إسرائيل تنفي ضلوعها في اغتيال المستشار الأمني للأسد.. وأنباء عن خلافات داخلية حول إيران

مصدر إسرائيلي: يمكن قتل عنصر من حزب الله في دمشق.. لكن لا يمكن قتل سوري في سورية بقناص

TT

نفت إسرائيل أن تكون لها يد في عملية اغتيال المستشار الأمني للرئيس السوري بشار الأسدالعميد محمد سليمان. وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي، ردا على ما إذا كانت لإسرائيل يد في عملية الاغتيال: «الحكومة الاسرائيلية ليس لديها أي معلومات مباشرة او تعليق على هذا الحادث». ويأتي ذلك فيما قال مصدر سوري لـ«الشرق الأوسط» ان هناك صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات من المقربين من العميد سليمان او اسرته او معارفه لانهم لا يردون على هواتفهم، موضحا أنه استحال حتى الآن الاتصال بهم او الحديث معهم. وفيما توقع المصدر السوري أن تعلق دمشق على الخبر خلال الـ24 ساعة المقبلة، ظهر امس ان الاغتيال ربما يكشف عن تعقيدات وخلافات داخل النخبة السورية حول العلاقة مع إيران وحزب الله من ناحية، واسرائيل من ناحية اخرى. وفيما نفى المتحدث باسم اولمرت ان تكون لإسرائيل يد في اغتيال سليمان، الذي قتل ليل الجمعة برصاص قناص من يخت امام شاطئ مدينة طرطوس السورية، قال مسؤول اسرائيلي آخر لمحطة «سكاي» الاخبارية البريطانية: «على حسب معلوماتي. نحن لم نفعلها. هذا خروج على القواعد. بالطبع الاغتيالات تحدث. لكن اغتيال عميد في الجيش في بلده، اقرب الى اعلان حرب. ونحن لا نريد حرباً مع سورية، نحن مشغولون بالحديث معهم». فيما قال مصدر اسرائيلي ثان تحدث لـ«سكاي»، شريطة عدم الكشف عن هويته: «يمكن قتل جاسوس إيراني في لبنان، يمكن قتل عنصر من حزب الله في سورية. لكن لا يمكن قتل سوري في سورية بقناص». وتابع: «القناص يمكن ان يخطئ الهدف. يمكن ان يعتقل. وبالتالي سيكون هناك رد انتقامي. ليس هناك طرف من الطرفين، سورية او اسرائيل، يريد ان يُمسكَ في هذه اللعبة».

من ناحيتها، قالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية ان المسؤولين الاسرائيليين يعتقدون ان سليمان كان مسؤولا عن ارسال شحنات من السلاح الإيراني والسوري الى حزب الله، وبينها صواريخ بعيدة المدى تصل لإسرائيل مداها 70 كليومتراً. الى ذلك، قال مصدر سوري لـ«الشرق الأوسط» ان «هناك صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات من المقربين من العميد سليمان او اسرته او معارفه لانهم لا يردون على هواتفهم. واستحال حتى الآن الاتصال بهم او الحديث معهم». وتابع: «هناك حالة تكتم، وتعليمات ألا يتم التعامل إعلامياً مع الموضوع». وأوضح المصدر السوري أن عدم تعليق السلطات حتى الآن على الخبر، قد يكون سببه الشعور بالاحراج البالغ، موضحا ان اغتيال شخص بهذه الاهمية بهذه الطريقة إحراج للنظام كله، خصوصاً بعد اغتيال عماد مغنية في فبراير (شباط) الماضي وتدمير مفاعل دير الزور في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتابع: «هناك شيء غير طبيعي.. هناك شيء مضبوط». واستمرت حالة الصمت الرسمي السوري ازاء اغتيال العميد سليمان، ولم يصدر حتى يوم امس أي خبر في وسائل الاعلام السورية. وقال المصدر السوري: «الصحف والتلفزيون ووكالات الأنباء لم تذكر الخبر حتى الآن. المصدر الوحيد الذي تناقل الخبر هو المواقع الانترنتية السورية. وهذه أخذت الخبر من وسائل الاعلام الاجنبية والعربية، لانه ليست هناك أي انباء داخل سورية حول الموضوع». ويأتي ذلك فيما نقلت وسائل الاعلام الإيرانية الخبر، موضحة ان القناص «اسرائيلي»، بدون ان توضح هوية مصدرها. وكان مصدر سوري آخر قد قال لـ«الشرق الأوسط» ان الوقت مبكر لتحديد ما إذا كانت عملية الاغتيال مرتبطة بخلافات داخل النخبة السورية، موضحا «هناك خلاف على المصالح بين مجموعات مختلفة، وهناك مراكز قوى موجودة في النظام، هذه المراكز تختلف على المصالح»، الا أنه من الصعب تأكيد او نفي تورط اشخاص من داخل النظام في الاغتيال في الوقت الحالي. وذكر أن «التصفية لا تتم الا بقرار مركزي. هذه عملية كبيرة. هذا شخص له مركزه في النظام والجيش». وفيما ذكر موقع «جبهة الخلاص الوطني» السوري، التي يرأسها النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام، والذي يقود المعارضة السورية في الخارج، ان علاقات العميد سليمان لم تكن علاقته جيدة بآصف شوكت، مدير شعبة الاستخبارات العسكرية السورية بسبب علاقة سليمان بقائد كبير في الجيش كان يرسل بريد شعبة المخابرات وتقارير مراقبة تحركات اللواء شوكت مباشرة الى العميد سليمان، نقلت امس صحيفة «الغارديان» البريطانية نقلا عن مصدر سوري ان حساسيات نشبت داخل النخبة السورية بعد تقليص صلاحيات وسلطات اللواء اصف شوكت بعد اغتيال عماد مغنية، مسؤول العمليات الامنية في حزب الله في قلب دمشق. وأوضح المصدر السوري ان المشرف على تقليص صلاحيات شوكت كان العميد سليمان، الذي كان ايضا «همزة الوصل» بين بشار الاسد وأجهزة الجيش، موضحا ان هناك تقارير حول تباينات داخل النخبة السورية حيال العلاقة مع إيران وحزب الله من ناحية، واسرائيل من ناحية اخرى. الى ذلك، تحدثت امس مصادر سورية عن ان زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى تركيا تمت بطريقة مفاجئة. وأوضحت هذه المصادر التي لا تستطيع الكشف عن هويتها لـ«الشرق الأوسط»: «الزيارة لتركيا وترتيباتها تمت بسرعة. موضوع السلام هذا يحكى عادة على التليفون بين المسؤولين السوريين والأتراك. كانت هناك مفاجأة في اعلان زيارة تركيا». وكانت وكالة انباء الاناضول قد ذكرت ان لقاء الاسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان سيكون خلال وجود الرئيس السوري في منتجع سياحي ببحر ايجة، موضحة ان الرئيس السوري يقضي اجازته هناك، إلا أن وكالة الانباء السورية نفت امس ان يكون الاسد في عطلة بتركيا، موضحة ان توجهه الى هناك هو لبحث عملية السلام مع الاسرائيليين بواسطة تركيا. ومن المقرر ان تلتقي المستشارة لشؤون الاعلام بالقصر الرئاسي السوري، بثنية شعبان، مع الصحافيين السوريين اليوم من اجل اطلاعهم على تطورات عملية السلام مع اسرائيل. ومن غير الواضح ما إذا كانت المستشارة شعبان ستتطرق الى اغتيال سليمان. يذكر ان ذلك اول مؤتمر صحافي لها، بعدما تولت منصبها الجديد وتركت منصب وزيرة شؤون المغتربين. وترافق شعبان بشار الأسد في زيارته لتركيا. وبسبب انعدام المعلومات حول اغتيال العميد سليمان وخلفياته، ترددت امس تقارير ان الاغتيال قد لا يكون قد تم على يد اسرائيل او حزب الله او جهات داخل سورية، كما يرجح البعض، بل تم على يد جهات من عائلة غازي كنعان وزير الداخلية السوري الراحل، الذي وجد مقتولا في مكتبه يوم 12 اكتوبر (تشرين الأول) 2005. وقالت السلطات انه انتحر باطلاق الرصاص على نفسه. وتردد امس ان اغتيال سليمان قد يكون دافعه الانتقام، اذ انه بعد مقتل كنعان عثر على شقيقه علي كنعان مقتولا ايضا على رصيف للقطار بعد نحو عام. وأشارت هذه التقارير الى ان افراداً من عائلة كنعان القوية بمدينة طرطوس، حيث قتل سليمان، كانت تحمل سليمان مسؤولية وفاة كنعان. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن جثة علي كنعان وجدت مهشمة على سكة قطار قرب منطقة بستان الباشا التي لا تبعد كثيرا عن القرداحة. وصنفت مصادر عائلية الحادث على انه انتحار. وقال أحد أبناء علي كنعان إن والده كان يمر بحالة اكتئاب، وانه توقف عن النوم في المنزل وصار ينام بمزرعته على طريق جبلة، وعلى بعد أمتار منها سيارته التي كان يستقلها في التنقل بين البيت والمزرعة. يذكر ان انتحار كنعان كان من حالات الانتحار النادرة في سورية، وسبقه انتحار محمود الزعبي، رئيس الوزراء السوري السابق، الذي انتحر في 21 مايو (أيار) 2000 خلال التحقيقات معه، بعد اقالته وتوجيه اتهامات بالفساد له.