عرب كركوك لــ«الشرق الأوسط»: سنقاوم ضم كركوك إلى كردستان .. ولن نلجأ للعنف إلا دفاعا عن النفس

السياسي الكردي نوشيروان مصطفى: ما جرى في البرلمان ومجلس المحافظة لعبة ديمقراطية وليس انقلابا

نوشيروان مصطفى أمين رئيس مؤسسة وشة الكردية الاعلامية.. حسين علي ابوصدام رئيس مجلس قضاء الحويجة والى يمينه راكان سعيد نائب محافظ كركوك في اجتماع للكتلة العربية بمجلس المحافظة (تصوير: كامران نجم)
TT

اثارت المذكرة التي تقدم بها التكتل الكردي في مجلس محافظة كركوك الى البرلمان العراقي خلال اجتماعه غير الاعتيادي المنعقد اول من امس والمتضمنة مطالبة القوى الكردية وبعض حليفاتها من الاحزاب التركمانية والشخصيات العربية المنضوية في اطار قائمة «كركوك المتآخية» بضم المحافظة اداريا الى اقليم كردستان، موجة من ردود الفعل العنيفة لدى القوى العربية المتمثلة بالتجمع الوطني العراقي والقوى التركمانية المنضوية في اطار الجبهة التركمانية التي وصفت المطالبة بانها خرق للدستور والقانون وانتهاك صارخ لحقوق القوميات غير الكردية في المحافظة.

وعن طبيعة القرار وما اذا كان الامر مجرد قرار سياسي للقيادة الكردية او تعبيرا حقيقيا عن ارادة سكان المدينة، واسباب اعلانه في هذا التوقيت بالذات يقول السياسي الكردي المعروف نوشيروان مصطفى امين الرجل الثاني سابقا في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني «ان توقيت اعلان القرار كان سليما، وفي اعتقادي ان المسألة في حد ذاتها قانونية ودستورية رغم انها تتسم بجانب سياسي، على غرار قانون انتخاب مجلس محافظة بغداد الذي يحمل طابعا قانونيا من حيث المظهر في حين يستند بالاساس الى جذور سياسية، اي ان مسألة كركوك ايضا هي قضية سياسية في الاساس لكنها تنضوي في اطار قانوني ودستوري، يجيز لثلث اعضاء مجالس المحافظات في البلاد، مطالبة مجلس الوزراء العراقي بتشكيل اقليم اتحادي جديد او الانضمام الى اقليم آخر في اطار الجمهورية العراقية، وهو حق دستوري كفله الدستور للجميع».

وحول ما اذا كانت القيادة الكردية قادرة على تنفيذ قرار ضم كركوك الى كردستان، قال امين الذي يرأس مؤسسة «وشة» (الكلمة) الكردية الاعلامية الضخمة التي تتخذ من السليمانية مقرا لها في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بامكانكم توجيه هذا السؤال الى القيادة الكردية، ولكن في اعتقادي انها قادرة فعلا على تنفيذ القرار المذكور». وعن كيفية التنفيذ وآليتها واحتمالات لجوء الكرد الى السلاح ثانية لضم كركوك قال امين «في السابق كان الكرد يلجأون الى حمل السلاح والمقاومة المسلحة للمطالبة بحقوقهم القومية المشروعة نظرا لغياب الوسائل الديمقراطية والقانونية والبرلمانية، اما الان وفي ظل العراق الجديد ولحسن الحظ فهناك مجالس منتخبة في بغداد وكركوك وسائر المحافظات الاخرى وهناك قوانين ذات صلة، وبنود دستورية يلجأ اليها الكرد في هذه المرحلة للمطالبة بحقوقهم القومية». واستطرد امين معلقا على القرار الذي اتخذه البرلمان العراقي والذي وصف من جانب الكرد بالانقلاب السياسي قائلا «لست احبذ تفسير الامور بمنطق المؤامرة السياسية، بل اعتبر ما جرى في البرلمان العراقي نوعا من اللعبة الديمقراطية الجارية في البلاد، وليس انقلابا سياسيا او انقلابا على الدستور، اذ بامكان اية من الكتل السياسية الاتفاق مع كتل اخرى لتمرير مشاريع القوانين مثلما بامكان الكتل الاخرى معارضتها او دحضها او اللجوء الى المحكمة الدستورية العليا في البلاد اذا تعذر حسم الموضوع»، وتابع «اعتقد بان القيادة الكردية قد اخذت الكثير من الدروس والعبر من تجاربها مع النظام السابق وطبيعة تعامله مع الكرد والاقليات القومية في العراق، لذلك ينبغي لها ان لا تكرر تلك التجارب المريرة على صعيد تعاطيها مع قضايا الاقليات في كردستان وبالذات مع التركمان، فانا شخصيا اويد منح ضمانات دستورية للتركمان بغية تأمين حقوقهم القومية والثقافية والاجتماعية سواء في كركوك او في عموم العراق».

اما عبد الله سامي العاصي رئيس كتلة التجمع الوطني العراقي العربية في مجلس محافظة كركوك فقد اكد ان القوى العربية وجميع سكان كركوك من العرب والتركمان ترفض قرار وفكرة ضم كركوك الى اقليم كردستان رفضا باتا، لأن قرار الضم ليس من صلاحيات مجلس المحافظة اصلا ، واضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان الكتلتين العربية والتركمانية تقدمتا بطلب فوري وعاجل الى الحكومة المركزية والبرلمان العراقي للتدخل السريع في الامر بغية اجهاض ذلك القرار ، والابقاء على كركوك مدينة عراقية لكل العراقيين، مشددا على ان الشعب العراقي كله ينبغي ان يشارك في تحديد وحسم مصير كركوك وليست قومية او فئة معينة واحدة.

هذا الموقف ايده تماما حسين علي ابوصدام رئيس مجلس قضاء الحويجة اكبر البلدات العربية التابعة لكركوك قائلا «ان قرار ضم كركوك الى كردستان غير قانوني ولا يمكن ان ينفذ على الارض اطلاقا، لأنه ينطوي على كثير من الجهل والتجني على العراق عموما واهل كركوك بشكل خاص وعلى العرب والتركمان فيها بشكل اخص»، وتابع «ان الاكراد يسعون في كركوك الى اثارة الفوضى والفتنة الطائفية لتحقيق اطماع عنصرية سوف لن تحقق غاياتها ابدا». وقال ابو صدام «نحن سنلجأ الى اتخاذ كل السبل القانونية والدستورية المتاحة امامنا لإجهاض ذلك القرار الاحادي الجانب الذي لا يمثل ارادة العرب والتركمان في كركوك مطلقا، وندعو الحكومة المركزية الى ممارسة دورها واداء واجبها في هذا الخصوص». واستطرد رئيس مجلس قضاء الحويجة قائلا «ان ضعف الحكومة المركزية اتاح المجال امام الاكراد لاستغلال الوضع لانتزاع مكاسب معينة، لكننا سنقاوم هذه الحالة بكل السبل القانونية المتوفرة ولو ارغمنا على الجنوح الى خيارات اخرى لا سمح الله فنحن لها»، وفي رده على مواقف الجانب الكردي الذي يؤكد انه مارس حقه الدستوري في اعلان انضمامه الى اقليم كردستان قال ابوصدام «ليست ذلك ممارسة لأي حق دستوري فالاكراد يريدون ان يثبتوا بانهم يشكلون اغلبية سكان كركوك عبر الاستعانة بمئات الالاف من الكرد القادمين من السليمانية واربيل، وحتى لو صح كونهم الاغلبية فهل يعطيهم ذلك الحق في هضم حقوق مئات الآلاف من العرب والتركمان في المحافظة ؟» وتابع يقول «ان ما فعله الاكراد هو اكبر طغيان واخطر انتهاك لحقوق الاخرين»، مؤكدا بان من واجب الحكومة المركزية في بغداد الاستجابة لمطالب العرب والتركمان وتأمين الحماية لهم في كركوك، وقال «ان لم تفعل الحكومة ذلك فلدينا وسائلنا وخياراتنا الخاصة بهذا الصدد وهي في مجملها خيارات سلمية وغير مؤذية اما اذا فرض الاخرون العنف علينا فان الدفاع عن النفس سيكون واجبا مقدسا، لذلك نرجو من الله ان يهدي الجميع الى طريق الرشاد اما نحن فلا يمكن مطلقا ان نتنازل عن حقوقنا التاريخية في كركوك مهما كلفنا ذلك من ثمن».