أمين الجميل: سلاح حزب الله يؤثر على الانتخابات وعمل الحكومة وموقع الرئاسة

الرئيس اللبناني الأسبق قال إن لبنان أسير استراتيجية إيرانية.. والهدنة هشة ومعرضة للانتكاسة

TT

حدد الرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل، أولويات الملفات التي يجب أن تفتح قبل إقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسورية، بملف المفقودين اللبنانيين في سجون دمشق وتبادل التمثيل الدبلوماسي وإقامة السفارتين بين البلدين. كما شدد الجميل في حوار مع «الشرق الأوسط» على أن سورية لم تساعد لبنان حتى الآن على إثبات لبنانية مزارع شبعا التي تعتبر سوريَّة في نظر القانون الدولي، واكتفت بالدعم الشفهي، ولم تقدم الوثائق للأمم المتحدة لإثبات حق لبنان. وهاجم الجميل سلاح حزب الله واعتبر أن سلطة الحزب أقوى من سلطة الدولة التي «باتت أسيرة لاستراتيجية إيرانية». وفي ما يلي تفاصيل الحوار: > خلال استقباله للأسرى المحررين قال السيد حسن نصر الله إن كل القضايا قابلة للحل، وفسر البعض ذلك بأن مناقشة سلاح حزب لم يعد مشكلة، في تصوركم ما الصيغة لتجاوز هذه العقبة؟ ـ حزب الله يصر على أن تعترف الحكومة بشرعية سلاح حزب الله في البيان الوزاري. وبعد ذلك يشدد على أنه لا نقاش في موضوع السلاح، وإنما المطروح بناء إستراتيجية دفاعية بمعزل عن السلاح، وهذا هو الواضح حتى اليوم. > برأيك ألا يعطل ذلك التفاهم بين الأطراف اللبنانية؟ ـ لذلك موقفنا نحن واضح ونرى أن تطرح كل هذه الأمور على طاولة الحوار، فلا يمكن أن نصل للطاولة والأمور محسومة، وعندئذ سنسأل لماذا الحوار إذن لو حسمت كل هذه الأمور في المجلس الوزاري. > مع من سيتحاور الرئيس وعلى أي خلفية سيبدأ الحوار؟ ـ كنا نود أن يبدأ الحوار أولاً ولكن حزب الله صمم على العكس ليحصل على مكاسب في البيان الوزاري ينطلق منها للحوار.

> هل يؤثر موقف حزب الله سلباً على اتفاق الدوحة؟ ـ طالما وجد في لبنان فريق يستقوى بقوة السلاح على الفريق الآخر، فهذا يعنى أن الأمور ستبقى هشة، وأن الهدنة التي تحققت في الدوحة معرضة للانتكاسة في أية لحظة. > لكن ما تحقق في الدوحة اتفاق وليس هدنة؟ ـ المشكلة المركزية هي سلاح حزب الله، وكل ما عدا ذلك هامشي لأن السلاح يؤثر على الانتخابات وعلى عمل الحكومة وموقع رئاسة الجمهورية لأنه سلطة قائمة بحد ذاتها على هامش السلطات الشرعية بلبنان فأياً كانت الحلول التي يتم الاتفاق سواء تعلقت بانتخابات رئاسية أو تشكيل حكومة أو أي أمر آخر طالما أن هناك سلطة رديفة لسلطة الدولة بل أقوى من سلطة الدولة وتملك إمكانات مالية وعسكرية وسياسية أقوى من إمكانات الدولة تبقى كل الأمور الأخرى عرضة لتفسير الفريق الأقوى المتعنت الذي يستقوى بقوة السلاح ليس فقط على باقي الفرقاء، وإنما كذلك على المؤسسات الدستورية، وهذا ما حدث عندما اجتاح حزب الله بيروت وقتل من قتل ودمر ما دمر ثم انتقل إلى الغرض نفسه، وهذا يدل بأن حزب الله لا يأبه بأي شيء وعنده مخطط وبرامج وأهداف مصرٌّ على تحقيقها مهما كان الثمن والوسيلة وأيا كانت النتيجة. > حزب الله لعب دورا كبيرا في تحرير الجنوب ونجح أخيرا في استعادة الأسرى ويؤكد دائما حرصه على مصالح الدولة اللبنانية هل ترى غير ذلك؟ ـ لا نريد الدخول في تفاصيل حرب تموز، ومن أخذ قرار السلم والحرب وأي ثمن دفعه لبنان من جراء هذه الحرب، ولكن من الناحية المبدئية هناك القرار 1901 الصادر للفصل بين لبنان وإسرائيل وإقامة منطقة عازلة على الحدود بعهدة الأمم المتحدة، وهناك جيش لبناني وقوات طوارئ دولية، وهي مؤتمنة على هذه المنطقة والتي نرى أنها عهدة لدى الشرعية الدولية، وبالتالي أي تحرش من قبل حزب الله في منطقة الجنوب يعد تحرشاً بالقوات الدولية والشرعية الدولية ومخالفاً للقرار الدولي 1901 الذي يجرد حزب الله من حجة استخدام السلاح من أجل المقاومة.

> بعض الأصوات السياسية تقول إن مزارع شبعا وتلال كفر شوبا ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة جزء من سياسة لبنان من اجل استكمال التحرير، ما رأيك في ذلك؟ ـ لا يمكن أن نطالب بالشيء وعكسه في نفس الوقت، وحزب الله كان جزءاً من الحكومة عندما وافقت على القرار 1901، بل أكثر من ذلك الدولة اللبنانية هي التي طالبت بالقرار 1901 وهذا القرار هو الذي جعل منطقة الحدود في عهدة الأمم المتحدة وقوات الطوارئ الدولية فكيف نوافق على هذا التدبير الدولي وفى نفس الوقت ندعي المقاومة، أما بالنسبة لمزارع شبعا، فالجميع متفق على أن الموضوع يجب أن يأخذ منحًى دبلوماسياً وليس عسكرياً كما أن المنطقة بموجب القانون الدولي تحت السيادة السورية وليس اللبنانية، وهذا منصوص عليه في سجلات الأمم المتحدة وتلك الأراضي خاضعة بموجب ذلك للقرار 242.

> هل تقصد أن مزارع شبعا أراضٍ سوريّة أم خاضعة للسلطة السورية؟ ـ أقصد الاثنين معاً، فهي خاضعة للسلطة السورية بموجب سجلات الأمم المتحدة كما أنها أراض سورية يتم التعامل معها بموجب القرار 242 لأنها احتلت عام 1967 وبالتالي فمسؤولية التحرير سوريّة وليست لبنانية.

> لكن موقفكم هذا مغاير لحديث كل القوى اللبنانية التي تؤكد على أن مزارع شبعا لبنانية؟ ـ الجميع يعترف بذلك، وهذا ليس رأيي أو موقفي وحدي، وإنما هو الواقع الذي لا ينكره أحدٌ. > السيد حسن نصر الله أكد أكثر من مرة أن مزارع شبعا لبنانية ولا بد من تحريرها؟ ـ حزب الله يقول إن مزارع شبعا أراض لبنانية، وأنا أقول ذلك أيضا ولكن القانون الدولي رأيه مختلف لأنها مسجلة في الأمم المتحدة كأراض سوريّة خاضعة للقرار 242، إذا أرادت سورية حقيقة أن تساعد لبنان على تحرير تلك الأراضي، فأول خطوة يقتضي أن تقوم بها؛ إرسال الوثائق الرسمية التي تعترف بموجبها أن تلك الأراضي لبنانية إلى الأمم المتحدة عندئذ ستخضع للقرار 425 الخاص بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية؛ وبالتالي تصبح حجة لبنان أقوى بدلا من الحجج الواهية حاليا في نظر القانون الدولي، وسورية تعلن شفهياً أن تلك المزارع لبنانية من أجل إعطاء حزب الله مبرراً للإبقاء على سلاحه وتمتنع في الوقت نفسه عن تقديم الوثائق للأمم المتحدة، وهذا يدل على أن النوايا غير صافية، وأن مزارع شبعا ذريعة لإبقاء الوضع اللبناني متأزم ومتفجر كما هو الآن فسلاح حزب الله ليس هدفه تحرير مزارع شبعا، وإنما مرتبط بإستراتيجية إقليمية أبعد من الوضع اللبناني. وحديث نائب الرئيس الإيراني هذا الأسبوع يؤكد ذلك حيث قال «بقدر تفهم وتساهل الغرب في موضوع المفاعل النووي الإيراني بقدر ما سيساعد ذلك على استقرار لبنان»، وبالتالي فإن مزارع شبعا مجرد ذريعة نختبئ وراءها ونطرحها في كل المناسبات لذر الرماد في عيون الناس والجميع يقع في فخ مزارع شبعا بما يتعلق بسلاح حزب الله. > هل من صيغة تنهي إشكال سلاح حزب الله؟ ـ أهل لبنان قادرون على إيجاد صياغات مبهمة، واضحة وغير واضحة في آن واحد، والمشكلة ليست هنا ونحن نضيع الوقت، فلبنان رهين إستراتيجية إيران. > في تقديرك هل هناك «فيتو» إيراني على التقارب السوري ـ اللبناني؟ ـ لا يوجد أي «فيتو» إيراني على أحد ولكن حزب الله يعتبر جزءاً من إستراتيجية إيران فقط لا غير، وإذا تصالحت إيران مع الغرب سيختلف الموقف فلبنان أسير لإستراتيجية لا علاقة له بها.

> برأيك ما هي الأولويات التي يجب أن تنظرها الحكومة اللبنانية حاليا؟ ـ أول تلك الملفات الانتقاص والتعدي المتعمد على السيادة اللبنانية، وكل الملفات يمكن علاجها حتى الملف الاقتصادي إذا ما تحقق مناخ الاستقرار. > حتى في ظل الوضع السيئ للاقتصاد اللبناني حاليا؟ ـ أعطِ للبنان الاستقرارَ، وهو بمقدوره أن يعالج كل الأمور. والاستقرار يعني احترام سيادته واستقلاله، وان تزال كل البقع الخارجة عن سلطة الدولة، فلا توجد دولة في الكون تقبل بتعدد السيادات على أرضها، وان يكون مصير شعبها بعهدة أحزاب وفئات خارج إطار الشرعية الوطنية.

> كيف ترى انعكاس فرص السلام القائمة الآن بين سورية وإسرائيل على استقرار الوضع اللبناني؟ ـ كل خطوة باتجاه السلام تعزز الاستقرارَ في المنطقة، ولبنان جزء من هذه المنطقة، ونحن نتمنى كل التوفيق لهذه المفاوضات، وأن تنجح تركيا في مبادرتها. وعندئذ يبقى أن تتدخل أميركا في مرحلة ثانية لدفع المفاوضات إلى الإمام، فمفاوضات السلام السورية ـ الإسرائيلية فاتحة خير، ونأمل أن تكلل بالسلام لأن ذلك سيكون له تأثير بالغ على استقرار المنطقة، وسيشجع الفلسطينيين والإسرائيليين على التقدم في المفاوضات كما سيؤسس لمرحلة جديدة في الشرق الأوسط. > هل يمكن أن تزور سورية بعد انتهاء الخلافات؟

ـ بدون شك وقد زرت سورية أكثر من مرة، وهي دولة شقيقة وجارة. ومن الطبيعي، أن تكون بيننا علاقات طيبة، وهذا ما أتمناه وذكرته في أكثر من مناسبة، ويبقى أن ترطب سورية الأجواء لأن هناك مرحلة صعبة مرت على العلاقات بين البلدين وملفات عديدة وشائكة لم تزل عالقة؛ ولكن بمجرد اقتناع سورية بأنه آن الأوان لفتح صفحة جديدة مع لبنان سيصبح من السهل جدا معالجة كل الملفات وعودة الحياة الطبيعية وتكثيف الزيارات للعديد من المسؤولين بالبلدين، وبالتأكيد في بيروت ودمشق هناك من يتشوق لهذه الزيارات، وهذا طبيعي لأن العائلات في البلدين متداخلة، وكذلك المصالح. ونحن لدينا كل الاستعداد للسير في هذا الاتجاه ونأمل أن يكون عند سورية نفس النهج والاستعداد، وما سمعناه من الرئيس ميشال سليمان انه «مليء الثقة بتذليل كل العقبات»، وأن لديه تطمينات من المسؤولين السوريين الذين التقى بهم ولكن العبرة بالتنفيذ.