القذافي في تونس: كنت ألح على بن علي للترشح لولاية خامسة

حذر إيران من مصير العراق بسبب برنامجها النووي

TT

اختتم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي امس زيارة لتونس دامت ثلاثة أيام تلبية لدعوة من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وأعرب القذافي عن سعادته لإعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ترشيح نفسه لولاية خامسة، وقال: الحقيقة أني كنت ألح عليه منذ زمن، وأقول له أرجوك لا تتراجع لأن هذه معركة، هذا يعني تكليفا من الشعب وليس تشريفا. هذه معركة، أنت قدت، أنت صنعت التحول في الـ 7 من نوفمبر، هذه معركة بدأتها تبقى فيها إلى آخر قطرة من دمك. ولم يكتف القذافي بالتعبير فقط عن سعادته الشخصية بل أقر بأن الليبيين كلهم سعداء بسماعهم بأن الرئيس التونسي سيترشح لولاية أخرى.

وأضاف «هذا شيء عظيم، لأن نحن مستأنسون به ومرتاحون به ومطمئنون بوجوده في تونس.. حتى لمصلحتنا الوطنية كليبيين أن يكون الرئيس زين العابدين على رأس تونس».

وقال القذافي في سلسلة خطب متفرقة أدلى بها مساء أول من أمس في العاصمة التونسية، إن اللغة العربية تواجه تحديا قاتلا وانهيارا حقيقيا. وأضاف القذافي الذي سيحتفل في سبتمبر (أيلول) المقبل بمرور 39 عاما على تولي الحكم في ليبيا، ما نصه: «أنا تأتيني رسائل رسمية من رؤساء دول عرب مغلوطة من ناحية الإعراب والنحو، وهو شيء يؤسف له حيث قواعد اللغة العربية ضاعت».

وعاب القذافي في أحاديثه التي بثتها وسائل الإعلام الليبية والتونسية أمس، ذيوع الأخطاء النحوية في معظم وسائل الإعلام العربية، معتبرا أنه لا توجد أية مرجعية عربية تصحح اللغة، ولم يعد هناك مجمع عربي يُعرّب أي شيء جديد.

ولاحظ القذافي أن العرب يرددون بعض المصطلحات الغربية بدون أن يفهموا معناها أو سياقها اللغوي، مؤكدا أن كلمة سيارة باللغة الإنجليزية مشتقة من الفعل العربي كر. وأضاف: «عندما صنعوا السيارة، لم يسمها الذين صنعوها، سيارة قالوا مثلا (أوتو مبيل) أو (كار) رغم أن كار كلمة عربية أصلا مشتقة من الكر، كار، ولما صنعوا الصاروخ، لم نقل (مسايل) أو (روكت).. هم قالوا هكذا ولم يقولوا من البداية صاروخ، لقد قالوه بلغتهم وعربوه لنا وقالوا هذا معناه صاروخ».

وأشار القذافي إلى أن ليبيا علاقتها جيدة جداً مع معظم دول الاتحاد الأوروبي خاصة إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، معتبرا أن المشاكل الأولى مع الولايات المتحدة قد انتهت. وأضاف «خلاص الأميركان تعبوا، فقد صارعوا.. صارعوا ليبيا وبعد ذلك اعترفوا بالأمر الواقع».

لكن رغم هذه العلاقات الممتازة بين ليبيا وهذه الدول، قال القذافي إن بلاده لم تقبل أن تدخل في مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «الاتحاد من أجل المتوسط» وتخرق قرارات القمة الأفريقية، أو أن تساهم في تقسيم أفريقيا.

وشدد على أنه لا يوجد أي اعتراض على أي علاقات مهما كانت متطورة مع أي دولة «لكن ليس ضروريا أننا نعمل اتحادا مع اسكندنافيا وغرين لاند وآيسلند واسكتلندا وآيرلندا والبلطيق وجورجيا وأوكرانيا».

وأضاف «غير معقول أننا نحن لم نعمل اتحاد المغرب العربي، ونعمل اتحادا مع البلطيق ؟!».

وانتقد القذافي ضعف العلاقات بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وقال «علاقة تونس بألمانيا، أكيد أكثر بكثير من علاقتها بالجزائر، وعلاقة الجزائر بفرنسا أكثر بكثير من علاقتها بالمغرب.. بل العلاقة بين المغرب والجزائر الآن الحدود مقفلة، وعلاقة ليبيا بإيطاليا مثلا أقوى بكثير من علاقتها بمصر».

وأشار إلى أن علاقة أي دولة عربية بدول أجنبية أفضل كم مرة من علاقتها بدولة عربية جارة لها. وبعدما لفت إلى تعدد أسماء العملات النقدية في الوطن العربي، شدد على أن «الأمر الأخطر والأسوأ هو أن عدو هذا العربي، صديق لهذا العربي الآخر وأحيانا يكون حليفا له».

وأضاف «بالنسبة للأمن. فإن واحدا منا يربط أمنه مع أمريكا. وواحد يرى أن أمريكا تهدد أمنه إذن لم يعد هناك أمن عربي مشترك، فواحد عربي يؤمن وجوده بأمريكا، وواحد عربي يرى وجوده مهددا من طرف أميركا»، وخلص القذافي إلى أنه لا يوجد أمن أو دفاع عربي مشترك، مدللا على ذلك بقوله: «نجد أن واحدا يدافع بالتحالف مع إسرائيل، وواحدا يدافع بالتحالف مع الأمريكان، وواحدا يدافع بالتحالف مع إيران، وواحدا يدافع بالتحالف مع فرنسا.. فأين الدفاع المشترك؟».

وبعدما رأى القذافي أن العمل العربي المشترك، اسم بدون مسمى، لاحظ أنه عندما تتم قراءة خريطة العرب الحالية يبدون أنهم ليسوا أمة واحدة حيث أنهم مختلفون حتى في التسميات الرسمية لدولهم.

وأكد القذافي عدم وجود إطار عام للعرب يخلق قواسم مشتركة للعرب حاليا أمام العالم الآخر ليتمكنوا من مواجهة العولمة وثورة المعلومات والثورة التقنية. مؤكدا أن مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» هو محاولة استعمارية جديدة لإعادة إحياء خريطة الإمبراطورية الرومانية واستعادة الدول الاستعمارية لمستعمراتها القديمة باستعمال نفس الأساليب التي استعملها نابليون في استعماره لمصر والطليان في استعمارهم لليبيا.

وأقترح الزعيم الليبي على الذين اندمجوا في هذا المشروع أن يشترطوا على الجانب الأوروبي أن يتم التعويض عن مرحلة الاستعمار الأوروبي لتثبت أوروبا حسن نياتها وحتى لا يتكرر الاستعمار.

ونصح الرئيس الليبي معمر القذافي أمس إيران بالتخلي عن مساعيها لامتلاك أسلحة نووية، «حتى تتجنب ما آلت إليه العراق بسبب سياسة الرئيس السابق صدام حسين». ووصف الزعيم الليبي في خطابه بجامعة تونس أثناء حفل منحه الدكتوراه الفخرية الموقف الإيراني في تناول ملفها النووي بالـ «مكابر»، متوقعا فرض المزيد من العقوبات الدولية على طهران إذا استمرت على هذا النهج.

وقال القذافي: «إنني على يقين من التهديدات بالتدخل العسكري ضد إيران»، محذرا من نتائج ذلك على الشعب الإيراني. وأضاف القذافي أن تمسك إيران ببرنامجها النووي يفوق قدرتها على المواجهة، مستدلا بمصير يوغوسلافيا السابقة نتيجة عزلتها الدولية وقال: «من كان يتصور أن يوغوسلافيا يمكن أن تختفي في غمضة عين».

وتهدد واشنطن وإسرائيل باللجوء للخيار العسكري ضد إيران بسبب أنشطتها النووية في حال فشل الحل الدبلوماسي.

ويتهم الغرب إيران بالسعي لامتلاك سلاح نووي عبر تطوير برامجها النووية سرا، بينما تقول إيران إنها بصدد تطوير طاقتها النووية لأهداف تكنولوجية سلمية. وكشف القذافي في خطابه أن ليبيا أجرت مع لندن وواشنطن محادثات سرية في ديسمبر (كانون الأول) 2003 ولمدة تسعة أشهر حول برنامجها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، مشيرا إلى أن ليبيا سمحت بدخول لجنة تفتيش تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأكد القذافي أهمية إقامة تكتلات إقليمية لمجابهة التحديات المستقبلية في ظل الاندثار المتوقع لما يعرف بـ «الدولة الوطنية»، على حد قوله، مشيرا إلى أن بناء الاتحاد الأفريقي والعمل في مرحلة لاحقة على إرساء الولايات المتحدة الأفريقية يرمي إلى بعث فضاء اقتصادي كبير قادر على منافسة التكتلات الكبرى الإقليمية الأخرى.