استمرار التباين السياسي حول البيان الوزاري عشية بدء مناقشته في مجلس الوزراء

حزب الله يعتبره «انتصارا لكل اللبنانيين».. والجميل يرى فيه محاولة لأخذ لبنان إلى «حيث لا نريد»

TT

ينعقد مجلس الوزراء اللبناني ظهر اليوم برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعلى جدول اعماله بند وحيد هو مشروع البيان الوزاري الذي اعدت لجنة الصياغة مسودته خلال 14 اجتماعا مطولا. ورغم الوقت الطويل الذي استغرقته مناقشة واقرار اللجنة الفقرة المتعلقة بدور المقاومة، الى جانب الشعب والجيش، في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، فان السجال حول هذا الموضوع لم يتوقف بعد اقرار مسودة البيان. بل ان المواقف والتصريحات التي ادلى بها اطراف في الاكثرية المعارضة امس عكست استمرار الخلاف حول ما تضمنه البيان بالنسبة الى المقاومة.

وفي حين اعتبر «حزب الله» على لسان اكثر من مسؤول فيه، ان المقاومة استطاعت «ان تجعل البيان الوزاري بيانا وطنيا هاما وانتصارا لكل اللبنانيين» وقال ان ليس لديه «مشروع سياسي خاص في لبنان»، رأى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» امين الجميل (قوى 14 اذار) ان في البيان «محاولة لاخذ لبنان الى حيث لا نريد». فيما اكد ممثل «الكتائب» في الحكومة وزير السياحة ايلي ماروني ان فريقه سيتحفظ على البند المتعلق بالمقاومة في مجلس الوزراء. ووصف عميد حزب «الكتلة الوطنية» كارلوس اده البيان بانه «اسوأ» من بيان الحكومة السابق، معتبرا ان يوم التوقيع عليه «لن يكون نهارا مشرقا في تاريخ لبنان».

وشدد الجميل الذي كان يتحدث امس في احتفال لقسم ميفوق الكتائبي، على «رفض اي سلاح او قوة عسكرية خارج اطار المؤسسات العسكرية الشرعية» مشيرا الى «ان الكتائب ترفض ايضا تغيير وجه لبنان الحضاري الذي ناضلت منذ نشأتها للحفاظ عليه، لبنان التعايش الذي يحفظ خصوصية كل مجموعة ولا يقبل بهيمنة مجموعة على اخرى تحت اي حجة كانت».

وقال: «هناك محاولة في البيان الوزاري لاخذ لبنان الى حيث لا نريد. وهذه المحاولة ستفشل كما فشلت محاولات في الماضي لاخذ لبنان الى موقع غير موقعه الطبيعي الذي هو موقع الاعتدال والولاء له اولا» مضيفا: «ان الكتائب في مسيرتها التاريخية كانت السد المنيع في وجه عملية مصادرة القرار الوطني الحر».

اما الوزير ماروني فقال في حديث اذاعي: «ان الحزب سيتحفظ على البند المتعلق بالمقاومة لدى مناقشته في جلسة مجلس الوزراء غدا (اليوم)». واضاف: «سنعاود طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء. وسيكون لنا رأينا المنبثق من ارادتنا ببناء الدولة». واشار الى ان البيان الوزاري يتضمن عبارات «تحتمل اكثر من تفسير» مشددا على ان «هذا ما سيتم تسليط الاضواء عليه في مجلس الوزراء لايضاح النقاط العالقة». وذكر انه «ستكون هناك لقاءات مكثفة لقوى 14 اذار قبل موعد انعقاد مجلس الوزراء من اجل موقف منسق وموحد». واستبعد «اي تغيير في البيان، ذلك ان 14 جلسة للجنة الصياغة قد استنفدت كل الوسائل» متحدثا عن «عناد من الطرف الآخر لابقاء الامور كما هي».

واصدر عميد حزب «الكتلة الوطنية اللبنانية» كارلوس اده بيانا جاء فيه: «يجتمع في حكومة الوحدة الوطنية الاقلية والاكثرية، تلك الاكثرية التي كان يفترض بها ان تدافع عن سيادة لبنان وشعبه وتمكنوا من اقناعها او الفرض عليها ان تقبل بمسودة بيان وزاري اسوأ من البيان السابق للحكومة القديمة، لانه في البيان السابق استعملت عبارة حق لبنان بالمقاومة. وعندما اتوا على ذكر لبنان كنا نفهم انه الشعب اللبناني الممثل بمجلس نيابي وبالحكومة. ولكن الآن، كما وزعت العبارات في البيان الحالي الى ثلاث مجموعات، الشعب والجيش والمقاومة، نفهم انهم يملكون نفس القيم وانهم سواسية مجتمعين او منفردين. فلاول مرة شرعوا اعمال حزب الله وشرعوا بذلك حرب تموز او الحروب والعمليات المستقبلية التي يمكن ان تتم والتي ستشكل خطرا على كل لبنان. ففي العملية التي ستتم في المرة المقبلة سيعتبر الاعداء المستهدفون ان لهم شرعيا الحق في ان يحمّلوا المسؤولية للدولة اللبنانية او لكل الشعب اللبناني بكامل فئاته».

في المقابل، قال رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد: «ان التوافق على نص البيان الوزاري في لجنة الصياغة يكرس حق المقاومة في تحرير ما تبقى من الارض المحتلة وفي الدفاع عن لبنان لمواجهة اي اعتداء اسرائيلي». واضاف: «ان هذه المحطة من الازمة قد انتهت. وامامنا محطات اخرى، لان الازمة ستستمر بوتائر اخف طالما ان هناك منطقين وخيارين يتحكمان بمن يتمثل داخل الحكومة. فهناك خيار مقاوم ممانع. وهناك خيار مراهن على الديمقراطية الاميركية وعلى الصداقات الاميركية والاوروبية والغربية والاستكبارية وعلى الدبلوماسية في تحقيق تسوية ينسحب من خلال العدو الاسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر».

وتابع في اشارة الى قوى الاكثرية: «ان البعض الذي يثابر على التمسك بخياراته المراهنة على صداقاته الدولية وعلى الدبلوماسية لانتاج حل بيننا وبين العدو الاسرائيلي يقتضي الا يكون هناك مقاومة في لبنان، ويلتزم بخيار سلب حق المقاومة في التصدي للعدو الصهيوني، انما يريد بذلك ان يعمم ثقافته لدى الرأي العام اللبناني والخارجي المتعاطف معه وان يوحي بان المقاومة ليست محل اجماع في لبنان وان هناك نقاشا حول جدوى خيارها والتزام حقها في البيان الوزاري».

وشدد رعد على «ان المقاومة ليس لها مشروع سياسي خاص في لبنان، انما تريد لبنان محررا لتقوم فيه دولة تعبر عن ارادة كل الشعب اللبناني بتوافق كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومناطقهم وتنتج مؤسسات دستورية متوازنة وملتزمة بالتعبير عن ادارة الشعب اللبناني وحرصه على العيش المشترك».وقال: «ان الدولة التي نريدها في لبنان هي دولة الجميع وليس دولة حزب الله. والذين تفلسفوا في الماضي ولا يزالون يحرضون على حزب الله على اساس انه يريد بناء دولته الخاصة في لبنان نقول لهم: نحن نريد بناء دولة لكم ولنا تحميكم كما تحمينا، وتصون حقوقكم كما تصون حقوقنا وتنمي مناطقكم كما تنمي مناطقنا، وتحكم بارادة توافقية من كل اطياف الشعب اللبناني».

من جهته، دعا الوزير محمد فنيش (حزب الله) الى «بدء مرحلة جديدة للحياة السياسية في لبنان» مشددا على انه «لا تفيد المراهنة على أي قوى خارجية. والشيء الوحيد الذي يفيد هذا البلد هو أن ننطلق بإرادة وطنية ونبحث عن كيفية صون سيادتنا وحريتنا واستقلالنا وان نحفظ مناعة هذا الوطن». وقال: «من الطبيعي أن يرد في البيان الوزاري ما ورد من تكريس وتأكيد لحق لبنان باسترداد أرضه المحتلة سواء استخدمت عبارة التحرير أو الاسترجاع أو استخدم الحق للبنان ولشعبه ولجيشه ولمقاومته،. وهذا لا يغير في الحقيقة شيئا».واضاف: «أننا كحكومة، كتعبير عن إرادة هذا الشعب، متمسكون بحقنا في كل شبر من الأرض وبكل قطرة من المياه. وان كانت هناك فرصة للجهود الدبلوماسية لان تنتزع حقنا وان تمنع العدوان فليكن ذلك. أما إذا لم تفلح الجهود الدبلوماسية وبقي هذا العدو ومن يقف معه متعنتا ومستمرا بحسب طبيعته ومشروعه التوسعي يطمح الى استغلال مياهنا والسيطرة على أرضنا فالمقاومة قائمة وجاهزة وستستمر وستبقى بالمرصاد لهذا العدو حتى نستكمل تحرير ما تبقى من أرضنا ومواجهة كل احتمالات الاخطار التي نستشعرها جراء الصراع في المنطقة».

وقال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين: «ان ما حصل في البيان الوزاري لا نعتبره انتصارا على فئة لبنانية ولا نريد ان نتحدى به احدا. والوحيد الذي نتحداه ونهزمه هو العدو الاسرائيلي». واضاف: «ان انجاز البيان الوزاري بالحفاظ على حق المقاومة هو انجاز وانتصار لكل اللبنانيين لانه حفظ الانجازات التي يجب ان يواجه بها لبنان كل الاستحقاقات».

وقال النائب حسن فضل الله (حزب الله): «ثبتنا في البيان الوزاري ما يشبه الاجماع الوطني على حقنا في المقاومة من اجل التحرير والدفاع. والبند الذي اتفقنا عليه في لجنة الصياغة هو بند اساسي يقول ان لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، من حقه ان يقوم بكل الوسائل المشروعة لتحرير الارض والدفاع عنها. وهذه هي الركائز التي اردناها للبنان والتي كنا نطالب بها، بمعزل عمن اراد ان يتحفظ على هذه الصيغة التي باتت ترسم سقفا سياسيا لكل القوى التي شاركت والتي تشارك في الموافقة على هذه الصيغة».

وقال عضو قيادة حركة «امل» النائب علي خريس: «خرج البيان الى النور بعد 14 جلسة. وهذه الولادة هي انتصار لكل لبنان ولشعب لبنان ومقاومته التي بفضلها استطعنا ان عقد الجلسات للخروج بهذا البيان الذي يجب ان يرضي جميع الافرقاء». اما النائب عبد المجيد (امل) فاعتبر ان انجاز البيان الوزاري وما سبقه من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية «يجب ان يؤسسا لمناخ تعود فيه لغة ومرحلة جديدة هي سياسة اليد الممدودة وان تفتح كل قنوات الحوار الذي هو قدر اللبنانيين».