مسؤولو استخبارات ومتمردون: زعيم «القاعدة» في العراق و15 من مساعديه غادروا إلى أفغانستان

مصدر عسكري عراقي: أبو أيوب المصري ورفاقه عبروا إلى إيران من بلدة زرباطية في 12 يوليو

جندي عراقي يحرس قاعدة عسكرية تحلق فوقها طائرة هليكوبتر اميركية في ضواحي بعقوبة بمحافظة ديالى امس (أ.ف.ب) وفي الاطار أبو أيوب المصري (رويترز)
TT

غادر زعيم تنظيم القاعدة في العراق مع العديد من كبار قادته العراق متجها إلى أفغانستان، وفقا لما قاله قادة التنظيم ومسؤولون بالاستخبارات العراقية. ويقول مسؤولون أميركيون إن هناك مؤشرات على أن «القاعدة» تصرف مجنديها الجدد عن الذهاب إلى العراق، حيث تعرض مقاتلوها هناك لهزائم كبيرة، ليذهبوا إلى أفغانستان وباكستان، حيث يبدو أنهم يحصلون على مكاسب.

وكتب البريغادير جنرال برايان كيلر، وهو مسؤول استخباراتي رفيع المستوى يعمل مع قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس، في رسالة إلكترونية: «نحن نعتقد أن القاعدة تقوم بإجراء لإعادة تقييم جدوى قتال مسلحيها في العراق وما إذا كان من الواجب أن يظل العراق مركزا لجهودها»، ولكن كيلر قال إن الاعتماد على مؤشرات تحويل سبل إرسال المجندين «لم تتحدد بعد»، وأن المسؤولين الأميركيين لا يتوفر لديهم دليل على أن كبار زعماء «القاعدة» بالعراق ذهبوا إلى أفغانستان. ويعترف بعض قادتها بأنها أصيبت بالضعف على مدى العام الماضي. فقد انخفض عدد المقاتلين القادمين من الخارج إلى العراق إلى 20 مقاتلا في الشهر، بعد أن كانوا حوالي 110 في الشهر في الصيف الماضي، و50 في الشهر بداية العام الحالي، وفقا لمحلل استخباراتي أميركي رفيع المستوى، اشترط عدم ذكر اسمه نظرا لطبيعة عمله. وأرجع بعض أعضاء «القاعدة» أزمات الجماعة إلى القيادة الفاشلة لزعيمها منذ عام 2006، وهو مصري الجنسية اتخذ أسماء مستعارة مثل أبو حمزة المهاجر وأبو أيوب المصري. وصرح بعض المقاتلين بأنهم أصيبوا بإحباط شديد بسبب المصري، لذا انفصلوا عنه أخيرا ليكونوا جماعة متمردة سنية خاصة بهم. وصرح عبد الله الأنصاري، زعيم «القاعدة» في العراق بالفلوجة، في حوار مع مراسل «واشنطن بوست» أن المصري سافر إلى أفغانستان عبر إيران، وكلف أبو خليل السوري، وهو اسم مستعار لزعيم آخر في الجماعة جاء إلى العراق عام 2003، بإدارة التنظيم في غيابه. وأضاف: «أنا لا أعلم ما إذا كان سيعود أم لا»، في إشارة إلى المصري. وصرح العقيد حاتم عبد الله، وهو مسؤول استخباراتي عراقي في الرمادي، مركز محافظة الأنبار أنه يعتقد أن المصري ومقاتلين آخرين من الخارج قد عبروا إلى إيران في الثاني عشر من يونيو (حزيران) عبر بلدة زرباطية الحدودية. وأضاف أن هذه المعلومات تعتمد على التحقيقات التي أجريت مع أعضاء «القاعدة» في العراق إلى نحو ما. وقال أحد المعتقلين، أبو عبير المهاجر، وهو زعيم في الرمادي، ويعتقد أن اسمه الحقيقي إبراهيم صالح حسن الفهداوي، بعد اعتقاله في التاسع من يوليو (تموز) الحالي إن المصري سافر عبر إيران ومعه 15 قائدا، وفقاً لتقرير وحوار أجري مع ضابط الشرطة نهاد جاسم محمد صالح، وهو الذي قام باستجواب الفهداوي. وذكر مكي فواز الملهمي، وهو أحد زعماء الجماعة في شمال الفلوجة، في حوار مع مراسل «واشنطن بوست» أن المصري غادر العراق مرتين من قبل وكان يذهب ليجتمع بـ«بعض الإخوة» في أفغانستان. «وتسري إشاعات بأنه هرب، ولكن هذا ليس صحيحاً. لقد سافر فقط»، هذا ما قاله فواز، الذي اتهم الحكومة الأميركية بنشر هذه الإشاعة لتؤثر في الروح المعنوية للجماعة. سيعود إلى العراق في أي وقت يشاء، كما فعل من قبل.

المصري «لم يهرب أو يعطينا ظهره أو ينسحب من القاعدة في العراق»، هذا ما قاله علي القيسي، 32 عاما، وهو قائد وحدة التجنيد الذي فقد إحدى ساقيه أثناء معركة مع القوات الأميركية في سامراء. «لقد أعلمنا بأنه غادر العراق متجها إلى أفغانستان لعدة أسباب، مثل النظر في وضع القاعدة في العراق مع (أسامة) بن لادن». وفي اجتماع يوم الثلاثاء، نظمته القيادة العسكرية الأميركية في بغداد، صرح محلل استخباراتي رفيع المستوى أنه لم يجد أية دلائل تشير إلى موقع المصري منذ شهر يناير (كانون الثاني)، عندما كانت الولايات المتحدة تعتقد أنه كان في العراق. وصرح الكولونيل ستيفن بويلان، المتحدث باسم ديفيد بترايوس: «إن تقديرنا الحالي هو أنه سيظل في العراق». ويستمر بعض المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى في القول إن المصري لقيَّ مصرعه العام الماضي، ولم يؤكد الجيش الأميركي هذا الأمر. ولكن صدر إعلانٌ رسميٌّ لزعماء «القاعدة» بالعراق يوضح أن المقاتل المعروف باسم أبو خليل السوري كلف بدور القيادة في الجماعة. ووقع على هذه الوثيقة، التي يعود تاريخها إلى 10 يوليو، السوري بدلا من المصري، الذي كان توقيعه دائما ما يذيل هذه الوثائق. والسوري، الذي لا يُعرف على نطاق واسع خارج العراق، أحد أفراد مجموعة مكونة من 33 مقاتلا تعرف باسم «الصف الأول»، وجاء إلى العراق عام 2003 مع أبو مصعب الزرقاوي، مؤسس «القاعدة» في العراق، وفقا لما رواه الملهمي زعيم شمال الفلوجة. ووصف السوري بـ«الرجل الثاني» بـ«القاعدة».

وقال أبو طه اللهيبي، وهو زعيم «القاعدة» في الأنبار، والذي انشق عن الجماعة أخيرا، إنه يعتقد أن هذا الإعلان دليل على أن المصري غادر العراق. وكان من المحتمل أن يحل محله شخص آخر. وذكر اللهيبي، الذي كان يعمل فنيا سابقا بالقوات الجوية العراقية، وهو الآن بالأربعينات من العمر، أن أحد الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها المصري هو مهاجمته الشرسة لحركة الصحوة، التي انضم إليها المتمردون السنة السابقون الذين يحصلون على رواتب من الجيش الأميركي، بدلا من محاولة استعادة تأييدهم. وتسببت الهجمات التي لا تميز المدنيين في خسارة الجماعة لتأييد السكان السنة المحليين، كما قال اللهيبي. وقال: «إن خسارة القاعدة لتأييد السنة مثل عدم قدرة الإنسان على شرب الماء. وبسبب ضعف شخصية المصري وقيادته، ضعفت «القاعدة» بالعراق وانقسمت وفقدت تأييد السنة». وفي بداية هذا الشهر، صرح اللهيبي أن مقاتليه لن يدينوا بالولاء والطاعة للمصري، وأنهم ينسحبون من «القاعدة»، بسبب «الكراهية المتزايدة ضدهم من السنة جراء العمليات غير المفيدة التي تجاهلت العدو الحقيقي، وهي رأس الشر، الولايات المتحدة». وأطلقت المجموعة المنشقة على نفسها اسم أبو أنس الشامي، الذي كان مقاتلا في العراق. ويقولون إنه قتل على أيدي القوات الأميركية. وأعلنت أيضا أنها ستوقف العمليات الانتحارية، ليعرف الناس الفرق بين هذه المجموعة الجديدة و«القاعدة» في العراق.

وفي إشارة لما يصفه المسؤولون الأميركيون بالنجاح الذي حققوه في القضاء على المتمردين السنة داخل العراق، توصل الجيش الأميركي أخيرا إلى هوية أحد زعماء «القاعدة» بالعراق خارج البلاد كهدف مهم، وفقا لما قاله المحلل الاستخباراتي الأميركي. وتم التعرف إلى الزعيم أبو غادية، وهو الاسم الذي يتخذه عضو «القاعدة» المولود في الموصل. ويقال إن اسمه الحقيقي هو بدران تركي هيشان المزيدي، في شهر فبراير (شباط) كأحد كبار زعماء «القاعدة» بالعراق، وهو موجود في سورية، ويتحكم في تدفق أغلبية مقاتلي الجماعة القادمين من الخارج، والأموال، والأسلحة إلى العراق، وفقا لمسؤولين في الاستخبارات الأميركية. وصرح كيلر، المسؤول الاستخباراتي رفيع المستوى، أنه ما زالت هناك بعض الشكوك حول تحويل مسار المقاتلين. وأضاف في رسالته الإلكترونية: «ما زلنا نصارع التساؤل حول ما إذا كان هذا يمثل تحولا استراتيجيا من جانب «القاعدة». نعرف أن زعماءها لن يستسلموا تماما في العراق، ولكن قد يجدون في المستقبل أن أفغانستان، أو أي موقع آخر يتم تحديده، مكانا يمكنهم استخدام مواردهم فيه بشكل أفضل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»