اللبنانيون يتوقعون أن يعوضهم السياح العرب بتمديد إقاماتهم حتى نهاية شهر رمضان

الأحداث السياسية والأمنية أخرت الموسم واتفاق الدوحة أنقذه

أحد مطاعم الوسط التجاري في مدينة بيروت، يضج بالرواد في ما يقول اللبنانيون إنه أفضل موسم سياحي يشهدونه منذ عام 2004 («الشرق الأوسط»)
TT

«لو لم يحصل اتفاق الدوحة برعاية عربية ودولية لكان الموسم السياحي هذا العام انضم الى الموسمين السابقين، اللذين عطلتهما الاحداث السياسية والامنية». هذه الكلمات تكاد تكون على السنة جميع اصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهي والشقق المفروشة ووكالات السفر والسياحة، ومكاتب تأجير السيارات، وغيرها من المؤسسات المعنية بالقطاع السياحي.

وبالفعل ما ان ترجم الاتفاق المذكور بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، حتى بدأت حجوزات السفر الى بيروت تتوالى، من المغتربين بالدرجة الاولى في اوروبا واميركا واستراليا والخليج، ومن ثم من الرعايا الخليجيين الذين اعتادوا على تمضية اجازاتهم في لبنان.

وحيال هذه الهجمة، سارعت المؤسسات السياحية الى تهيئة نفسها لاستقبال الموسم لعلها تعوض بعض خسائر الموسمين السابقين. ووزارة السياحة من جهتها قامت بما عليها من نشاط ترويجي، لاسيما من خلال تبنيها مهرجان «بحبك يا لبنان 2008»، الذي نظمته شركة «آراء للبحوث والاستشارات». ويقول المدير الاقليمي للشركة طارق عمار: «ان المهرجان يستهدف العرب عموما والخليجيين خصوصا لحضهم على المجيء الى لبنان، ليس فقط للزيارة، بل لتمضية فصل الصيف في ربوعه». وفي اطار المهرجان نفسه توجهت وفود سياحية الى اكثر من بلد خليجي.

وقد بلغت ذروة الحجوزات عقب انتخاب رئيس الجمهورية: «ولو ان كل هذه الحجوزات نفذت لامتلأت كل الفنادق في بيروت والمصايف»، كما قال رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار اشقر لـ«الشرق الاوسط»، عازيا بعض الالغاءات الى تعثر تأليف الحكومة واحداث طرابلس الدموية. وتأتي هذه الالغاءات لتضاف الى تأخر بدء الموسم السياحي، في الوقت الذي يبدأ هذا الموسم في دول المنطقة الاخرى في مايو (ايار)، وهو الشهر الذي كان فيه لبنان في أوج ازمته، مع اقفال طريق المطار وما تركه من تأثير على المناخ السياحي العام.

وعلى الرغم من البداية المتعثرة والمتأخرة للموسم السياحي واستمرار التجاذب السياسي حول البيان الوزاري يمكن القول ان الموسم ناجح الى حد بعيد، قياسا بالسنوات الثلاث الاخيرة. فوزارة السياحة مثلا احصت 473574 سائحا في النصف الاول من العام الحالي، بزيادة نسبتها 14.94% عن السنة الماضية، ترتكز بصورة خاصة على اداء شهر يونيو (حزيران) الذي سجل 136853 سائحا منهم 45396 من الرعايا العرب بزيادة 97.47% عن الشهر نفسه من العام الماضي، وبنسبة الضعف على اساس سنوي.

وتقول ريتا مسعد مديرة العلاقات العامة في مجموعة «حبتور سيتي» لـ«الشرق الاوسط»: «الحجوزات عندنا تفوق 80%، ومعظم النزلاء من السعودية والكويت والامارات. صحيح اننا لم نتلق الغاء حجوزات، لكن الصحيح ايضا ان الموسم بدأ متأخرا، وفعليا في مطلع يوليو (تموز). وكنا قد اعددنا انفسنا لاستقبال موسم مزدهر، فتحنا كل المطاعم، وحضرنا البرامج الاسبوعية المتنوعة. كما فتحنا مدينة حبتور لاند الترفيهية على مدار الاسبوع، ما خلا الاثنين، ومع معدل 1500 زائر يوميا نصفهم من الرعايا العرب». وتؤكد سعد، مع ذلك، ان هذا الموسم هو الانجح منذ افتتاح المدينة في عام 2004.

ويقول حبيب سعد مدير العلاقات العامة في فندق السفير لـ«الشرق الاوسط»: «بلغت نسبة الاشغال في فندق بحمدون نحو 95% هذا الموسم ومرشح للتحول الى 100%، خصوصا مع وجود حجوزات كثيرة من الرعايا الخليجيين، وقد تصل هذه الحجوزات احيانا الى اكثر من 100%، فنضطر لانزال بعض الزبائن في فنادق اخرى، كما حصل معنا في سفير بيروت». ويرجح سعد ان يمدد الخليجيون اقاماتهم في لبنان حتى نهاية شهر رمضان المقبل، لان اجازاتهم في بلدانهم تمتد حتى هذا التاريخ، و«بذلك يعوضون عن بعض التأخر في القدوم الى لبنان بسبب الظروف التي مر بها، علما بان اخواننا الخليجيين كانوا يغادرون في منتصف سبتمبر (ايلول) عادة».

ومن مصيف بحمدون في جبل لبنان الى مصيف زحلة في البقاع، حيث يقول مسؤول في اوتيل القادري الكبير لـ«الشرق الاوسط»: «لقد شهدنا منذ بداية يونيو زيادة في الحجوزات بنسبة 20%، وهي تبلغ حاليا فوق 60% اسبوعيا و100% في نهاية الاسبوع». ويضيف: نحتاج الى ثلاثة مواسم سياحية ناجحة كي نعوض خسائرنا منذ عام 2005.

وعلى صعيد المطاعم يقول بول عريس رئيس نقابة اصحاب المطاعم لـ«الشرق الاوسط»: صحيح ان الموسم تأخر، ولكنه يبقى افضل بكثير من السنتين السابقتين. وهذا مهم معنويا وماديا».

وما حصل للمطاعم حصل مثله للمسابح التي كان بعضها يُتوقع بقاؤه مقفلا عندما بدأ الموسم السياحي، لكن التطورات الايجابية التي حصلت دفعتهم الى فتح ابواب مسابحهم مجددا. وهذه حال مسبح «اوكاب» شمال مدينة صيدا. غير ان قطاع الترفيه كان اكثر ازدهارا، لانه يعتمد على الزبائن المحليين والمغتربين الذين قدموا باكرا، فضلا عن السياح، كما تقول دينا ناصر مديرة التسويق والمبيعات في الـ«ويفز». والشيء نفسه بالنسبة الى «سبلاش ماونتن».

ويمكن القول ان قطاع تأجير السيارات يتأثر كثيرا بتأخر الموسم السياحي لانه يعتمد على المغتربين بصورة اساسية، الذين وفدوا بكثرة هذا الصيف. احد هذه المكاتب يملك 30 سيارة باتت محجوزة كلها من اول يوليو (تموز) وحتى نهاية اغسطس (آب). والتجار يبدون تفاؤلا ظاهرا. ويقول رئيس جمعية تجار بيروت نديم عاصي لـ«الشرق الاوسط»: الموسم بدأ جيدا. حملات الترويج على قدم وساق، والزبائن يتزاحمون في المحال التجارية والمولات معوضين عن السنوات العجاف الاخيرة.

واذا كان معظم السياح من المغتربين والرعايا العرب، فان الاوروبيين كان لهم حضور واضح هذا الصيف، بحيث بلغ عددهم في يونيو 383374 زائرا. الا ان هؤلاء يفضلون نوعا آخر من الاقامة كغرف الضيافة. وفي هذا المجال يقول اورفيوس حداد صاحب مؤسسة «الضيافة اللبنانية» لـ«الشرق الاوسط»: نحن نعرض نحو 30 غرفة ضيافة في مختلف انحاء لبنان، تشغل اقساما من منازل اللبنانيين التراثية. وهذا النوع من الاقامة هو ما يحظى باهتمام الاوروبيين الذين باتوا يشغلون اكثر من 60% من الغرف المعروضة التي يتقاسم فيها الصيف الحياة والعادات والثقافة مع المضيف. يبقى ان نشير الى انه اذا اعتبرنا الموسم الناجح بمعيار موسم العام 2004، نستطيع القول ان هذا الموسم هو الموسم الناجح الاول منذ ذلك العام.