (تموز)، لينضم بذلك إلى آدم مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة من أجل عقد اجتماعات مع القيادات العسكرية والمدنية الباكستانية. وجاءت تلك الاجتماعات بعد أيام من مهاجمة انتحاري للسفارة الهندية في كابل، ما أسفر عن مقتل العشرات. من ناحيتها، وجهت الحكومة الأفغانية اتهاماً علنياً لوكالة الاستخبارات الباكستانية بالتورط في الهجوم، وهو اتهام لم تؤكده واشنطن. ويعتبر قرار توجيه كابيس لنقل رسالة إلى إسلام أباد بشأن وكالة الاستخبارات التابعة لها قراراً غير عادي، وربما يمثل مؤشراً على تدهور العلاقات بين الوكالة ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهي علاقة اتسمت منذ أمد بعيد بالشكوك والاعتماد المتبادل في آن واحد. من جهته، رفض المتحدثون الرسميون باسم البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية، التعليق على زيارة كابيس أو تقييم الوكالة لروابط الاستخبارات الباكستانية بالمسلحين. يذكر أنه من بين المسؤولين البارزين، الذين التقى بهم كل من مولن وكابيس في باكستان جيلاني ومشرف والجنرال أشفق بيرفيز ياني، رئيس هيئة أركان الجيش والمدير السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية، والفريق نديم تاج، المدير الحالي للوكالة. الى ذلك، أعلن الجيش الباكستاني امس أن المعلومات التي أوردتها «نيويورك تايمز» عن صلات بين الاستخبارات الباكستانية والمقاتلين الاسلاميين، «عارية عن الصحة» و«لا أساس لها».

وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال اطهار عباس «نرفض هذه المعلومات.. انها عارية عن الصحة ولا اساس لها». واضاف «اود ان اشدد على ان الاستخبارات الباكستانية هي وكالة استخبارات من الطراز الاول، اعتقلت العديد من عناصر القاعدة، بعضهم على صلة بمجرمين ومسؤولين عن اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»