استقالة 10 وزراء من الحكومة الصومالية على خلفية إقالة محافظ العاصمة

معلومات عن مؤامرة سرية لاغتيال الرئيس وإقالة بعض القيادات الأمنية

TT

استقال 10 من وزراء الحكومة الصومالية ظهر امس من مناصبهم، في وقت وصلت فيه الخلافات بين الرئيس عبد الله يوسف أحمد ورئيس وزرائه نور عدي إلى ذروتها، على خلفية إقالة محافظ العاصمة محمد طيري المقرب من الرئيس. وجاءت هذه التطورات في وقت تحدث فيه مستشار للرئيس الصومالي لـ«الشرق الأوسط» عن اكتشاف مؤامرة سرية لاغتيال يوسف، تورط فيها بعض قيادات الشرطة المحلية.

وأكد المستشار، الذي طلب عدم تعريفه، في اتصال هاتفي من إحدى العواصم العربية التي يزورها حاليا، أن يوسف أقال خمسة من كبار قيادات الشرطة، بعد تلقيه معلومات استخباراتية عن عقد اجتماع بين متمردين مسلحين، وبعض زعماء العشائر الصومالية، لتدبير محاولة لاغتيال يوسف وتصفيته جسديا. وكشف النقاب عن أن كل المعلومات الاستخباراتية الخاصة بهذه العملية مازالت قيد التحقيق، مشيرا إلى تشديد الإجراءات الأمنية المخصصة لحماية الرئيس الانتقالي.

وقال متحدث باسم الوزراء، الذين استقالوا من مناصبهم الحكومية، بعد مؤتمر صحافي عقدوه في العاصمة، إن تجاوزات رئيس الوزراء على خلفية إقالة محمد طيري، وانفراده باتخاذ القرارات، والتهم البرلمانية ضد الحكومة والدعوة إلى استقالتها هي الأسباب وراء استقالتهم».

وأضاف المصدر «أن رئيس الوزراء نور عدي بدأ بالدكتاتورية وعدم إشراك الوزراء في اتخاذ القرارات، وإصدار الأوامر داخل مجلس الوزراء. ومن بين أبرز الوزراء المستقيلين من مناصبهم الحكومية وزراء الخارجية، والدفاع، والعدل، والتجارة، والتعليم، والاتصالات، ويشغل اثنان من الوزراء المستقيلين منصب نائبين لرئيس الوزراء. واتهم عيديد إلكحناف نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم المستقيل بأن رئيس الوزراء الصومالي تجاهل ملاحظات الوزراء وتحفظاتهم على عدد كثير من الخطوات التي اتخذها، كما أن الملف المالي للحكومة بات لا يناقش منذ فترة طويلة وهذا أمر غير مقبول. من جانبه قال رئيس الوزراء الصومالي نور عدي انه لم يتسلم أية استقالة من أحد من وزرائه بشكل رسمي حتى الآن، وإنما سمع نبأ هذه الاستقالات من المحطات الإذاعية. وأضاف رئيس الوزراء الصومالي انه في حالة استقالة اي وزير بشكل رسمي من منصبه فإنه سيتم ملء مقعده بشكل عادي. وقال رئيس الوزراء الصومالي إنه باق بمنصبه ولن يستقيل.

وتضع هذه الاستقالات حكومة رئيس الوزراء نور عدي وبقاءه في المنصب في مأزق، واعتبرها بعض الأوساط السياسية الصومالية بحكم المنهارة، حيث أصبح ثلثا الحقائب الوزارية في الحكومية شاغرا الآن، في الوقت الذي تصاعدت حدة الخلاف بين الرئيس عبد الله يوسف احمد ورئيس الوزراء نور عدي، هذه الخلافات التي أظهرها إلى العلن الجدل الذي واكب إقالة محافظ العاصمة محمد طيري. وقد انتهت جلسة للبرلمان الصومالي امس بفوضى وصخب، بعد أن طالب عدد من نواب البرلمان بمناقشة مشروع لسحب الثقة عن الحكومة، في ما قال آخرون بعدم قانونية ذلك، وزاد الصخب عندما طالب نواب آخرون بأنه إذا كانت الحكومة فشلت في كل شيء فيجب أن يستقيل الجميع الحكومة والرئيس يوسف معا، وأما توجيه اللوم إلى أحد الطرفين فهو خطوة انتقائية وليس ذلك مقبولا. واضطر رئيس البرلمان إلى رفع الجلسة بعد أن تحولت إلى تراشق بالكلام وضوضاء زائدة.

ويشبه حال الحكومة الصومالية ما حدث العام الماضي بين الرئيس ورئيس الوزراء السابق علي محمد جيدي، على خلفية الإقالات لكل من رئيس المحكمة العليا والمدعي العام، وفشل الوساطة بين الرئيس ورئيس وزرائه إلى أن جرى تحريك البرلمان الذي استعد للتصويت على حجب الثقة عن الحكومة، وتلا ذلك استقالة جماعية للوزراء الموالين للرئيس، وتدخل الإثيوبيون في آخر لحظة واستقال جيدي (أو أجبر على الاستقالة كما يعتقده المراقبون) وانتهي الأمر لصالح الرئيس يوسف.

وبمطالبة عدد من النواب مناقشة مشروع لسحب الثقة عن الحكومة، والاستقالة الجماعية التي قدمها ثلثا الوزراء في الحكومة يتكرر سيناريو العام الماضي، وفيما حسم التدخل الإثيوبي بين الطرفين المسألة لصالح الرئيس عبد الله يوسف أحمد فإن الوضع يكتنفه كثير من الغموض هذه المرة، ويستبعد المراقبون أن يتنازل أحد قطبي السلطة في الصومال، كما أنه ليس واضحا من سيحظى بدعم الجانب الإثيوبي في هذه المعركة في حالة الحاجة إلى تدخل منه.

على صعيد آخر وفي جانب آخر من الصراع بين الرئيس ورئيس الوزراء رفض الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أحمد التوقيع على قرار إقالة محافظ العاصمة محمد طيري، الذي أصدره رئيس الوزراء نور عدي يوم الأربعاء الماضي. ورفض الرئيس يوسف التوقيع على القرار الذي رفعه إليه رئيس الحكومة، والذي تضمن قرار إقالة محمد طيري من منصبه وتعيين نائبه محمد عثمان علي، خلفا له بشكل مؤقت، وبدلا من ذلك ثبّت الرئيس تعيين محمد طيري في منصبه كمحافظ للعاصمة مقديشو.

وأرسل الرئيس يوسف مذكرة إلى رئيس الوزراء طالبه فيها بالرجوع عن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء، ووصفه بأن قرار الإقالة غير دستوري. وبحسب المذكرة فإن الرئيس اعترض على طريقة الإقالة التي وصفها بـ«الانفرادية»، من دون أن يسبق ذلك إحاطة القرار من كل جوانبه القانونية، وبناء على ذلك يثبّت الرئيس يوسف محافظ العاصمة في منصبه.