الحرائق تتجدد.. وتجتاح 4 أحراج في جبل لبنان

مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: لا خيوط تدل على أنها مفتعلة

عناصر من جهاز الدفاع المدني اللبناني تساهم في اطفاء الحريق الذي اندلع أمس في بلدة عين عنوب في جبل لبنان (أ.ف.ب)
TT

كان هدير طوافات الجيش مسموعا منذ صباح امس في ارجاء بيروت. فأدرك بذلك بعض اللبنانيين وقبل الاطلاع على اي نشرة اخبارية، ان طبيعتهم تحترق من جديد. خيبة تلو الخيبة تصيبهم مع اشتعال حريق تلو الآخر. المساحات الخضراء التي يركض اليها اللبنانيون في عطلات الاسبوع تتقلّص شيئا فشيئا. والمساحات السوداء تتّسع، فيما عتاد فرق الاطفاء وعديدها لا يزالان متواضعين. والنتيجة: صيف حارق والنجدة لا بد منها لانقاذ ما تبقى.

وفي أحوال كهذه، تبقى قبرص الجارة الاسرع في تلبية النداء. فأمس انضمت احدى طوافاتها الى الطوافات التابعة لسلاح الجو اللبناني، في اليوم الخامس لاندلاع الحرائق في منطقة قرطبا (قضاء جبيل) وذلك لمساعدة وحدات الجيش اللبناني وعناصر الدفاع المدني في اهماد النيران التي استعرت في منطقة جنة ومار سركيس وتمددت الى احراج بلدات قرطبا وبلحص وفرات وقرقريا والشوان والتهمت اشجار الصنوبر والسنديان والملول على مساحة مليون و800 الف متر مربع. وكانت الطوافة القبرصية قامت منذ اول من امس بطلعات محدودة. وهي تعمل منذ صباح امس مع طوافات الجيش اللبناني لمكافحة النيران، لكن هبوب الرياح ساهم في اتساع رقعة الحرائق في كل الاتجاهات حتى وصلت ألسنة النيران الى بقعة جديدة طالت جبل النمرود حتى قمته التي ترتفع عن ضفة نهر ابراهيم حوالي 800 متر. وغطى الدخان المتصاعد من الحرائق معظم قرى جرد جبيل. وتمت الاستعانة بمياه من بركتين صناعيتين في افقا ونادي قرطبا لتزويد خزانات الطوافات، فيما تقوم سيارات الدفاع المدني بملء هاتين البركتين.

وأمس ايضا، شب حريق هائل في الاحراج الواقعة بين بلدات البساتين، قبرشمون، سرحمول وعيناب في قضاء عاليه. وأتى على مساحات شاسعة تحتوي على أشجار صنوبر وسنديان وبلوط. وقد سارعت فرق الدفاع المدني من المراكز القريبة الى المكان لإهماد الحريق حيث تواجه صعابا لوعورة المنطقة. وشارك في عمليات الاطفاء فوج التدخل الخامس للجيش الى جانب الطوافات العسكرية وطائرات اطفاء قبرصية استأجرها النائب سعد الدين الحريري.

وأطلق رئيس بلدية عيناب فؤاد الشعار نداء استغاثة للمسؤولين والمعنيين كافة، للعمل بكل الوسائل للاسراع في إهماد الحريق الذي بدأ يقترب من المنازل خصوصا من جهة حرج بلدة سرحمول. وهو كان اوعز بفتح البئر الارتوازية في البلدة لسيارات الدفاع المدني، وطلب الى عمال البلدية والاهالي المشاركة في مكافحة الحريق.

وكانت مصادر رفيعة في وزارة الداخلية اللبنانية قالت لـ«الشرق الاوسط» إن «لا خيوط في موضوع افتعال الحرائق، لكن تم تكليف الاجهزة المعنية اجراء ما امكن من استقصاءات». واكّدت ان «هناك جهوزية كاملة لدى الجهات المعنية للادعاء لدى النيابة العامة فور توافر ادلة على افتعال الحرائق». ولفتت الى ان اثبات افتعال حريق ليس امرا سهلا الا اذا تعاون الاهالي وقدّموا معلومات وافادات بذلك. وأشارت الى ان الوزارة تنكب منذ 10 ايام على معالجة الموضوع بصورة جذرية ولن تكتفي بالمعالجة الآنية.

وأوضحت المصادر ان هناك صعابا كثيرة تواجه فرق الاطفاء «فإلى وعورة المناطق، التجهيزات ليست كافية، فضلا عن ان العديد قليل. كما ان مخلّفات الحرب من ألغام وقذائف غير منفجرة تشكّل خطرا على حياة رجال الاطفاء. والاهم عدم توافر طوافات متخصصة لاطفاء الحرائق. وهذا ما تحاول الوزارة توفيره في الايام المقبلة». وعلى صعيد ذي صلة، حدد وزير البيئة اللبناني أنطوان كرم برنامج زيارات ميدانية لغابات المحميات للاطلاع على أوضاعها. وطالب بمكافحة الحرائق من خلال تعزيز إمكانات الدفاع المدني البشرية واللوجستية ووضع حد للاهمال الذي يتسبب بكوارث بيئية كهذه التي تلتهم ثرواتنا الطبيعية. والتقى في هذا الاطار وفدا من محميات صور، أرز الشوف، أرز تنورين، جزر النخيل، حرش إهدن، بنتاعل. واستمع منه الى أوضاع اللجان المتخصصة بهذه المحميات وسبل تحديث القوانين للجان المحميات وحماية الغابات من الحرائق والتعديات. وتم البحث في استحداث مركز نائب عام بيئي لدى وزارة العدل لتلقي الشكاوى المتعلقة بالبيئة واتخاذ العقوبات بحق المعتدين على الغابات والمحميات ومفتعلي الحرائق.