السودان وتشاد يتفقان على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما

قمة ثلاثية بين البشير ودبي والقذافي في ليبيا.. ولجنة مشتركة لمتابعة التطبيع

TT

اتفق الجاران السودان وتشاد على إنهاء القطيعة وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما فوراً ووقف الحملات الإعلامية. كما وافقا على عقد قمة تحت رعاية الزعيم الليبي معمر القذافي وحضوره تضم الرئيس السوداني عمر البشير والتشادي ادريس دبي. وكان الرئيس البشير قد أعلن قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وتشاد كرد فعل للهجوم الذي قامت به حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور على مدينة ام درمان في العاشر من مايو (أيار) الماضي، بعد ان اتهم تشاد بالتورط في دعم الهجوم. وظلت العلاقات بين البلدين في توتر دائم منذ نشوب الحرب بإقليم دارفور. ويتهم كل بلد الآخر بتقديم الدعم لمعارضة الآخر. ونقل عبد السلام التريكي، أمين الوحدة الافريقية بليبيا، رسالة من الزعيم القذافي الى الرئيس البشير، وقال في تصريحات صحافية ان الرسالة في إطار التشاور المستمر للبلدين. وقال انه تم استعراض العديد من القضايا والعلاقات بين تشاد والسودان بجانب الأوضاع في دارفور وكيفية ايجاد الحلول لها. واضاف التريكي «توصلنا لنتائج ايجابية بعد أن قمنا بزيارة تشاد والتقينا الرئيس دبي وتحدثنا معه، وهناك نقاط اقترحها القذافي وتمت الموافقة عليها من قبل دبي والبشير». وكشف التريكي عن استجابة البشير ودبي لمناشدة القذافي إعادة العلاقات بينهما. وأضاف «أبدى البلدان التزامهما بالاتفاقيات السابقة، وخاصة اتفاق طرابلس وتنفيذ كل بنوده ووقف جميع الحملات الإعلامية بين البلدين، وكل ما من شأنه أن يؤثر في هذه العلاقات والعمل على عودة العلاقات الطبيعية والأخوية بينهما». وقال التريكى ان السودان وافق وفقا لاتفاقية سرت (اتفاقية سابقة بين البلدين) على مساعدة تشاد على حل مشكلاتها الداخلية. كما وافقت تشاد مع ليبيا العمل مع السودان لحل مشكلة دارفور. واضاف ان ليبيا ستعمل مع الجانبين على تنفيذ هذه الالتزامات. واضاف التريكي انه تمت الموافقة على المقترح الليبي بعقد قمة ثلاثية لمباركة هذا الاتفاق وتشكيل لجنة ثلاثية من البلدين، وافق عليها رئيسا السودان وتشاد. وعكس التريكي حرص البشير ودبي بأهمية عودة العلاقات بين البلدين، مبينا ان المبادرة تهدف إلى إعادة العلاقات وتأكيد الالتزام بالاتفاقيات السابقة وتنشيطها وتفعيلها.

من جانبه، قال مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس السوداني، في تصريحات صحافية إن البشير ثمن مبادرة القذافي. وأعلن استجابته الفورية لها، ووجه الاجهزة المختصة بالعمل على استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارة السودانية في انجامينا. كما وجه الأجهزة الإعلامية الرسمية بعكس ما يجب ان تكون عليه العلاقات التاريخية بين البلدين. وذكر ان البشير وافق على تشكيل لجنة ثلاثية بين الدول الثلاث لمتابعة هذه المبادرة، والتي ستعد للقاء قمة ثلاثية تحت رعاية الجماهيرية. وقال إن البشير أكد أن العلاقات بين السودان وتشاد يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وأن تقوم على المصالح المشتركة. واشار الى الروابط التي تربط شعبي البلدين، وأكد حرصه على أن تقوية العلاقات وإزالة التشوهات التي حدثت. واعرب إسماعيل عن امله في أن يحدث تجاوب من تشاد في المرحلة القادمة حتى نستطيع أن نعيد هذه العلاقة إلى ما كانت عليه.

إلى ذلك، تظاهر آلاف النازحين في معسكر «كلمة» شرق مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، الذي يعتبر اكبر معسكر للنازحين بالإقليم احتجاجا على انقطاع مياه الشرب لخمسة ايام متتالية بسبب انعدام الوقود لتشغيل محطات المياه. وذكر عدد من النازحين انهم يعيشون معاناة حقيقية لعدم توفر مياه الشرب داخل المعسكر. وعزوا انقطاع المياه إلى منع السلطات المحلية دخول الوقود الخاص بتشغيل محطات المياه الى داخل المعسكر، بحجة ان الوقود يذهب لدعم الحركات المسلحة. كما اشاروا إلى ان المعسكر يشكو من أزمة حادة في المياه، استمرت في اوقات متباينة لأكثر من شهرين، لكنها تفاقمت بصورة غير مسبوقة خلال الايام الخمسة الماضية، مما ادى الى تدهور الاوضاع الصحية. وقال النازحون انهم أصبحوا يعتمدون بصورة أساسية على مياه الأودية في شربهم، فضلا عن اعتمادهم على بعض المضخات اليدوية التي وصفوا مياهها بالمالحة. وطالب النازحون، حكومة الولاية، والمنظمات الدولية بالتدخل الفوري لمعالجة الأمر.

في غضون ذلك، قال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم إن الحركة قدمت خريطة طريق للخروج من الأزمة التي نشأت بسبب الطلب المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور يجري نقاشها في مؤسسات الحزبين. وأشار الى انها «تنبني على عدم التصعيد مع المجتمع الدولي والتعجيل بالوصول إلى سلام في دارفور وتحقيق شروط التحول الديمقراطي».

وحسب اموم، فان رئيس الحركة الذي يرأس لجنة الأزمة مفوّض من المكتب السياسي للتعبير عن ذات الرؤية التي تساندها جماهير الحركة الشعبية. ولخص أموم رؤية الحركة للحل في استجابة السودانيين لتحقيق سلام شامل وعاجل مع الحركات المسلحة في دارفور. ووصف أزمة المحكمة الجنائية بأنها تجلٍّ للأزمة السياسية في البلاد، داعيا السودانيين لمخاطبة جذورها.

وفي اتجاه آخر، عزا اموم تأخر الاعلان عن الادارة المشتركة بمنطقة ابيي الغنية بالنفط المتنازع عليها الى استمرار الخلاف بينها وحزب المؤتمر الوطني بشأن المناصب. كما جرى الاتفاق في وقت سابق بتشكيلها، وقال أموم إن حزب المؤتمر الوطني يتمسك باسناد منصب نائب رئيس الادارة لشخصية من خارج أبيي. واعتبر الخطوات التي تمت بانسحاب الجيشين وتسلم القوات المشتركة والأمم المتحدة للمنطقة مهمة في الاتفاق.