العراق يطلق مصالحة ثقافية .. ويسعى لإعادة مثقفيه من الخارج

الحملة تبدأ بأسبوع ثقافي في دمشق الشهر الحالي

TT

ارجع الكثير من المراقبين للشأن العراقي مسألة تحسن الأوضاع الأمنية إلى نجاح مشروع المصالحة الوطنية، الذي تبنته الحكومة بالتنسيق مع جهات عديدة، من أهمها العشائر العراقية ورجال الدين، وهذا ما شجع جهات أخرى على المطالبة بمصالحات أخرى، كان آخرها تلك التي أطلقتها وزارة الثقافة أخيرا وهي «المصالحة الثقافية»، بعد أن انتبهت إلى أن أكثر من 60% من مثقفي العراق يعيشون في الغربة.

وبحسب الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة العراقية جابر الجابري، فان هناك حاجة لإعادة مثقفي العراق لبلادهم، بعد أن يتم تحقيق المصالحة بينهم وبين مثقفي الداخل.

وأكد الجابري لـ«الشرق الأوسط»، أن آخر الاحصائيات المتوفرة لدى وزارته تؤكد وجود ما يقرب الـ60% من شريحة المثقفين العراقيين في الخارج ويمثلون نخبة الشعراء والرسامين والمسرحيين والممثـــلين والأكاديميـــين والكتاب والصحافيين ومن مختلف أنواع الثقافات الأخرى، وان اغلبهم غادر العراق بعد عام 2003 وتوزعوا بين مختلف الدول، وخاصة أوروبا وسورية والأردن، وأضاف «خلال عودتي من صربيا التقيت بعدد منهم واغلبهم أبدى رغبته بالعودة للعراق، وهذا ما شجعني على إطلاق مشروع جديد يمهد لهذا الأمر».

وبين الجابري أن الوزارة انتهت من الإعداد لإقامة الأسبوع الثقافي للمصالحة الثقافية، الذي سيقام في دمشق خلال النصف الأول من الشهر الجاري، ستتم فيه دعوة جميع المثقفين العراقيين ومن كافة دول العالم، مؤكدا «سيكون لقاء مهما بين مثقفي الداخل والخارج، وسيعلن خلال اللقاء عن آليات جديدة لإعادتهــم، مثل تخصيص مبلغ 500 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل 450 دولارا، لكل مثقف عائد وتنظيم رحلات مجانية لهم من البلدان الموجودين فيها للعراق، إضافة إلى تسهيل دخولهم من خلال التنسيق مع الجهات المعنية».

وأكد مصدر مخول في وزارة الثقافة لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة وجهت دعوات لجميع المثقفين، بغض النظر عن توجهاتهم السابقة أو الحالية، لان الهدف وحسب المصدر هو «الثقافة وليس شيئا آخر، ولهذا ستحضر للأسبوع الثقافي شخصيات معروفة من أبرزها الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد، وسيكون من بين المدعوين للعودة لبلده لان العراق هو بلد الجميع وشريحة المثقفين تختلف عن بقية الشرائح، فهي الأقدر والأقرب على نسيان الماضي والبدء من جديد في عراق جديد تسوده المحبة». من جهته، قال جهاد زاير، المسؤول في دائرة السينما والمسرح العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسبوع الثقافي العراقي في سورية كان المقرر له أن يبدأ الأسبوع القادم، لكن جملة من الأمور ساهمت في تأجيله لمنتصــف الشهر، منها تزامنه مع فعاليات أخرى ستقام في دمشق، منها إعلان دمشق عاصمة للثقافة العربية لهذا العام، ومهرجان الحبوبي في العراق. مضيفا ان تســلم وزير الثقافة العراقي الجديد لمهامه هذا الأسبوع كان ايضا وراء تأجيل الموعد.

وأضـــاف زاير، أن الأسبوع سيتضمن إقامة معرض للكتاب وعرض مسرحية وفلم وثائقي ومعرض للرسم والصور الفوتوغرافية وتقديم عروض للفنون الشعبية وعرض للأزياء وغيرها، مضيفا ان الاسبوع الثقافي سيكون «أشبه بالفعاليات المشجعة على إعادة المثقف للعراق، والاهم من ذلك ستعقد ندوات نشرح من خلالها الوضع العراقي الحــالي، وكيفية تحوله من وضع خطر إلى آمن، وان الحياة عادت لسابق عهدها وليس هناك داع للتخوف من العودة». وبين زاير أن «وضع القطاع الفني في العراق اختلف تماما عن الأعوام القليلة الماضية، فهناك فرص فنية ضخمة جدا أمام الفنانين، وهناك دعم تقدمه الوزارة للمثقف في مختلف تخصصاته، وسيصار الى تقديم رواتب للمثقفين والفنانين لتحسين واقعهم الاقتصادي والمعيشي، وان فرص العيش داخل العراق أصبحت أفضل بكثير من الخارج». وكشف زاير عن قيام دائرة السينما والمشرح أخيرا بتوقيع اتفاقية عمل مع شبكة الاعلام العراقي والمتمثلة بقناة العراقية الفضائية، يقضي بان تمول الأخيرة أعمالا فنية على أن تكون دائرة السينما والمسرح المنتج المنفذ لها، وأضاف، «قريبا سيعلن عن البدء بإنتاج أعمال درامية وتلفزيونية ومسرحيات وأفلام قصيرة وغيرها، وهناك مذكرات تفاهم أخرى ستوقع مع فضائيات أخرى سيعلن عنها قريبا وبذات الاتجاه وجميعها تصب في مصلحة الفن العراقي وتقدمه والعودة بقوة للساحة الفنية العربية والعالمية، وأيضا هي فرص متاحة أمام الفنانين والمسرحيين للعمل داخل بلدهم وتحسين مستواهم المعيشي».