الميرغني لـ «الشرق الأوسط»: نرفض تقديم أي مواطن لمحاكم خارج السودان

رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني قال ان استمرار اتهام مدعي الجنائية الدولية ضد البشير سيفضي إلى عواقب وخيمة

TT

جدد رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني الرفض التام لتقديم أي مواطن سوداني لمحاكم خارج السودان، وحذر من تداعيات اتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد الرئيس عمر البشير لأن عدم تطويقها سيفضي إلى عواقب وخيمة سودانيا وإقليميا، وكشف عن مبادرة مبكرة بتكوين محاكم خاصة من جانب القضاء السوداني لمحاكمة من طالتهم اتهامات أو مخالفات جنائية في دارفور، وحث الجامعة العربية لتضطلع الدول العربية بتعهداتها لتوفير المال وتوفير الخدمات الحيوية لمواطني دارفور، وطالب بتعاون عربي ـ أفريقي قوي مع دول عدم الانحياز للتصدي للاستهداف الخبيث للسودان، كوطن، وكدولة، وأكد في حوار مع «الشرق الأوسط» بالقاهرة أن المخرج من الأزمات المتصاعدة يكمن في التعجيل بتحقيق الوفاق الوطني الشامل في السودان، وعقد مؤتمر وطني قومي تشارك فيه كل القوى السياسية للتوافق على الحد الأدنى للثوابت الوطنية وللحيلولة دون تردي الأوضاع ولصد المخاطر والمهددات عن السودان، ووصف إجازة قانون الانتخابات العامة في المجلس الوطني بالعمل الصائب مع الدعوة إلى إجراء الانتخابات العامة في موعدها وتهيئة المناخ الملائم لها، وقال إن من حق الحركة الشعبية التي تحولت من حركة عسكرية إلى حزب سياسي ترشيح قائدها الفريق سلفاكير للانتخابات الرئاسية في إطار الالتزام بالتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة عبر صندوق الاقتراع. وفي ما يلي نص الحوار:

> كيف تنظر إلى تداعيات اتهامات المدعي العام لمحكمة لاهاي ضد الرئيس عمر البشير؟

ـ موقفنا المبدئي الذي أعلناه قبل عامين من محكمة جنايات لاهاي يظل ثابتاً ويتمثل في رفض تقديم مواطنين سودانيين لمحاكم خارج السودان، وبالضرورة أننا نجدد الرفض لمحكمة لاهاي واتهاماتها للرئيس السوداني عمر البشير، ونحذر من مغبة ما يمكن أن تعود إليه من فوضى واضطرابات في السودان والمنطقة بأسرها في حالة التمادي في هذه الاتهامات والدفع بها إلى ما هو محظور وطنياً وقومياً وقانونياً وسياسياً، ويتعين على مجلس الأمن والأمم المتحدة تجميد اتهامات المدعي العام لمحكمة لاهاي لأنها قد تضع القوات المشتركة في إقليم دارفور في وضع دقيق وحرج، كما أنها تعرقل الجهود التي تبذل الآن للوصول إلى حل عادل وشامل لتحقيق السلام والاستقرار في إقليم دارفور ووقف معاناة أهله الذين طالت آلامهم الإنسانية.

> ولكن كيف يمكن تطويق تداعيات اتهامات المدعي العام ضد الرئيس البشير؟

ـ لقد طالبنا بتعاون بناء وإيجابي لمواجهة تداعيات الموقف في الجوانب السياسية والقانونية والدبلوماسية إلى جانب تكثيف الجهود وتقديم المساعدات والإيفاء بالتعهدات من جانب المجتمع الإقليمي والدولي، لتحسين الأوضاع الإنسانية لمواطني دارفور سواء في داخل دارفور أو في المعسكرات، لأن ما يشغلنا الآن، ويشغل الضمير الإنساني أن هذه الأحداث تتسارع ويدفع ثمنها المواطن الدارفوري، ولقد طالبت الجامعة العربية بوجه خاص بضرورة التعجيل بتعهدات الدول العربية بتقديم المساعدات المالية الخاصة بتوفير الخدمات الحيوية لتهيئة أجواء الاستقرار والإقامة لأهل دارفور، كما طالبنا الاتحاد الأفريقي بضرورة معالجة أزمة دارفور بالحكمة وبالتعاون والتنسيق مع الجامعة العربية لكسب عنصر الزمن ولكي لا يكون مهدداً للسودان، ولا للدول المجاورة ولا لأفريقيا كلها.

> وكيف تنظر إلى الحلول المطروحة حالياً لمعالجة أوضاع دارفور؟

ـ لقد نادينا مبكراً بالحوار الدارفوري الدارفوري لكافة أهل دارفور، زعماء القبائل، والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات المسلحة في مؤتمر موسع لا يستثني أحداً ولا جهة، وبعثنا برسلنا ورسائلنا للداخل والخارج لهذا الغرض، ونحسب أن الظروف الدقيقة الحالية تقتضي التعجيل بهذا المؤتمر لإنزال السلام الحقيقي على الأرض ولإكمال الحل السلمي المستدام لقضية دارفور مع تنفيذ فوري للمشروعات الخدمية الضرورية لأهل دارفور، وأن الحل السياسي والخدمات والتنمية وجهان لعملة واحدة. > كيف تنظر للاتهامات الموجهة أصلاً من جانب المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين سودانيين؟

ـ لقد رفضنا مبكراً أي اتجاه لمحاكمة متهمين سودانيين بالنسبة لأحداث دارفور خارج السودان، واقترحنا قيام محاكم قضائية خاصة للاضطلاع بالمحاكمة متوخية العدالة والنزاهة التامة داخل السودان، وقلنا إن لدينا قضاء عادلاً ونزيهاً في بلادنا، وأنه أي القضاء السوداني قادر على أداء مهامه ومسؤولياته بالمستوى المطلوب وأنه إذا أقيمت العدالة في الخرطوم فلا لزوم لها في لاهاي أو أي مكان آخر.

> ماذا يحدث في حالة تمادي المدعي العام لمحكمة لاهاي في اتهاماته للرئيس عمر البشير؟

ـ أن هنالك رفضا واسعا لهذه الاتهامات من جانب المجموعات العربية والأفريقية ودول عدم الانحياز والدول الباسيفيكية، لأن التمادي فيها يعرقل جهود السلام المبذولة لصالح أهل دارفور، ولأنها تهدد اتفاقية سلام الجنوب، وكذلك الشرق مما يعرض السودان كله لمخاطر جمة، ولذلك فإن الحلول السودانية والعربية والأفريقية ينبغي أن تتوحد للتركيز على الحل السياسي لإقليم دارفور ولإحلال السلام فيه ودحض ادعاءات المدعي العام في إطار القانون، مع تطبيق القانون تجاه من ارتكبوا جرائم في دارفور عبر محاكم خاصة من جانب القضاء السوداني.

> هل يتعارض المؤتمر الجامع مع دعوتكم للوفاق الوطني الشامل في السودان؟

ـ المطلوب في الأساس في هذه المرحلة أن لا وجود لمزايدات ولا مكايدات سياسية، فالسودان أولاً وثانياً وثالثاً، وكذلك الحال بالنسبة للمصالح العليا للوطن، ومبادرة الوفاق الوطني الشامل في السودان التي طرحت على القيادات السياسية والقوى الوطنية للتداول حول القضايا الرئيسية للتوافق على الثوابت الوطنية والالتزام بها وضرورة الاتفاق القومي على الحد الأدنى للمبادئ والثوابت الوطنية لدرء المخاطر والمهددات عن السودان.

> ما هو موقفكم من إجازة قانون الانتخابات وإقراره من جانب المجلس الوطني؟

ـ نحن الحزب السوداني الوحيد المتمسك بثبات بالديمقراطية وبالانتخابات عبر صندوق الاقتراع، ولذلك يأتي ترحيبنا الفوري بصدور قانون الانتخابات العامة وتهيئة الظروف المواتية لإجرائها في موعدها العام المقبل.

> كيف تنظر لترشيح الحركة الشعبية للفريق سلفاكير لخوض الانتخابات الرئاسية في السودان؟

ـ الفريق سلفاكير قبل قيادته للحركة الشعبية فهو مواطن سوداني، والحركة الشعبية تحولت من حركة عسكرية إلى حركة سياسية، وأعلنت عن تمسكها بخيار وحدة السودان، ومن حقها بالكامل ترشيح قائدها للانتخابات الرئاسية، وهذا حق مشروع لا تحفظ ولا اعتراض عليه، لأن باب الترشيح للانتخابات الرئاسية مفتوح أمام كافة المواطنين، لقد قبلنا بالتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، وأن يكون صندوق الاقتراع هو الحكم والفيصل، فمن ينال الأغلبية يحكم والأقلية تعارض في إطار الحفاظ على وحدة وسلامة الوطن والالتزام بالتعددية والنظام الديمقراطي.

> ما رأيكم في التمديد من جانب مجلس الأمن للقوات الهجين لمدة عام في دارفور؟

ـ نرحب به في إطار المحافظة على سلامة أهل دارفور، ونأمل في التعجيل بالحل السياسي الشامل لدارفور والسودان كله ولتحقيق الاستقرار المطلوب والحيلولة دون تمديد آخر للقوات الهجين بدارفور.