الجيش العراقي.. استعداد للقتال وشكوى من نقص التجهيزات

أحد الضباط تساءل وهو ينظر لعربات عاطلة: كيف أستطيع محاربة جيش آخر؟

TT

أحمد محمود ملازم في الجيش العراقي فقد إحدى ساقيه أثناء قتال الجماعات المسلحة، ويقول إنه لن يترك وظيفته حتى إذا فقد ساقه الأخرى. إنه يؤمن بجيشه. ولكن عندما سئل عما إذا كان الجيش مستعدا كقوة دفاع محلية تستطيع حماية الحدود العراقية من دون الدعم الأميركي، أشار الملازم محمود إلى أن نحو خمس عربات الجيش لا تصلح للعمل، وقال «في رأيك، هل تعتقد أنني أستطيع محاربة جيش آخر بهذه العربات؟».

ومع رغبة المواطنين الأميركيين والعراقيين في أن يروا تسليم المهام الأمنية للجيش العراقي، إلا أن المقابلات مع أكثر من عشرة جنود وضباط عراقيين في مقاطعة ديالى، توضح أن الجيش العراقي واثق في تقدمه، لكنه غير متأكد من مدى استعداده. وقد شهد الجيش العراقي العديد من الخطوات الإيجابية، حيث يستطيع الجنود العراقيون محاربة الجماعات المسلحة، من دون عون الجيش الأميركي. لكن معظم هؤلاء الجنود يقولون إن الوقت الذي يستطيع أن يقف الجيش العراقي فيه على قدميه كقوة دفاع قومية ما زال أمامه سنوات. ويقول أحد الضباط العراقيين، الذي رفض الإفصاح عن هويته، لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: «لا تستطيع أن ترتقي من ملازم إلى لواء مرة واحدة، ولكن الجيش يحتاج إلى المزيد من الوقت».

وعلى الرغم من أن سلاح المشاة يمتاز بالقوة الكافية، إلا أن العراق في حاجة إلى وحدات مدفعية ضرورية ووحدات مدرعة ودعم من القوات الجوية والمزيد من المعدات القتالية، التي يمكن الاعتماد عليها، حسبما يفيد الضباط، بالإضافة إلى التدريب المطلوب لكل هذه الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات. ويشعر الجنود والضباط بمزيد من الحماس الوطني، لكن هذا الحماس يشوبه نوع من الغضب مع معرفة أنهم هم المسؤولون عن قتال جيوش الدول المجاورة مثل إيران إذا اضطروا إلى ذلك، بعد انسحاب القوات الأميركية. ويقول المقدم محمد نجم خيري وهو ضابط شاب في الكتيبة الثالثة من اللواء 19 في الجيش العراقي: «إننا في عام 2008، ونحن الآن متخلفون عن العديد من الدول الأخرى. نحتاج إلى قوات التحالف حتى عام 2015».

لكن هؤلاء الجنود يعلمون أن قرار سحب القوات الأميركية ربما لا يكون في يد قادة الجيش، وإنما في يد السياسيين في بغداد أو واشنطن. وقد كان هناك بالفعل حديث من جانب رئيس الوزراء نوري المالكي والمرشح الديمقراطي لمنصب الرئاسة السيناتور باراك أوباما حول سحب القوات الأميركية بحلول عام 2010.

ويبدو أن توجه السياسة العراقية يتجه نحو الحد من وجود القوات الأجنبية قدر الإمكان، وفي أقرب وقت ممكن، أو على الأقل الإبقاء على قدر محدود منها مع الإبقاء على خيارات مفتوحة في حالة حدوث أي أمر طارئ. ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن بعض الضباط العسكريين الأميركيين في ديالى كانوا يحاولون التعامل بطريقة قاسية مع الجيش العراقي. ففرق النقل التي تعمل مع الوحدات العراقية تقدم الاستشارات والتدريب، لكنها منعت الدعم والإمداد. ومركز القيادة الذي يعمل فيه الملازم محمود عبارة عن مجمع فيه بعض البنايات غير المرتفعة بيضاء اللون، كانت تستخدم في السابق كمستشفى بيطري. وفي إحدى هذه البنايات توجد مجموعة من الضباط الذين يجتمعون لمناقشة المشكلات مع الميجور جون لور، وهو رئيس فريق النقل الذي يعمل مع اللواء 19. وتصب هذه المناقشات في شكوى واحدة: ان الأميركيين أوقفوا دعمهم بالبطاريات والوقود والإطارات وغيرها من المعدات الأساسية التي يحتاجون إليها، وأن سلطات الجيش العراقي لم تكترث لذلك. وقد قاد ذلك الملازم محمود إلى أن يقول إنه بسبب الفساد ومشكلات الإمداد فإن الجيش ما زال أمامه سنوات ليكون قادرا على حماية العراق. ويقول الملازم محمود إن الجيش العراقي قادر على القيام بالمهمة لكن تنقصه الأدوات اللازمة لذلك. وبالنسبة للكتيبتين الثالثة والرابعة، التي تغطي الجزء الجنوبي الغربي من ديالى كجزء من اللواء 19، فإنهما تعتبران من أفضل الكتائب في المقاطعة، حسبما يفيد الضباط الأميركيون. لكن هاتين الكتيبتين يكون لزاما عليهما في كثير من الأحيان التصرف من دون إرشاد أو توجيه. وتتعرض مناطق عديدة في ديالى إلى وجود كثيف من قبل العناصر المسلحة بسبب عدم توجيه الكتيبتين وعدم معرفة من المسؤول عن ماذا. ويقول الميجور لور: «لقد سألتهم عن مهمتهم لكنهم لا يعرفون ما هي».

وإذا كان هناك شخص يعرف الكثير عن مثل هذه المشكلات، فإنه العقيد علي محمود قائد الكتيبة الثالثة في اللواء 19. ويعتبر المسؤولون الأميركيون العقيد محمود، الذي يبلغ من العمر 41 عاما، ويتميز بلين الحديث، أحد أهم الضباط في ديالى. وهو يقضي الليل في الحديث على هاتفه الجوال مع شيوخ القبائل، ويعتقد أن المعركة يمكن كسبها من خلال القوة والعلاقات الجيدة مع السكان المحليين. وهو ضابط سني يحيط به مجموعة من الضباط الشيعة والأكراد، ويعتقد أن الجيش العراقي يجب أن يجمع بين مختلف الأعراق والطوائف في العراق. وبسبب نجاحه فإنه يقوم بإدارة إحدى الكتائب القليلة في ديالى، التي لا تتلقى أوامر من جانب فريق النقل الأميركي. لكن العقيد محمود أكثر تشاؤما بشأن مستقبل العراق، من دون وجود القوات الأميركية. ويقول: «صدقني، سوف تكون هناك كارثة كبرى». ومع جلوسه في مقر القيادة الخاص به، فإن العقيد محمود يرى إشارات تدل على مستقبل العراق: استمرار مشكلات الإمداد وتدخل إيران في الشؤون العراقية. وعندما تعثر قواته على مخازن الأسلحة الخاصة بالعناصر المسلحة، فإنهم يجدون أحيانا ما يقول عنه إنه أسلحة إيرانية أحدث من أي أسلحة في ترسانته. ويقول: «سوف يلعب الجانب الإيراني لعبته بمجرد انسحاب قوات التحالف».

ولكن بعد ذلك بساعات قليلة كان العقيد محمود يسير في الطريق أثناء الساعات الأولى من الصباح، حيث كان يقود دورية تستمر لخمس ساعات في جنوب بغداد، وهي المنطقة التي كانت تمتلئ بالعناصر المسلحة في الماضي. وعندما سئل عما إذا كان سيواصل العمل ضد العناصر المسلحة كل يوم، رغم إن ذلك ربما يكون بلا فائدة، أفاد بأنه ليس لديه خيار، وقال: «لا أرغب في أن يعمل هؤلاء من أجل تسليم العراق».

* خدمة «نيويورك تايمز»