مسؤول إيراني لـ «الشرق الأوسط»: ليس هناك موعد لردنا.. وهو مرهون بتوضيح نقاط غامضة في سلة الحوافز

دول 5+1: لا خيار سوى فرض عقوبات جديدة على طهران > نجاد يبحث في أنقرة آليات وضمانات لتنفيذ سلة الحوافز > موسكو: لا تزال هناك «إمكانية» للحوار

TT

أعربت الدول الغربية عن «خيبة أملها» من خطاب إيران، الذي تضمن فقط وعدا إيرانيا بالرد «قريبا» على سلة الحوافز الغربية. وأوضحت الدول الغربية امس أنها تركت «بلا خيار سوى فرض المزيد من العقوبات» على طهران، موضحة ان دول 5 +1 بدأت بالفعل بحث «اطر جديدة» للعقوبات المحتملة. ويأتي ذلك فيما قال مسؤول بالخارجية الإيرانية لـ«الشرق الأوسط»، إنه ليس هناك جدول زمني للرد الإيراني على صفقة الحوافز، موضحا ان هناك قضايا غامضة تريد إيران ايضاحها قبل الرد. واعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الدول الست الكبرى المشاركة في المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني بدأت بحث قرار جديد امس يحتمل ان يصدر عن الامم المتحدة، ويتضمن عقوبات جديدة بحق ايران. وقال المتحدث باسم الخارجية غونزالو غاليغوس امس، انه وعلى اثر مؤتمر بالدائرة الهاتفية، اعرب المديرون السياسيون لوزارات خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا عن «خيبة املهم الكبيرة لعدم اعطاء ايران مرة جديدة ردا واضحا على العرض السخي»، الذي قدم لها. وتابع انه «نظرا الى عدم ورود رد ايجابي واضح من ايران، وعدم التزامها المهل المحددة بموجب قرار مجلس الامن الدولي 1805، فان الدول الخمس زائد واحد تبحث في المراحل المقبلة في مجلس الامن، وبدأت النظر في الخطوط العريضة المحتملة لقرار جديد ينص على عقوبات».

وعقد المؤتمر بالدائرة التلفزيونية بين دول 5+1 امس، بعدما سلمت ايران اول من امس ردا غير ملزم في خطاب من صفحة واحدة للقوى الكبرى، لم تقدم فيه طهران اجابة قاطعة على عرض بتجميد العقوبات مقابل تجميد الانشطة النووية. وقال جاليجوس «نحن محبطون جدا، لان ايران فشلت مرة اخرى في اعطاء مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا اجابة واضحة على مجموعة الحوافز السخية من خمسة زائد واحد. الرسالة التي تلقيناها امس تبدو وسيلة للمماطلة». من جهة اخرى، قال مسؤول بالخارجية الإيرانية لـ«الشرق الأوسط»، ان الرد الإيراني على صفقة الحوافز الغربية بانتظار «توضيح نقاط معينة». وأوضح المسؤول، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته، انه ليس هناك جدول زمني لإيران لارسال ردها الى الدول الغربية، موضحا في اتصال هاتفي من لندن: «بخصوص متى سنرد، ليس الامر واضحا حتى الان. ندرس الموضوع وندرس الرد». وأوضح المسؤول الإيراني ان طهران بانتظار توضيحات من الدول الغربية بخصوص نقاط غامضة في سلة الحوافز التي قدمت الى طهران في يونيو (حزيران) الماضي. وتابع: «عندما يتم توضيح نقاط معينة، سيتم ارسال ردنا.. ننتظر بعض التوضيحات»، غير ان المسؤول الإيراني رفض الخوض في تفاصيل القضايا التي تريد طهران إيضاحات حولها. وكان مصدر إيراني آخر قد قال لـ«الشرق الأوسط»، إن سلة الحوافز تتضمن أكثر من 30 بندا، وان الكثير من هذه البنود عائمة، وليس هناك ضمانات لتنفيذها، موضحا ان طهران لا تمانع في ان تنظر جديا في فكرة «التجميد مقابل التجميد»، اي تجميد التخصيب عند مستواه الحالي، مقابل تجميد العقوبات، لكن بشرط ان تكون لديها ضمانات انها ستحصل على مقابل عادل إذا ما أوقفت التخصيب، مشيرا بصفة خاصة الى ان الكثير من البنود المهمة في عرض الحوافز الغربي لطهران لا يمكن ان تقدمه الدول الاوروبية، بل الولايات المتحدة. وتابع المصدر الإيراني ان ما يقلق القيادة الإيرانية هو البنود التي يجب ان تكون هناك ضمانات اميركية لتنفيذها. ويأتي ذلك فيما قال مصدر بالحكومة التركية ان زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد لانقرة، التي قال إنه لم يحدد لها موعد بعد وتأتي بدعوة من الرئيس التركي عبد الله غل تتمحور حول الملف النووي الإيراني. وأوضح المصدر، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»، ان تركيا تريد ان تستغل وضعها، بوصفها قريبة من إيران من جهة، ومن الغرب من جهة اخرى، من اجل ان تقرب وجهات النظر بين الطرفين، موضحا ان من ضمن ما سيبحثه احمدي نجاد آليات وضمانات متعلقة بسلة الحوافز. من جهة اخرى، أفادت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» الاميركيتان، بان الولايات المتحدة رفضت الرسالة الايرانية الأخيرة، وانه لا انتظار لمهلة جديدة، وسيبدأ النظر في العقوبات. وقال ريك غرينيل الناطق باسم بعثة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة لـ«واشنطن بوست» «عرضنا واضح وردهم غير واضح». من جهتها نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن دبلوماسيين اميركيين واوروبيين، لم تكشف هوياتهم، ان الادارة الاميركية تعتبر الرسالة الايرانية «غير مقبولة»، وستعود لطرح المسألة امام مجلس الأمن. وقال دبلوماسي اوروبي، رفض الكشف عن اسمه، للصحيفة «كما كان متوقعا، تقول الرسالة بشكل اساسي: نعم سنعطيكم ردا لكن حين تعطوننا ردا». وأبدت لندن أمس «خيبة املها» حيال رد ايران على صفقة الحوافز، معتبرة ان «لا خيار الان سوى فرض عقوبات جديدة على ايران». وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية كيم هويلز في بيان: «خاب أملنا لعدم تقديم ايران لخافيير سولانا ردا ايجابيا على عرض الدول الكبرى الست السخي». وتابع البيان «لا خيار امامنا الان سوى فرض عقوبات جديدة على ايران». وقال «نأسف ان يكون القادة الايرانيون اختاروا على ما يبدو العزلة». بدورها اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان طهران «لم تقدم الرد المنتظر» على مقترحات الدول الست. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال أن «الوثيقة الاجرائية التي اطلعنا عليها لا تقدم الرد المنتظر منذ اجتماع 19 يوليو في جنيف». وفي برلين رفضت المانيا ايضا رد ايران. وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير، ان الحكومة الالمانية تعتبر رد طهران «غير مرض». وتابع شتاينماير، «اكدنا من خلال هذه العرض اننا نسعى للتوصل الى حل دبلوماسي للنزاع النووي». واضاف ان القوى الكبرى متمسكة بالاستراتيجية الثنائية المتمثلة بعرض حوافز على طهران، في ما تحذر من ان مجلس الأمن سوف يبحث القضية مرة اخرى.

الا أن لهجة موسكو كانت أقل تشددا، إذ اعلن السفير الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين انه لا تزال هناك امكانية حوار مع طهران على الرغم من الرد الغامض الذي قدمته. وقال السفير الروسي للصحافيين «لا نعتقد ان الحوار فشل. نعتقد ان هناك امكانية لهذا الحوار».

وكان المتحدث باسم الخارجية البريطانية قد قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتحاد الاوروبي اتفق من حيث المبدأ على الافكار المتعلقة بالعقوبات الجديدة على إيران، موضحا ان هذه العقوبات ستتمحور حول تقليص دعم التبادلات التجارية بين ايران والغرب، وتفتيش السفن من والى إيران، وفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني. وفرض مجلس الأمن الدولي ثلاث جولات من العقوبات ضد ايران منذ عام 2006. وفي رسالة الى المجلس، قالت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ان البنك المركزي الايراني ومؤسسات مالية ايرانية أخرى تحاول الالتفاف على عقوبات الامم المتحدة من خلال اخفاء آثار أعمالها، وينبغي مراقبتها عن كثب. وقال طهماسب مظاهري، محافظ بنك ايران المركزي لرويترز، في يوليو (تموز) الماضي، ان أية خطوة لفرض عقوبات على البنك قد تزعزع استقرار النظام المالي العالمي المضطرب بالفعل. وجاءت تصريحاته في أعقاب دعوة لجنة بمجلس الشيوخ الاميركي الولايات المتحدة لتصنيف بنك ايران المركزي كراعٍ للارهاب، وهي خطوة من شأنها أن تقود الى عقوبات أميركية. واستهدفت عقوبات من الامم المتحدة والولايات المتحدة بعض البنوك التجارية الايرانية الكبرى بالفعل. وقد اعلن متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان اولي هاينونن نائب مدير عام الوكالة سيزور طهران اليوم لبحث الملف النووي الايراني. ولم يشأ المتحدث بيتر ريكوود اعطاء تفاصيل اضافية حول هذه الزيارة. لكن مصدرا دبلوماسيا مقربا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا اعلن ان زيارة هاينونن لا تتعلق بعرض الحوافز لإيران، وانما تندرج في اطار الاتصالات المعتادة بين الوكالة وايران. وكان هاينونن الذي يزور ايران بانتظام في اطار جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحديد طبيعة البرنامج النووي الايراني، قام بزيارته الاخيرة في نهاية ابريل (نيسان) للحصول على توضيحات حول دراسات مزعومة قامت بها طهران، وتهدف الى عسكرة برنامجها النووي. وفي مطلع يونيو (حزيران) انتهى اجتماع الربيع لمجلس حكام الوكالة الذي يضم 35 دولة بدون ان تقدم طهران التوضيحات المطلوبة او ان تقبل بتعليق انشطة تخصيب اليورانيوم، رغم سلسلة من العقوبات الدولية التي فرضت عليها من قبل مجلس الامن الدولي.

* النص الحرفي لرسالة إيران إلى الدول الست الكبرى

* أعربت الدول الغربية عن عدم رضائها عن الخطاب الذي بعثته إيران الى مكتب مسؤول السياسة والخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، موضحة ان طهران لم تقدم ردا على صفقة الحوافز الغربية، بل وعدت فقط برد قريب.

* في ما يلي النص الحرفي للرسالة التي وجهتها ايران اول من امس الى الدول الست الكبرى: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا والصين وروسيا، بترجمة وكالة الصحافة الفرنسية.

* «باسم الله الرحمن الرحيم

* متابعة لمحادثات جنيف البناءة وتقديم الجمهورية الاسلامية في ايران اقتراحا حول آلية المفاوضات المستمرة، ونظرا الى النقاط المشتركة القائمة في الخطتين المطروحتين كما عرضهما المشاركون في الاجتماع، تم الاتفاق على إيلاء الاقتراحين المزيد من التفكير ليقدم كل من الطرفين «ردا واضحا» الى الآخر.

بالتالي أجرت الجمهورية الاسلامية في ايران بنية طيبة ومقاربة بناءة وتصميم استراتيجي على مواصلة المفاوضات، دراسة دقيقة للآراء المطروحة في اجتماع جنيف للخروج باتفاق تعاون شامل، كفيل بمعالجة مخاوفنا المشتركة استنادا الى واجباتنا الجماعية، وبتحديد جدول زمني لاستشارة كافة الاطراف المعنية للتوصل الى نتيجة مقبولة.

إن الجمهورية الاسلامية في ايران مستعدة الان لتقديم «رد واضح» على اقتراحكم في اقرب فرصة، كما تنتظر في الوقت نفسه «ردكم الواضح» على اسئلتنا والنقاط المبهمة. مما لا شك فيه ان هذا التوضيح المتبادل سيمهد الطريق امام عملية تفاوض سريعة وشفافة ذات نهاية واعدة ويؤسس لتعاون. ويمكن أن تبدأ المرحلة الثانية من المفاوضات في اقرب فرصة ممكنة اذا كانت هناك مثل هذه الرغبة من جانبكم».