فضيحة جديدة تمس أسرة ساركوزي بعد طرد رسام كاريكاتوري تناول ابن الرئيس

الرسام تناول العرب واليهود في نقده وعريضة موقعة من أشخاص مؤثرين تؤكد أنه خلط بين الفكاهة والتجريح

TT

في وقت يسود الهدوء العاصمة الفرنسية باريس التي تبدو خالية من البشر في فصل الصيف، ما عدا السياح ومن يقومون بخدمتهم، تلوح في الأفق فضيحة نجمها نجل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وخطيبته الثرية ورسام كاريكاتوري، وتتعلق باتهامات بالعنصرية والعداء للسامية.

وترتبط الفضيحة الجديدة بصورة وثيقة بسمعة الرئيس ساركوزي وسلطته ومحاولاته بتخويف الصحافة. وتدور الفضيحة الجديدة حول طرد الرسام الكاريكاتوري موريس سينيه البالغ من العمر 79 عاماً، ذي الميول اليسارية، من واحدة من أكثر المجلات الفرنسية الأسبوعية شهرة في مجال النقد اللاذع، «تشارلي إبدو»، بعد اتهامه بتورطه في رسم نماذج نمطية معادية للسامية أثناء نقده للابن الثاني لساركوزي من زواجه الأول، جان ساركوزي الذي يبلغ من العمر حالياً 21 عاماً. صعد نجم جان ساركوزي الذي يبدو أشبه بنسخة أطول وأشقر من والده، سريعا. وقد تابع الفرنسيون أخباره على الصعيد المهني وخطبته من جيسيكا سبون، ابنة إيزابيل ماروني ومارك أندريه سبون. وإيزابيل ماروني هي وريثة شركة ضخمة للالكترونيات والتقنيات الحديثة. ورغم أنه لا يزال يدرس الحقوق، فقد تحول جان إلى زعيم للحزب الذي ينتمي إليه والده، داخل الدائرة الانتخابية التي يتبعها الرئيس الفرنسي منذ أمد بعيد، «نويي سور سين». وعلى ما يبدو، فقد استفاد جان من سلطة والده. فعندما تعرضت دراجته النارية للسرقة في العام الماضي، نجحت الشرطة في استعادتها سريعاً، وبلغ الأمر حد إجراء اختبار للحامض النووي لعينة تم أخذها من الخوذة التي كان يرتديها. وتبين أنه في العام 2005، اصطدم أثناء قيادته دراجته البخارية بسيارة طراز بي إم دبليو من الخلف. وتبين ذلك بسبب تقدم مالك السيارة، محمد بلوتي بشكوى بعد أن ألتقط صورا لأرقام لوحة الدراجة أثناء فرار قائدها بها. وفي حين لم تتمكن الشرطة من العثور على الدراجة، فقد نجحت شركة التأمين التي تسجل معها صاحب السيارة بالعثور عليه. ورغم ذلك، أثناء المحاكمة التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2007، تم رفض الشكوى المقدمة ضد جان ساركوزي، ما دفع بلوتي للتساؤل: لماذا يوجد نظام عدالة بسرعتين متباينتين؟ فعندما سُرقت دراجته، كانوا مفعمين بالنشاط. وعندما صدم سيارتي، كان النشاط أقل. كانت كل هذه الأحداث في ذهن فنان الكاريكاتير سينيه الذي قرر الشهر السابق ان يكتب عن جان ساركوزي الذي وصفه بأنه «ابن جدير بذلك الوالد». وبعد مغادرة جان ساركوزي قاعة المحاكمة حيث كان يحاكم لفراره بدرجاته النارية بعد أن صدم سيارة محمد بلوتي، كتب سينيه: «من الضروري التنبه الى ان مقدم الشكوى هو عربي»! وأضاف: «وليس ذلك فحسب، فجان ساركوزي أعلن لتوه عزمه التحول إلى الديانة اليهودية قبل الزواج من خطيبته اليهودية والوريثة لمؤسسي شركة دارتي. سيحقق الكثير في حياته، هذا الولد الصغير». الا ان عائلة ساركوزي نفت أن جان ساركوزي يفكر في التحول عن المسيحية. وقد أثار هذا المقال ردود أفعال واسعة. فعلى سبيل المثال، وصفه الصحافي كلود أسكولوفيتش من صحيفة «لو نوفيل أوبزرفاتيور» بأنه ينطوي على عداء للسامية لخلطه بين اليهود والسياسة والثروة. وعليه، طلب رئيس تحرير المجلة، فيليب فال، من سينيه، التراجع عما ورد بمقاله، الا ان رسام الكاريكاتير رفض الامر بشدة. وسينيه كان من منتقدي الحرب الجزائرية ومن المناهضين للاستعمار، علاوة على تأييده قيام دولة فلسطينية. وبسبب رفضه التراجع عن مقالته، قرر فال فصله من المجلة، وكتب شرحاً مطولاً للأسباب خلف قراره، مشيراً الى أن أسكولوفيتش كان يعمل نيابة عن المحيطين بجان ساركوزي وقال إن شخصا على صلة وثيقة بجان ساركوزي اتصل به وأخبره أن عائلتي جان ساركوزي وخطيبته يشعران بغضب عارم ويدرسان إمكانية رفع دعوى قضائية. وسبق للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن تسبب في فصل محررين من أعمالهم عندما كانت تغطيتهم الصحافية تثير سخطه. وهو يواجه انتقادات حاليا لمحاولته فرض سيطرة أكبر على التلفزيون العام الفرنسي. واختتم فال، الذي سبق وحظي بإشادة واسعة وأثار غضب المسلمين لإعادته نشر الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية المسيئة للنبي محمد، مقاله الافتتاحي بالقول إن سينيه سبق وأن قال لإحدى القنوات الإذاعية عام 1982: أنا معادي للسامية، ولست أخشى التصريح بذلك. وبعد طرده، تقدم سينيه بدعوى قضائية ضد فال. وفي مقابل منتقديه، يحظى سينيه بالكثير من المدافعين عنه الذين ينفون أن تكون الفقرة التي كتبها معادية للسامية. وتؤكد جيزيل أليمي، وهي محامية بارزة، أن الاتهامات بالعداء للسامية لن تصمد داخل قاعة المحكمة. وأشارت إلى أن المجلة المعنية سبق أن عملت دوماً رائدة بمجال حرية التعبير، أما الآن، فقالت أنها لا تود أن تقرأ أو تسمع عنها.

ووضع فنان الكاريكاتير بلانتو في إصدار لاكسبريس في الشهر السابق رسماً كاريكاتيراً يصور فال في زي رسمي فاشستي وهو يضرب سينيه، وحمل الرسم عنوان يقول إن «تشارلي إبدو مجلة» مسموح فيها بكل شيء ـ بما في ذلك فصل فناني الكاريكاتور. أما لوك ماندريه، أحد أصحاب المدونات الشهيرة، فكتب في يونيو (حزيران) يقول إن سينيه أساء أثناء عمله في «تشارلي إبدو» إلى المسلمين بصورة أقسى مما أهان اليهود، ومع ذلك لم تثر هذه التعليقات رد فعل مشابه على الإطلاق. إلا أن فال تمتع بحائط صد أقوى، حيث نشرت صحيفة «لو موند» خطاباً موقعاً من 20 شخصية سياسية وثقافية عامة، أكدوا خلاله أن سينيه خلط بين الفكاهة والتجريح، والرسم الكاريكاتوري والكراهية.

* خدمة «نيويورك تايمز»