تحالف الحضارات والحرب الأهلية في سيراليون وأسلحة الدمار الشامل.. قضايا أثيرت في افتتاح موسم أصيلة الثقافي الدولي الثلاثين

ثباتيرو يشيد في رسالته إلى المنتدى بمبادرة خادم الحرمين الشريفين

TT

أشاد الخطباء الذين تحدثوا مساء أول من أمس في الجلسة الافتتاحية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الثلاثين، بمبادرة تخصيص ندوة ضمن فعالياته لموضوع «تحالف الحضارات في الفضاء العربي الأفريقي الإيبيرو ـ لا تينو ـ أميركي»، كإسهام فكري في إغناء النقاش الدائر الذي يواكب مبادرة تحالف الحضارات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس ثباتيرو، وتبنتها الأمم المتحدة، كجواب غير مباشر على الدعوات المؤججة لصراع وصدام الحضارات.

وبعد رسالة العاهل المغربي الموجهة للندوة وخطاب الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، تدخل في الجلسة كل من الحاج أحمد تيجان كبة، الرئيس السابق لدولة سيراليون، الذي ربط المبادرة بقضية السلم والاستقرار، من خلال تجربة الحرب الأهلية التي جرت في بلاده حيث اكتشف الرئيس وهو في الحكم أن الأطراف المورطة في حرب سيراليون، كانت قادمة من الخارج، ما جعل مسلسل السلام صعبا ومعقدا، كون ما أسماه «الماس الدموي» هو الممول الرئيسي للحرب التي ساهمت في غنى أطراف على حساب الضحايا من شعب سيراليون.

وبعد أن استعرض كبة، المراحل المأساوية التي عرفها النزاع المسلح في بلده إلى حين توقيع اتفاقية السلام عام 1996، أعلن المتمردون بعدها سياسة الأرض المحروقة ورفعوا شعار «لا تتركوا شيئا حيا» قال إنه لم يتخل في أية مرحلة من أطوار النزاع عن الرغبة في المصالحة، على اعتبار أن الحوار هو الوسيلة المثلى لتسوية النزاعات، وهو مطلوب كذلك في مختلف مناطق العالم، انسجاما مع مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها، وأثنى في هذا السياق، على المساعي التي بذلتها أطراف دولية ومنظمات إقليمية من أجل عودة السلم إلى بلاده، وخص بالذكر وساطة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي دعاه إلى المغرب مع الرئيس الغيني الجنرال لانسانا كونتي، والرئيس الليبيري السابق.

وأعرب كبة عن يقينه أن الحوار والتواصل بين الشعوب من شأنه أن يدعم التعاون وحسن الجوار فيما بينها كما يقوي بنفس القدر مبادرة تحالف الحضارات والثقافات بين الدول ذات الديانات والثقافات المختلفة، داعيا إلى إدراج التجربة الأفريقية ضمن السياق الكوني والاستعانة بمنظماتها الإقليمية والفرعية في حل النزاعات، مقترحا أن تتولى جهود الوساطة شخصيات مؤثرة لها صدقيتها وتحظى بثقة الأطراف، دون أن يعني ذلك أبدا التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما من الخارج. وشبه كبه الدول بالأسر الصغيرة قائلا في هذا الخصوص إن الأسرة التي تشهد انقساما لا تبقى على قيد الحياة، وهدف تحالف الحضارات هو إشاعة وتقوية السلم بين الإنسانية.

الى ذلك، ورد في الخطاب الموجه للندوة من طرف رئيس وزراء إسبانيا وتلاه وزير خارجيته ميغيل أنخيل موراتينوس قوله إن المبادرة التي أطلقتها بلاده، تحظى بمساندة كثير من دول العالم بلغت حوالي التسعين بينها دول الاتحاد الأوروبي، مبرزا في نفس الوقت أن المبادرة لا تدعي القدرة على حل جميع مشاكل العالم بل زرع الثقة وإكمال الدور الذي تقوم به المؤسسات والهيئات الثقافية، مستشهدا بكثافة المشاركة في مؤتمر مدريد الأخير بداية العام الجاري ما يدعو إلى التفاؤل بأهمية وجدوى المبادرة، مشيرا إلى أن المؤتمر المقبل لتحالف الحضارات سيجري في تركيا كما أن دولا أخرى معنية مثل المغرب وقطر والبرازيل، عبرت عن الرغبة في استضافة المؤتمرات اللاحقة، مشيدا كذلك بما صدر عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من مبادرات تعبر عن إيمانه بكون مبادرة تحالف الحضارات استراتيجية سلمية، قائلا بالمناسبة (ثباتيرو) إنه على الدول العربية والمغرب أن تخطو خطوة مهمة في إطار تحالف الحضارات.

وشدد خطاب رئيس وزراء إسبانيا على القول إن المبادرة التي أطلقها لا تلغي المبادرات الأخرى ذات التوجهات المماثلة حيث تجمعها قواسم مشتركة، تجب مراعاتها على الصعيد الدولي.

إلى ذلك، أعطيت الكلمة إلى إنريكي إيغليسياس، أمين مبادرة تحالف الحضارات في أميركا الجنوبية، الذي استهل تدخله بالثناء على الدور الذي يبذله المغرب من أجل تجسير الهوة بين أفريقيا وأميركا الجنوبية، مشيدا كذلك بتركيا وإسبانيا اللتين كانتا وراء إطلاق المبادرة، التي اعتبرها ذات أهمية بالنسبة لمختلف دول العالم التي تواجه أخطارا أقوى من أسلحة الدمار الشامل والمتجلية في انتشار الإرهاب وعودة التوترات بين الدول ما يساعد من وجهة نظره على انتشار العنف، لكنه رغم ذلك يؤمن أن مبادرة مثل تحالف الحضارات من شأنها تعزيز السلم والتعاون بين أطراف البشرية، مبرزا أن أميركا الجنوبية قامت بمبادرات من جهتها برهنت أنها قارة محبة للسلام، حيث توجد سيدتان على رأس دولتين بها، كما نجحت دول كثيرة في نهج سياسة التمازج الحضاري بين المكونات الإثنية واللغوية.

تجدر الإشارة إلى أن وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران، ألقت كلمة في الجلسة الافتتاحية ضمنتها تمنياتها بالتوفيق لموسم أصيلة الثقافي، كما ابرزت الأدوار والمراحل التي مرت بها تجربة أصيلة وأثرها في تنشيط المشهد الثقافي المغربي طوال العقود الثلاثة الماضية.