المبعوث الأميركي في الخرطوم خلال يومين لبحث سلام دارفور ومذكرة توقيف البشير

شريكا الحكم في السودان يسعيان لإطفاء بوادر تمرد جديد في جنوب كردفان

الرئيس عمر البشير يستقبل خالد مشعل زعيم حركة حماس الفلسطينية في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

كشفت مصادر رسمية مطلعة لـ «الشرق الاوسط» ان المبعوث الاميركي الخاص روبرت وليامسون سيزور الخرطوم خلال اليومين القادمين، يجري خلالها مباحثات مع المسؤولين في الحكومة حول تسريع السلام في اقليم دارفور، وتداعيات الازمة التي فجرتها مذكرة مدعي المحكمة الجنائية بتوقيف الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الاقليم، وتعتبر الزيارة، اذا ما تمت، هي الأولى من نوعها منذ صدور المذكرة في الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي.

وقالت المصادر ان المبعوث الاميركي لا يحمل رؤية محددة من الإدارة الاميركية وانه سيتدارس امر المذكرة مع الحكومة للإطلاع على وجهة نظرها وموقفها من الأزمة، وذلك لبلورة رأي اميركي حول القضية، بجانب انه سيناقش موقف تنفيذ اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب واتفاق حل نزاع منطقة ابيي المتنازع عليها بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وتاتي زيارة المسؤول الاميركي في وقت تشن فيه الدوائر الحكومية في الخرطوم هجوما عنيفا على بلاده وبريطانيا وفرنسا باعتبارها المسؤولة عن دفع المذكرة الخاصة بطلب توقيف الرئيس البشير.

من ناحية اخرى، قال سفير السودان لدى تشاد عبد الله الشيخ في تصريحات صحافية ان ترتيبات عملية بدات بين العاصمتين الخرطوم وانجمينا لعودة الدبلوماسية السودانية الى العاصمة التشادية خلال اسبوع أو 10 ايام، واضاف ان طاقم السفارة الجديد سيشكل في اليومين المقبلين، ومضى ان تبادل السفراء عبر التنشيط العملي للسفارات من المتوقع ان يتم بالتزامن مع نفس السقف الزمني المضروب لاستئناف عمل البعثتين الدبلوماسيتين في الخرطوم وانجمينا، واعتبر خطوة اعادة العلاقات الدبلوماسية خطوة جادة نحو عودة العلاقات السياسية إلى طبيعتها، على حد تعبيره.

من ناحية اخرى، حذر شريكا الحكم في البلاد: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من احتمالات نشوء تمرد جدي على الحكومة خاصة حكومة الجنوب في منطقة جبال النوبة الواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب وتسيطر على المناطق الجنوبية منها الحركة الشعبية جناح جبال النوبة، التي كان يتزعمها الراحل يوسف كوة احد ابرز قيادات الحركة الشعبية من جبال النوبة، وتعهد الشريكان في اجتماع عقداه في منطقة «كاودا» احدى معاقل الحركة الشعبية في جبال النوبة بازالة العقبات التي تعترض انفاذ اتفاق السلام بجنوب كردفان والنيل الازرق، قالا انهما «سيعملان سوياً لمنع الفلتات الأمنية وإخماد أي بوادر للتمرد بالمنطقة. ومن الاسباب الاساسية للتذمر وسط جنود الحركة الشعبية جبال النوبة عدم صرف رواتبهم لاشهر. وكشف ان نحو «1020» جنديا مسلحا من الحركة الشعبية جناح جبال النوبة دخلوا فيما يشبه التمرد على قيادة الحركة وتركوا المواقع التي حددوها لهم جنوب الحدود بين الشمال والجنوب وفروا الى الشمال احتجاجا على عدم صرف رواتبهم لاشهر عديدة، وقالت ان هذه القوات الآن في حالة تذمر شديد من قيادة الحركة الشعبية لاعتقادها بانها قد أهملتهم لوقت طويل. وحسب اتفاق جبال النوبة تم نقل آلاف من قوات الحركة الشعبية من معاقل الحركة في جبال النوبة مثل «تولشي وكاودا» الى منطقة «ابيض» جنوب الحدود بين الشمال والجنوب حسب ترسيم عام 1956. وقالت المصادر ان تلك القوات بدأت تفر من ابيض بأسلحتها في اتجاه الشمال وهي في حالة غضب من قيادة الحركة الشعبية.

وكشفت المصادر الى وجود قوة كبيرة اخرى تمردت منذ اشهر على قيادة الحركة في جبال النوبة وهي تتحرك الآن حول مناطق «طروجي وبرام» جنوب مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، وهي الآن ترابط في مناطق، ورجحت المصادر بان هذه القوات تمثل الاتجاه المعارض لسياسة الحركة الشعبية حيال منطقة جبال النوبة.

وفي اجتماع كاودا، قال بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، إن اللجنة المشتركة من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطعت خطوات كبيرة من حيث الترتيب والتصنيف في مشروع دمج القوات حيث تم استيعاب «1500» من قوات الحركة بجهاز الشرطة. وطالب صالح بضرورة الاسراع في معالجة اوضاع البقية والتي تقدر بـ(1500) جندي حتى لا تصبح «خميرة» التمرد وانفلاتات أمنية قادمة، وحض صالح الاطراف على ضرورة الاستفادة من الزمن وتعويض ما أهدر خلال السنوات الثلاث الماضية، وأكد على أهمية الصراحة والوضوح في التعامل في ملف الترتيبات الأمنية. ويقول مراسلون تابعوا اجتماعات «كاودا» ان تقارباً في وجهات الجيش والشرطة. ومن جانبه شن مالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية وعضو الوفد في لقاء جماهيري بكاودا هجوماً لاذعاً على دعاة التمرد بجبال النوبة واتهمهم بالجبن وعدم المقدرة على المواجهة وطالب جماهير المنطقة بعدم الاستماع إليهم.

فيما، وصف الدرديري محمد أحمد القيادي بحزب المؤتمر الوطني وعضو الوفد العلاقة بين الوطني والحركة بأنها «سمن على عسل» رغم وجود بعض الصعاب والعقبات، وقال الدرديري في ندوة في جنوب كردفان ان العلاقة بين الشريكين تمر بأفضل حالاتها، ونادى بضرورة اتحادهما معاً ضد التقولات الأجنبية، اعترف بول ميوم وزير داخلية الجنوب بخطأ قيام الحركة الشعبية باغلاق بعض المناطق في جنوب كردفان في وجه حكومة الوحدة الوطنية، وقال إن ذلك التصرف لم يتم الاتفاق عليه داخل اروقة الحركة، وانتقد مشاركة الوالي السابق خميس جلاب في ترسيخ تلك السياسة.

وافرد اتفاق السلام الشامل السودان المعروف باتفاق نيفاشا ملحقا خاصة للاتفاق حول قضايا جبال النوبة باسم «بروتوكول جنوب كردفان وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق» اعطى المنطقتين حكما ذاتيا في اطار الحكم المركزي، ويتم فيهما قيادة الحكومة بالتناوب بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني. وخصص البروتوكول للمنطقتين نصيبا من الثروة القومية للبلاد وافرد لهما اتفاق للترتيبات الامنية لاعادة الانتشار والدمج والاستيعاب لقوات الحركة الشعبية في المنطقتين.