عبد الرفيع جواهري: من مصلحة المغرب أن يتحول الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة

استبعد إمكانية التحالف بين حزبه و«العدالة والتنمية» الأصولي

TT

قال عبد الرفيع جواهري عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي (مشارك في الحكومة)، إنه «من مصلحة الحزب أن يتجه إلى المعارضة، كما أن من مصلحة المغرب أن يكون الحزب في ذلك الموقع، قطعاً لدابر التطرف والشعبوية وضمانا للاستقرار».

وأوضح جواهري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارضة التي يدعو لأن يتجه الحزب إليها «لن تكون معارضة من أجل المعارضة، بل معارضة مسؤولة لا تكتفي بالاعتراض المجرد، بل تطرح البدائل وتضع في اعتبارها مصلحة المغرب قبل كل شيء».

ورأى الجواهري أن «موقع الاتحاد في المعارضة سيجعله قادراً أكثر على استيعاب أحاسيس الأمة واحتياجات البلاد، خاصة أن هناك أشياء ما زالت تحتاج إلى الكفاح الديمقراطي من موقع المعارضة، من قبيل تعديل الدستور والإصلاح السياسي والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية وملف الحريات العامة، وخصوصاً في ما يتعلق بالدفاع عن حرية الصحافة والحق في الاختلاف».

وذكْر جواهري بأن «عدداً من المكتسبات السياسية، التي تحققت في المغرب، كانت بضغط سياسي من الاتحاد الاشتراكي، وهو في المعارضة، حيث ناهض الحزب تزوير الانتخابات، ودعا إلى تعديل الدستور، فتم حل المجالس المنتخبة، وأجريت انتخابات قبل أوانها وتم تعديل الدستور في سنة 1996، ولو أنه لم يكن كافياً، كما تمت إعادة النظر في عدد من النصوص القانونية، وإلغاء عدد منها، وبدأت تبدو ملامح العمل على البدء في مجال حقوق الإنسان، وهذا ما يزكي دعوتنا اليوم، إلى المعارضة لمواصلة الإصلاح وتحقيق مطالب الشعب المغربي».

وبعد أن رأى أن «هناك من يختزل المعارضة في النصيحة والوعظ والإرشاد»، ذهب إلى القول إنه «حين لا تكون هناك معارضة حقيقية ومؤسساتية يسود الفراغ، والسياسة مثل الطبيعة لا تحب الفراغ، ومن المؤسف أن من شأن هذا الفراغ أن يفتح المجال أمام نزعات الإرهاب والتطرف الديني وغيره».

وأبرز جواهري أن «الديمقراطية لا تعني أن يحكم الجميع، بل أن يكون هناك من يحكم ومن يعارض، بالمفهوم الحقيقي للمعارضة«.

وتحدث جواهري عن «نزعة داخل المكتب السياسي للحزب يدافع أصحابها عن خيار البقاء في الحكومة مهما كانت الظروف والأحوال»، مبدياً مخالفته لهذا التوجه بقوله «أعتقد أنهم مخطئون، خصوصاً وأنهم يقولون إن كل شيء على ما يرام. وأنا أختلف معهم في هذا الطرح، فلاشيء يسير على ما يرام، وبكل هذه الوثوقية. إذ أن هناك تراجعاً سياسياً في البلاد، كما أن الملف الاجتماعي على فوهة بركان، والغلاء في المعيشة فاق القدرة الشرائية للمواطنين، كما أننا بدأنا نرى، مع الأسف، إعادة إنتاج عدد من القيم الهجينة التي سادت في الماضي».

وبخصوص ما رافق التحضير للمؤتمر الأخير للحزب، من نقاشات وتوقف لأشغاله، قال إن «ذلك يبقى شيئاً طبيعياً. فحزبنا حزب حقيقي، ولذلك يبقى النقاش والاختلاف دليل حيوية، وأن يتأخر المؤتمر ليس نهاية العالم، إلا أن المرحلة المقبلة تقتضي أن يتجه الحزب نحو المعارضة، حتى يستعيد حيويته، ويسترجع الحماس للعمل السياسي النبيل، ويقطع الطريق على عدد من المرتزقة وعلى العمل الشعبوي، الذي يمكن أن يمس باستقرار البلاد، وأنا مقتنع بأن إنجاح المؤتمر واستمرار الاتحاد في الخريطة السياسية بشكل يشرفه يمر عبر القطيعة مع النزعة التي ترى تأبيد وجوده في الحكومة، وذلك بالتوجه نحو المعارضة»، وأبدى جواهري تفاؤله من كون «قواعد الحزب تناهض فكرة بقاء الاتحاد الاشتراكي في الحكومة». وحول سؤال عن إمكانية التحالف مع حزب «العدالة والتنمية» الاصولي المعارض، أكد الجواهري اقتناعه بـ«عدم إمكانية حدوث ذلك، لأن اليسار يسار واليمين يمين، وبالتالي فلاشيء يمكن أن يجمع بينهما، ثم إن قوة اليسار تبقى في كونه يساراً، كما أن من مصلحة المغرب أن يكون هناك يمين حقيقي ويسار حقيقي، ويكفينا ما عشناه من فوضى «جوطية» الأحزاب («جوطية» في الدارجة المغربية تعني سوق المتلاشيات)».

وأوضح جواهري أن موقفه اليوم، كان هو نفس موقفه عام 2002، «عندما وقع الخروج على المنهجية الديمقراطية بتنصيب وزير أول (رئيس وزراء) تقنوقراطي، رغم أن الاتحاد الاشتراكي أحرز وقتها الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، مما كان يقتضي إعمال المنهجية الديمقراطية بإسناد منصب الوزير الأول إلى الكاتب الأول (الأمين العام) للحزب آنذاك عبد الرحمن اليوسفي».