الفنانون المغاربة احتلوا مقاعد أعضاء البرلمان بمناسبة منحهم بطاقة الفنان

وزيرة الثقافة قالت إنه يترتب عنها وضع سليم وامتيازات اجتماعية

الملك محمد السادس لدى استقباله أخيرا في القصر الملكي بفاس مجموعة من الفنانين المغاربة. وبدا في أقصى اليمين الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، بينما وقف في اقصى اليسار الفنان اللبناني مارسيل خليفة (تصوير: لين ماب)
TT

وصل الفنانون المغاربة أخيرا إلى مقاعد ممثلي الأمة في مجلس النواب بالرباط، فالممثل مصطفى سلمات، جاء مرتديا الجلباب، مثل ما يفعل النواب يوم افتتاح البرلمان، وكذلك فعلت المطربة المغربية نعيمة سميح، بينما دخل المخرج المسرحي المعروف الطيب الصديقي قاعة الجلسات العامة لابسا بدلة رياضية، وكأنه قادم لتوه من إحدى الحصص التدريبية، وهو الذي سبق له أن ترشح للانتخابات التشريعية، في مسقط رأسه بمدينة الصويرة، دون أن يتمكن من الفوز فيها.

لم يكن جلوس الفنانين فوق كراسي البرلمانيين ناتجا عن اقتراع، ولا عن اقتحام لمقر البرلمان بهدف الاحتجاج عن سوء أوضاعهم، بل جاءوا لنيل الدفعة الأولى من بطاقة الفنان، بعد أن سلم العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بطاقة الفنان لعدد من رجال الفن والثقافة، أخيرا في مدينة فاس، بمناسبة عيد الجلوس.

رسامون ومسرحيون وسينمائيون وموسيقيون ومغنون وعازفون، كلهم كانوا هناك، في مجلس النواب، يهنئون بعضهم البعض على هذا المكسب الجديد الذي ينطوي على دلالة رمزية ترمي لتكريمهم، وإعادة الاعتبار إليهم، بعد سنين من الممارسة الفنية غير المنظمة، وغير المهيكلة، مما جعل الكثيرين منهم عرضة للضياع والتهميش، رغم الشهرة الطاغية.

بدا المشهد وكأنه لقطة من فيلم سينمائي عن «المسلسل الديمقراطي» في المغرب، يتقدم طليعة الجالسين في الصفوف الأولى عباس الفاسي، رئيس الوزراء، مرفوقا بعدد من اعضاء الحكومة. وبمجرد جلوس الفنانين أخذوا يلتقطون الصور التذكارية لبعضهم البعض، تخليدا لهذه اللحظة التي لم تكن واردة أبدا في بالهم.

ومع بدء مصطفى المنصوري، رئيس مجلس النواب، توزيع البطائق على الفنانين، أطلقت إحدى الممثلات زغرودة بالمناسبة، لتدخل تاريخ هذه القاعة كأول تعبير تلقائي عن الفرح. وقال المنصوري، إن بطاقة الفنان من شأنها إبراز القيمة الاعتبارية للفنان داخل المجتمع، وتشكل اعترافا بالخدمات والجهود التي قدمها الفنانون المغاربة الذين ناضلوا في صمت ونكران الذات، وساهموا بقسط وافر في تمجيد بطولات الأمة، وتهذيب الوجدان، ونشر الإشعاع الحضاري للمغرب خارج الوطن.

وبدورها أوضحت ثريا جبران، وزيرة الثقافة، أن بطاقة الفنان «ليست مجرد بطاقة رمزية، وإنما يترتب على حيازتها وضع مهني سليم وامتيازات اجتماعية وطنية. والأساس انها تعني الحرص المشترك للدولة والمجتمع على تنظيم المهنة، والارتقاء بممارستها، وتحسين صورتها».

واضافت جبران، انها ليست مجرد بطاقة عادية، ولكنها عنوان لعهد جديد زاهر تنتصر فيه قيم الفن الرفيع، ويعاد الاعتبار للفنان كمهنة وكوضع مادي رمزي، «للمبدع والمثقف المغربي المنتج للأفكار وللقيم الوطنية والإنسانية الرفيعة، والذي يثري الوجدان العام، ويغذي الخيال، ويعطي معنى للأفعال والأشياء». وتم توزيع 370 بطاقة، في اكبر تجمع فني، وسط جو احتفالي، وعبر عدد من الفنانين عن ابتهاجهم بهذه البطاقة التي كثيرا ما تطلعوا إلى حيازتها. وقال المطرب المغربي عبد الهادي بلخياط لـ «الشرق الأوسط»، إن هذه البطاقة التفاتة نحو الفنان، «ليكون عنده وضع ووقع في مجتمعه»، مشيرا إلى أنها جاءت بعد سنين من الممارسة في الحقل الفني، وأن الفنانين الشباب سوف يستفيدون منها أكثر.

أما الممثل والمخرج المسرحي، محمد سعيد عفيفي، فاعتبر عملية تسليم البطائق الفنية تحت قبة مجلس النواب، بمثابة انطلاقة حقيقية في الاتجاه الصحيح، بما يمثله مقر البرلمان من رمزية تحيل على الديمقراطية واختيارات الشعب.

وقال فنان موسيقي مازحا، رفض الكشف عن هويته، «ياليت لو كانت هذه البطاقة مصحوبة بالراتب الشهري السمين للبرلمانيين، ومادمنا قد جلسنا في أماكنهم، فهذا في حد ذاته فأل خير بالنسبة للمستقبل».