إدانة سائق بن لادن بتهمة «دعم الإرهاب» وتبرئته من «التآمر»

قاضي محكمة غوانتانامو يقر باحتمال حدوث أخطاء

TT

أدين سالم حمدان السائق السابق لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، امس بتقديم الدعم للارهاب، في حين برئ من تهمة التآمر. وبرأت محكمة عسكرية أميركية عقدت في معتقل غوانتانامو حمدان، 37 عاما، من الاتهامات بالتآمر لارتكاب أعمال ارهابية، وهي الاكثر خطورة، ولكنه لايزال يواجه عقوبة السجن مدى الحياة، عندما تبدأ مرحلة تحديد الحكم في وقت لاحق، بحسبما ذكره الميجور جيل كروفورد المتحدث باسم اللجان العسكرية الاميركية من معتقل غوانتانامو. وفي أعقاب صدور الحكم أعلن كل من البيت الأبيض ووزارة الدفاع ترحيبهما بالقرار، وقالا إن حمدان تلقى «محاكمة عادلة»، حيث من المتوقع أن يصدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة، بعدما قضى سبع سنوات محتجزاً بقاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا. وشهدت المحكمة عدة خلافات، خلال الساعات الأخيرة، بين القضاة وفريقي الإدعاء والدفاع، كادت تتسبب بإلغاء المحكمة الاستثنائية، التي شكلتها وزارة الدفاع (البنتاغون)، للبت في «جرائم الحرب» في إطار «الحرب على الارهاب»، التي بدأتها الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 2001. ووجه الإدعاء الأميركي اتهامات لحمدان بتوفير مساعدة مادية للإرهاب والتآمر، كما يقول المدعون إنه كان عضوا في تنظيم القاعدة منذ عام 1996 وحتى عام 2001، بحيث تآمر مع أعضاء آخرين في التنظيم بشأن شنّ هجمات إرهابية. يذكر أن قضية حمدان هي الأولى التي تنظرها اللجان العسكرية، التي أمر الرئيس الأميركي جورج بوش بتشكيلها، كما أنها تمثل بداية أول محاكمات عسكرية أميركية منذ الحرب العالمية الثانية. كما شهدت قضية حمدان ثاني حالة إدانة تصدرها تلك اللجان العسكرية، حيث أدين الاسترالي ديفيد هيكز العام الماضي، وتم تسليمه الى حكومة بلاده ليقضي باقي فترة عقوبته هناك. وهو يتمتع الان بحريته. والقي القبض على حمدان في أفغانستان في عام 2001، حيث احتجز في غوانتانامو منذ مايو (أيار) عام 2002، وهو واحد من عشرين يواجهون اتهامات باقتراف جرائم حرب ضمن 265 من المعتقلين الآخرين. وتقول الحكومة الأميركية إن حمدان اليمني الجنسية كان ضمن الدائرة الداخلية لأسامة بن لادن، وإنه كان مطلعا على خطط «إرهابية»، في الوقت الذي يؤكد فيه الدفاع انه لم يكن سوى سائق وليس له أدنى صلة بـ«الإرهاب».

وفي إجابات مكتوبة على أسئلة وجهتها هيئة الدفاع عن حمدان، قال خالد شيخ محمد المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، حمدان لم يكن سوى سائق وميكانيكي غير متعلم وذي مكانة متواضعة، كما أنه لم يكن في وضع يسمح له بدعم «الإرهاب» أو الاطلاع على خطط محتملة. ورفض شيخ محمد المحتجز أيضا في غوانتانامو الإدلاء بشهادته أمام المحكمة. ومن المقرر أن يمثل شيخ محمد وأربعة آخرون أمام المحاكمة على خلفية اتهامات تتعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر في وقت لاحق العام الجاري، حيث يواجهون عقوبة الإعدام في حال إدانتهم. وقد أفاد القاضي الكابتن بالبحرية كيث جيه أولرد، خلال إحدى جلسات التداول العديدة، التي دعت لعقدها لجنة القضاة المكونة من ستة أعضاء من كبار الضباط العسكريين، الذين يدرسون توجيه اتهامات تتعلق بجرائم الحرب ضد السائق سالم حمدان، بقوله: «قد أكون أعطيت بعض التعليمات للأعضاء بصورة خاطئة». وعلى مدى بضع ساعات صباح اول من امس، استغل محامو الدفاع إقرار القاضي، للضغط من أجل المطالبة ببطلان إجراءات الدعوى، الأمر الذي من شأنه تعطيل جهود البنتاغون لإتمام أول محاكمة جرائم حرب تعقدها في قاعدتها العسكرية البحرية في غوانتانامو. ولكن بنهاية اليوم، بدا أن كلا الطرفين اتفقا على السماح لأعضاء اللجنة بالاستمرار في مداولاتهم بموجب التعليمات الأصلية التي قرأها عليهم القاضي أولرد صباح الاثنين.

ومن أحد الأسباب التي جعلت الحكومة الأميركية تحاكم معتقلي غوانتانامو على أنهم مجرمو حرب، أن الهجمات الإرهابية التي تقوم بها القاعدة تنتهك بنود القانون الدولي. فعلى سبيل المثال تنص هذه البنود والقوانين على أن يرتدي أفراد القوات المسلحة زيا معروفا حتى يتم تمييزهم أثناء الاشتباك في ميادين القتال. إلا أن ممثلي الادعاء أشاروا، يوم الثلاثاء، إلى أن القاضي قام بتعريف عملية «القتل الخارقة للقانون الدولي» بطريقة خاطئة. فهو لم يخبر اللجنة بأن هناك انتهاكا لقانون الحرب بالنسبة للمحاربين غير الشرعيين، مثل أعضاء القاعدة، عندما يقتلون فردا من الجهة العسكرية الأخرى أثناء عملية القتال. وقد رد الدفاع بأن مثل عمليات القتل تلك قد تكون جريمة معتادة، وعلى أساس ذلك يمكن أن تخضع للتحقيق والمحاكمة في المحاكم الأميركية، هذا بالإضافة إلى أن قتل عدو لجندي خلال عملية اشتباك لا يعتبر جريمة حرب. إلا أن ممثلي الادعاء أصروا على أن المحاربين غير الشرعيين، مثل محاربي القاعدة، الذين لا يرتدون زيا عسكريا، ينتهكون قانون الحرب إذا ما قاموا بالقتل في المعركة. وبينما لا يعتبر حكم القاضي أولرد ملزما لباقي اللجان العسكرية الأخرى، إلا أنه قد يؤثر عليها، كما استشهد كلا الجانبين ببعض السوابق القضائية خلال هذه القضية، التي من الممكن أن تكون بالغة الأهمية لتلك القضية والقضايا المشابهة الأخرى. ويقول أولرد إنه ليس واثقا من حل تلك المسألة.

وأوضح ممثل الادعاء كلايتون تريفيت أن تفسير القاضي قد يحد من الخيارات المتاحة أمام الادعاء في القضايا الأخرى. وأضاف بأن ممثلي الادعاء أوضحوا من قبل أنهم قد يوجهون تهم جرائم الحرب إلى 80% من المعتقلين الماثلين أمام المحاكم العسكرية في غوانتانامو.

* خدمة «نيويورك تايمز»