كلينتون يدعو لتكثيف جهود مواجهة المرض ويقاطع بمسيرة صامتة لمشردين

أجواء المؤتمر الـ17 للإيدز تنبض بالغضب والأحلام المستحيلة

TT

استقطب الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون أكبر نسبة حضور من المشاركين في المؤتمر السابع عشر للايدز الى القاعة الرئيسية «رقم واحد» واظهرت اطلالته «الهوليوودية» مدى نجوميته على رغم مغادرته منصبه منذ حوالي ثمانية اعوام. فقد استقبل بالتصفيق الحاد لدقائق قبل ان يتمكن من شكر مستقبليه والتحدث عن الايدز ووسائل اصلاح النظام الطبي. اما الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد استقطبته القرية الكونية التي اقيمت في اطار المؤتمر. والاستقطاب هذا لم يكن عفويا على ما يبدو، وانما كان خطوة مدروسة لمتابعة مسيرته التي كان قد بدأها من خلال الاعلان عن التزامه شخصيا مساعدة المصابين والعمل لتغيير التشريعات والقوانين ورفع التمييز العنصري الذي يمارس على المثليين والعاملات في تجارة الجنس والمدمنين، لذا حرص على التجول بين اجنحة الدول والجمعيات المشاركة والجلوس مع جمهور متواضع لحق به من جناح الى آخر، واستمع اليه واسمعه صوته. البعض قرأ في خطوة بان كي مون دعما قويا لتجمّع المنظمات الدولية لمواجهة الفيروس «UN AIDS»، ورأى فيها سعيا لحث الدول والمؤسسات الرسمية والجمعيات على التعاون وخدمة المصابين. وقد اطلق على هؤلاء المصابين عبارة «شعب فيروس فقدان المناعة» وقال لبعضهم ممن تجمعوا حوله في حلقة صغيرة: «انا صديقكم وانا شريككم».

لكن حماس بان كي مون اثار هواجس البعض الاخر وحيرته واسئلته. فالمؤتمر الحالي يتمحور حول فئات معينة من المصابين، هم المثليون والمدمنون على المخدرات والعاملات في تجارة الجنس. ولعل هذا الامر سيفتح الباب امام ردود فعل دينية واجتماعية حادة، الا انه لا يلغي مدى التأثير الايجابي للرجل الذي يرأس أهم منظمة دولية ومدى فعالية ان يجلس على مقعد خشبي الى جانب السيدة القادمة من احدى جزر الكاريبي يولاندا فقط لتحكي له حكايتها وهي تكاد لا تصدق انها معه، او عندما يغني مع مجموعة شباب اغنية مخصصة لمكافحة الايدز تقول كلماتها: «انا أقدر. انت تقدر. سنهزمه»، او عندما يتوقف ليصافح الجميع ويربك حراسه الامنيين. وبين القاعة «رقم واحد» والقرية الكونية، شهد اليوم الثاني للمؤتمر أحداثا كثيرة ومتنوعة متعلقة بموضوع لا تسهل مقاربته من دون احساس بمدى الخطر الذي يستوجب ليس فقط من الامم المتحدة ومنظماتها الانسانية دق النفير، وانما من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات والافراد. فالمعطيات والوقائع والشهادات الحية كلها تشير الى ان الدنيا لن تبقى بخير طالما لن يتم التصدي الجدي والفعلي لفيروس فقدان المناعة. والارقام التي وردت في التقرير السنوي لتجمّع المنظمات الدولية لمواجهة الفيروس تفيد ان عام 2007 شهد وفاة مليونين ومائة الف شخص واصابة مليونين وخمسمائة الف شخص في انحاء العالم. ولم يوفر كلينتون النظام الصحي في بلاده. فانتقد ما يشوبه من علل, حيث تحدث عن مشكلة المشردين في الدول الصناعية الذين لا منازل تأويهم. قال انه سيساعد الجمعيات النسائية في الولايات المتحدة وانه سيبقى نصيرا للمرأة والطفولة. لكن كلامه الذي قوطع عدة مرات بالتصفيق الحاد، قوطع كذلك بمسيرة صامتة لجمعية تعنى بشؤون المشردين الذين ذكرهم. الغضب لم يقتصر على المشردين. فالغاضبون كثر في العالم. ويبدو ان بعضهم تكبد عناء اجتياز الحدود وحتى المحيطات ليحصل على منبر عالمي ويصرخ غضبه، كما فعلت ممثلة احدى جمعيات السود في الولايات المتحدة التي اطلقت العنان لغضبها مطالبة الادارة الاميركية بتغيير سلوكها تجاه السود وعدم تهميشهم، وقالت ان السود يدفعون ثمنا اغلى من مواطنيهم البيض بسبب التمييز في النظام الصحي. ونتيجة هذا التمييز تبلغ اصابات السود بالفيروس ضعفي اصابات البيض. لكن مقابل التنفيس عن الغضب الذي يسود قاعات المؤتمر المستعصية على الاحصاء لكثرة النشاطات، هناك في القرية الكونية احلام ستنقلب مفاعيلها على اصحابها. فالمكان حمل الى بعض المشاركين من الفئات المهمشة احلاما مستحيلة. وربما لن يكون سهلا على بعضهم العودة الى ما كانوا عليه قبل دعوتهم والاهتمام بهم وتكريمهم وكأنهم أبطال العالم.