جدل بين نشطاء حقوق الإنسان حول ممارسة التعذيب من عدمها في السجون الجزائرية

قسنطيني: السلطات تحارب الظاهرة منذ أن أصبحت جنحة بموجب قانون العقوبات

TT

يحتدم في الأوساط القانونية والحقوقية بالجزائر، جدل حاد حول ملف التعذيب بين ما يتهم السلطات بـ«تعميمه» في مخافر الشرطة ومراكز الأمن، وبين من يعتقد أن الكلام عن التعذيب «مبالغ فيه» ويدافع عن مقاربة السلطات لمسألة الدفاع عن حقوق الإنسان.

واتهم المحامي فاروق قسنطيني رئيس «اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان»، التي تتبع لرئاسة الجمهورية، زميلين له يقودان هيئة حقوقية معارضة، بـ«المبالغة في الحدث عن التعذيب». ودعاهما إلى تقديم الادلة التي تثبت سوء معاملة الاشخاص في السجون ومخافر الشرطة.

وقال قسنطيني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه «لم يفهم لماذا يتهجم مصطفى بوشاشي وعلي يحيي عبد النور ضد هيئات الدولة»، في إشارة إلى مضمون مؤتمر صحافي عقده المحامي بوشاشي رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان»، والمحامي عبد النور رئيسها الشرفي أول من أمس، تناولا فيها «غض القضاة الطرف عن شكاوى بالتعذيب رفعها إليهم ضحاياه خلال محاكمتهم».

وأوضح قسنطيني الذي كلفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإعداد تقارير دورية عن أوضاع حقوق الانسان محليا، أنه «يحترم الزميلان المحاميان لكنني أختلف معهما في مسألة التعذيب»، وأضاف: «في الوقت الذي خفَت حدة انتقادات المنظمات الدولية الحقوقية ضد الجزائر، يخرج علينا ناشطان جزائريان بحديث عن تعذيب لا وجود له برأيي، وإذا كانت الظاهرة معممة فعلا كما يزعمان، عليهما بتقديم الدليل». وأعاب قسنطيني على المعارض المخضرم علي يحيي عبد النور «تساهلا في توجيه التهمة لأعوان الدولة، ولا بد له أن يدرك بأن الدولة هيئة محترمة ومصالح الأمن هيئة محترمة». مشيرا إلى أن الحقوقيين «لم يذكرا من هم ضحايا التعذيب، هل الاشخاص العاديين أم الارهابيين؟».

ومن بين ما ورد في اتهامات بوشاشي وعبد النور، المحسوبين على أقدم حزب معارض يدعى «جبهة القوى الاشتراكية»، أن الرابطة تلقت شكاوى كثيرة عن التعذيب في المدة الاخيرة. وقال أحدهما أن التعذيب «أضحى سياسة منظمة وليس أفعالا معزولة كما تدعيه السلطات». وشجب بوشاشي في نفس السياق «رفض وزارة العدل إعادة إدماج قضاة في مناصبهم، برَأهم مجلس الدولة (أعلى محكمة إدارية) من التهمة التي أدت إلى فصلهم من القضاء».

وذكر قسنطيني أن السلطات «تحارب ظاهرة التعذيب منذ أن أصبح جنحة خاصة، بموجب قانون العقوبات الذي صدر في 2002 حيث يهدد القانون أعوان الدولة بعقوبات شديدة في حال ثبوت تهمة التعذيب ضدهم». ولاحظ أن ممارسة التعذيب «تراجعت منذ صدور النص القانوني». مشيرا إلى أن حرية التعبير «مكفولة لبوشاشي وعبد النور، لكن القضايا الحساسة ينبغي التعاطي معها بجدية بدل التساهل في كيل التهم جزافا».

وليست المرة الاولى التي يرد فيها بوشاشي على نشطاء حقوقيين معروفين بمعارضتهم السلطات. ولما سأل صحافي عبد النور عن مواقف قسنطيني المعادية له، قال:«إنه رجل يلوَث حقوق الانسان».