اغتيال المستشار الأمني للأسد: اعتقال عدد من الأشخاص ودهشة بسبب الصمت الرسمي

بشار الأسد يلتقي أردوغان في منتجع ببحر إيجة اليوم > ماهر الأسد حضر التشييع وتطويق مكان الجريمة

TT

قالت مصادر سورية مطلعة إن مسؤولين سوريين كباراً حضروا تشييع العميد محمد سليمان، المستشار الأمني للرئيس السوري بشار الأسد، والذي اغتيل بمدينة طرطوس الساحلية السورية، السبت الماضي، في ظروف ما زالت غامضة، موضحة أن من ضمن المشاركين في التشييع قائد الحرس الجمهوري السوري، ماهر الأسد، الشقيق الأصغر للرئيس السوري. وقالت المصادر إن العميد سليمان، الذي وصف بأنه «الذراع الايمن» و«ظل» الرئيس السوري، لم تكن علاقته جيدة بآصف شوكت، مدير شعبة الاستخبارات العسكرية السورية بسبب علاقة سليمان مع ضابط كبير كان يرسل بريد شعبة المخابرات وتقارير مراقبة تحركات اللواء شوكت مباشرة الى العميد سليمان. أما علاقة سليمان بالعقيد ماهر الاسد، بحسب هذه المصادر، فكانت جيدة لوجود تنسيق امني مباشر بينه وبين مدير مكتب الامن الخاص لماهر الاسد. وذكرت المصادر أنه بعد عملية الاغتيال، تم تطويق شاطئ «الرمال الذهبية» في طرطوس من البر والبحر بقوارب عسكرية، وتم احتجاز عدد من الأشخاص. ويأتي ذلك، فيما قالت مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حالة دهشة في الشارع السوري في طريقة التعامل مع الاغتيال، والصمت الرسمي ازاء الاعلان عنه، موضحة ان العميد سليمان لم يكن شخصية معروفة لرجل الشارع العادي، ولم يكن يظهر في الإعلام، وأنه من عناصر «الحلقة الضيقة» التي تحيط بالرئيس السوري. الى ذلك، قالت وكالة الانباء التركية (الاناضول) ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان سيتوجه اليوم الى منتجع سياحي تركي على بحر إيجة للقاء الرئيس السوري، الموجود في المنتجع بحسب وكالة الانباء التركية لقضاء عطلته. ونقلت وكالة «اسوشيتد برس» عن «الاناضول» امس ان اردوغان سيلتقي مع الاسد في منتجع «بودروم» على شاطئ بحر إيجة. ولم يمكن تأكيد الأنباء حول لقاء اردوغان والأسد من مسؤولين سوريين او أتراك بوزارتي الخارجية. وتضاربت أمس الأنباء حول طريقة اغتيال المستشار الامني للرئيس السوري ومدير مكتبه، ففيما قال موقع «جبهة الخلاص الوطني» السوري المعارض إنه اغتيل برصاص قناص على متن يخت من البحر خلال قضائه إجازة في منزله بمنتجع سياحي بطرطوس وأصيب في رأسه وقلبه وتوفيَّ على الفور، قالت مصادر اخرى إن عملية الاغتيال نفذت من خلال إطلاق رصاص من بندقية مزودة بكاتم صوت على منطقة الرأس وبقيت رصاصة في الرقبة، فيما كانت مصادر أخرى قد قالت لـ«الشرق الأوسط» انه قتل بـ4 رصاصات من قناص على متن قارب في البحر المقابل لمنزله. ولم تتوافرْ أية معلومات رسمية حتى الآن من السلطات السورية التي لم تعلن عن الاغتيال حتى مساء امس. وكان موقع «جبهة الخلاص الوطني» من المواقع السورية القليلة، التي بثت الخبرَ، الذي لم تتناوله وسائل الاعلام السورية حتى الآن. وقال موقع «جبهة الخلاص» امس ان العميد سليمان، وهو من مواليد بلدة الدريكيش، تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية بجامعة دمشق والتحق بدورة مهندس قيادي في الكلية الحربية وتخرج برتبة نقيب مهندس قيادي، وهو متزوج من دير الزور، وله ثلاثة اولاد. وأضاف الموقع ان سليمان كان من اوائل المتفوقين في الكلية الحربية مما سهل له التقرب من النقيب باسل الاسد آنذاك، الشقيق الراحل للرئيس السوري، ثم عين ضابطاً مهندساً قيادياً في الحرس الجمهوري في الكتيبة التي كان يرأسها باسل الاسد. وقد ابتعث الى الاتحاد السوفياتي لتطوير سلاح الدبابات بالحرس الجمهوري وحصل على الماجستير في سلاح الدبابات، ونال الدكتوراه في تطوير سلاح المدفعية. وبعد عودة سليمان الى سورية، التحق بالحرس الجمهوري وتقلد منصبَ مديرِ مكتبِ باسل الاسد ومستشاره الخاص للشؤون العسكرية. وكان عضوا في اللجنة العسكرية الخاصة لإدارة التسليح المختصة بشراء الاسلحة وتطويرها. وبعد وفاة باسل الاسد وتسلم بشار للواء الـ41 للحرس الجمهوري، تسلم العميد سليمان منصب مدير مكتب بشار الاسد الخاص، واصبح يدير غرفة العمليات الخاصة لبشار الاسد والتي تتعلق بنقل الضباط وتسريحهم ومتابعة شؤون الجيش والشؤون الأمنية. كما أسس مكتباً خاصاً بالتنسيق مع مكتب المعلومات التابع للقصر الجمهوري لمتابعة الوضع الداخلي، وكل ما يتعلق بالوزارات والمؤسسات الحزبية. وخلال وفاة الرئيس السوري الراحل، حافظ الاسد، كان سليمان رئيس غرفة العمليات التي تدير الاجهزة الامنية، وكان المسؤول الأول عن تعيين اللجنة المركزية واعضاء القيادة القطرية في المؤتمر القطري لحزب البعث عام 2000 ولاحقاً في المؤتمر القطري عام 2005. وبعد ترقية سليمان الى رتبة عميد، أسندت اليه كافة الملفات المتعلقة بالجيش، وألحقت له رئاسة الاركان ووزارة الدفاع التي اصبحت تحت إمرته مباشرة. وأشرف ايضا على توجيه الاجهزة الامنية. وكانت لا تتم كافة الاعتقالات في سورية إلا بعد موافقته. وكان العميد سليمان يدير من خلف الستار تعيينات الوزراء والمحافظين. ووفقاً لـ«جبهة الخلاص» السورية، فإن سليمان، وهو شخصية غامضة، لم يكن على علاقة جيدة مع اللواء شوكت، مدير الاستخبارات العسكرية، لعلاقته مع ضابط كبير كان يرسل بريد شعبة المخابرات وتقارير مراقبة تحركات اللواء شوكت مباشرة الى العميد سليمان.. أما علاقة سليمان بالعقيد ماهر الاسد، بحسب هذه المصادر، فكانت جيدة لوجود تنسيق امني مباشر بينه وبين مدير مكتب الامن الخاص لماهر الاسد.

الى ذلك، قالت مصادر سورية ان عددا من المسؤولين السوريين حضروا التشييع في بلدة الدريكيش؛ بينهم ماهر الاسد، قائد الحرس الجمهوري. ونقلت وكالة رويترز عن مصادر، قولها ان سليمان كان منخرطا، الفترة الأخيرة، في تجهيزات لتطوير قدرات الجيش السوري، موضحة ان بشار الأسد أرسل رسالة هذا الاسبوع الى الجيش السوري يطلب فيها من الجيش ألا يتوانى عن جهود تحسين قدراته. وقال مصدر سوري لرويترز، رفض الكشف عن هويته: «هذا تطور يهز الأرض، منذ متى نرى اغتيالات تحدث في سورية بهذه الطريقة؟». كما نقل موقع «كلنا شركاء»، وهو موقع سوري غير حكومي، ان أوساطاً مطلعة بمدينة طرطوس تتداول أن عملية الاغتيال نفذت عبر إطلاق رصاص من بندقية مزودة بكاتم صوت على منطقة الرأس، وإن سليمان فارق الحياة فوراً، حيث نقل جثمانه إلى «مشفى الباسل» بطرطوس. وقال الموقع ان تشييع جثمان العميد سليمان تم مساء الأحد في الدريكيش حيث أغلقت الطرقات، وشارك عدد كبير من المسؤولين في التشييع «حيث كان يعتبر مرجعاً لشخصيات حكومية وقيادية حزبية وأمنية كثيرة». وتابع الموقع، وهو الموقع السوري الوحيد داخل سورية الذي نقل الخبر، ان: «شهيد الواجب العميد محمد سليمان، مهندس تخرج عام 1984 وتطوع في دورة المهندسين القياديين مع الشهيد باسل الأسد. وبعد ذلك عمل مع الرئيس بشار الأسد كمدير لمكتبه عندما كان قائداً للواء 105 في الحرس الجمهوري، وكلف أثناء عمله ذاك بالإشراف على مركز الدراسات والأبحاث العلمية الذي يرأسه الدكتور عمرو أرمنازي، ويتبع لقيادة الجيش، حيث كان عضو مجلس الإدارة فيه. وكذلك كلف متابعة ومراقبة عمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. وبعد تسلم الدكتور بشار الاسد مهام رئيس الجمهورية، نقله معه حيث تشير المعلومات إلى أنه كلف المهمات الأمنية الخاصة برئيس الجمهورية». وبعد عملية الاغتيال تم تطويق شاطئ «الرمال الذهبية» في طرطوس من البر والبحر بقوارب عسكرية، وتم احتجاز عدد من الأشخاص من رواد الشاليهات القريبة من شاليه العميد سليمان. وأوضحت وكالة رويترز ان المنتجع اغلق للتحقيقات. واغتيال العميد سليمان هو اول اغتيال داخل سورية يتم بعد اغتيال عماد مغنية الذي قتل في 14 فبراير (شباط) الماضي بتفجير سيارته خلال زيارة سرية الى دمشق، قالت مصادر آنذاك إنها تضمنت لقاءات بين مغنية ومسوؤلين بالفصائل الفلسطينية. واتهمت دمشق اسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال، وفتحت تحقيقا في ملابساته. غير ان نتائج التحقيق لم تعلن بعد، كما لم يُعتقل أحدٌ على خلفية القضية، سواء بالتواطؤ او بالتخطيط. وجاء اغتيال مغنية بعد قيام اسرائيل في سبتمبر (أيلول) الماضي بالهجوم على ما قالت إنه موقع نووي في منطقة دير الزور، يشتبه في ان سورية كانت تطوره بالتعاون مع كوريا الشمالية وإيران. إلا انه رغم قصف اسرائيل للموقع، بدأت دمشق بعد ذلك بفترة قصيرة مباحثات مع اسرائيل عبر تركيا من اجل استعادة الجولان وتطبيع العلاقات بين الطرفين. وفيما لمحت مصادر اسرائيلية بأن يكون اغتيال سليمان قد تم على خلفية «إخفاقه» فيما يتعلق بموقع دير الزور، الذي قالت المصادر، إنه كان مشروعاً مشتركاً بين طهران ودمشق لتعزيز علاقاتهما الاستراتيجية وقدراتهما العسكرية، استبعد مصدر سوري مطلع هذا الطرح، موضحا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من لندن: أن «قضية تدمير مفاعل دير الزور مرَّ عليها وقت طويل.. فلماذا يُغتال بسببها الآن؟».