مجلس الأمن يمدد عمل قوة السلام بدارفور عاما وسط احتجاج أميركي

الخرطوم تقول إن القرار روتيني .. والمتمردون ينتقدون قلق الأمم المتحدة بشأن المحكمة

جندي رواندي تابع لقوات الأمم المتحدة - الاتحاد الافريقي يحرس طائرة هليكوبتر في غحدى قرى دارفور (رويترز)
TT

وافق مجلس الأمن امس على تمديد مهمة قوة السلام المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لمدة عام في دارفور، بعدما ناقش المسألة الشائكة المتصلة باحتمال توجيه تهمة ارتكاب إبادة إلى الرئيس السوداني عمر البشير، في ظل انتقادات أميركية لقرار المجلس لم ترقَ إلى نقض القرار. وصوّت 14 من أعضاء المجلس الخمسة عشر على القرار البريطاني الذي يقترح تمديد مهمة قوة السلام فترة سنة، ابتداء من الخميس بعد انتهاء هذه المهمة. وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

ولم تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) لإحباط مشروع القرار، لكنها امتنعت عن التصويت عليه الأمر الذي ساعد على إقراره، بعد أن انتقدت النص الذي صاغته بريطانيا لأنه لمح إلى آمال الأفارقة في أن يوقف المجلس إصدار أية لائحة اتهام للرئيس السوداني من جانب المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية في دارفور.

وأعرب نص قرار مجلس الأمن عن الهواجس التي أعلن عنها الاتحاد الأفريقي في الـ 21 من يوليو (تموز)، وكان الاتحاد قد طلب من مجلس الأمن تعليق إجراء المحكمة الجنائية الدولية الذي يستهدف البشير، «حتى لا تتأثر» عملية السلام في السودان. لكن الوفد الأميركي قدم خلال المناقشات، التي سبقت تمرير القرار، اعتراضات على التسوية التي تم التوصل إليها الأربعاء، كما ذكر دبلوماسيون. وقال ريتشارد غرينل المتحدث باسم الوفد الأميركي في الأمم المتحدة، ملمحا إلى البشير، إن «مجرد ذكر المحكمة الجنائية الدولية في النص يبعث إشارة سيئة إلى رجل أشرف على إبادة». وقال السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة «بلادنا يسعدها اعتماد مجلس الامن للقرار الخاص بتجديد التفويض والولاية الخاصة بالعملية المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور» وهي الولاية التي تضمنها قرار مجلس الأمن رقم 1769 والذي فتح مجالاً رحباً للتعاون المشترك بين السودان والاتحاد الافريقي والامم المتحدة.

وفي الخرطوم، قال علي الصادق المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية إن قرار مجلس الامن الصادر أمس حول دارفور كان امرا متوقعا، ووصف الصادق القرار بانه روتيني.

وأضاف الصادق في تصريح للاذاعة السودانية الرسمية أن القرار ما كان ليجد اهتماما من العالم لولا صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية. وقال إن الموقف الرسمي للحكومة تجاه قرار مجلس الامن يقوم علي الغاء المجلس لقرار المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير. وأضاف بأن السودان لن يقبل بغير الغاء القرار، مؤكدا رفض السودان لفكرة التأجيل. وقال ان مجلس الامن اخذ علما برفض كل الجهات الداخلية والخارجية لقرار المحكمة الجنائية ضد المشير البشير.

ومن جهتهم انتقد متمردو دارفور امس قرارا لمجلس الامن الدولي يربط بين قوة حفظ سلام مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي ومخاوف افريقية بشأن تحرك لاتهام الرئيس السوداني بجرائم حرب. لكن المتمردين قالوا ان القرار ليس انتصارا للخرطوم وحثوا المنظمة الدولية على دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية التي سعت الشهر الماضي الى استصدار أمر اعتقال للرئيس عمر البشير بتهم الابادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم بحق الانسانية في غرب البلاد.

وقال عبد الله حران المسؤول السياسي بحركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد النور في تصريحات لرويترز من دارفور «ما كان يجب أن يربطوا بين القضيتين الامنية والقانونية في دارفور .. هذا أمر يتعلق بالعدالة الدولية».

وأبدى الاتحاد الافريقي والجامعة العربية مساندتهما للسودان قائلين ان خطوة المحكمة الجنائية الدولية قد تهدد عملية السلام. لكن جماعات الحقوق أشادت بها باعتبارها ضربة موجهة للافلات من العقوبة.

وأراد السودان وحلفاؤه أن يعلق أيضا قرار تجديد تفويض قوة حفظ السلام المشتركة تحقيق المحكمة الجنائية الدولية لكن جرى التعهد بمناقشة الامر كحل وسط. وقال شريف حرير من حركة تحرير السودان ـ قيادة الوحدة ذات النفوذ «لم يقدموا التزاما كاملا بالقول حقا انهم سيرجئون عمل المحكمة.. انه ليس انتصارا للخرطوم». وأبلغ سليمان صندل نائب رئيس أركان حركة العدل والمساواة رويترز من دارفور أن على مجلس الامن أن ينظر الى قلق الدول العربية والافريقية في سياق مخاوفها الخاصة من محاسبتها دوليا عن جرائم بحقوق شعوبها.

وقال «كل هذه الدول ديكتاتوريات والكثير منها ينتهك حقوق الانسان ويرتكب جرائم بحق شعوبه.. انها تخشى أيضا من اتهامها ومحاكمتها».

ويستطيع مجلس الامن الدولي تعليق تحقيق المحكمة الجنائية الدولية 12 شهرا اذا استشعر أنه يضر السلام في المنطقة، لكن الدول الغربية تظهر عزوفا عن خطوة كهذه.