رايس: إيران صمدت حتى الآن.. لكن لا بد أنها تشعر بأن الوقت بدأ ينفد منها

العقوبات قد تتأخر حتى سبتمبر > محللون: طهران تأمل في أن تنجح تكتيكاتها بالتودد واللعب والتشتيت

TT

لوحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بفرض عقوبات جديدة على ايران، بعد رفضها اعطاء رد واضح، حسب الدول الست الكبرى، على عرض التعاون الذي قدمته لها مقابل وقف تخصيب اليورانيوم. وقالت رايس في مقابلة مع بوابة «ياهو نيوز» الالكترونية ومجلة «بوليتيكو» نشرت امس، ان رد ايران «ليس جديا». وهو اول رد فعل تصدره رايس منذ العرض الذي قدمته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا. واكدت رايس ان ايران «لديها دائما باب للخروج ان ارادت. سنتعامل مع موضوع العقوبات بجدية في حال لم يحدث ذلك». واضافت «نأمل في ان يكون في ايران اشخاص متعقلون يفهمون ان هذه ليست الطريقة الصحيحة لقيادة بلد». وقالت رايس كذلك ان الولايات المتحدة لا تعتبر ايران «عدوا دائما»، ولكن ايران «صمدت» في وجه ثلاث حزم من العقوبات الدولية. وتابعت «يفترض ان يبدأوا يشعرون بان الوقت ينفد. عندما تواجهون مشكلات مع المصارف والمستثمرين وتنهار قدرتكم على التصدير، لا بد ان تشعروا بان الوقت ينفد». واعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا ان الدول الست «ليس لديها خيار اخر»، عدا فرض عقوبات جديدة على ايران التي قالت انها لم تقدم «ردا واضحا» على عرضها. واكدت واشنطن ولندن انهما اتفقتا على مناقشة العقوبات في مجلس الأمن الدولي. وبحسب وزارة الخارجية الاميركية فان الدول الست «تبدأ ببحث الخطوط العريضة المحتملة لقرار جديد ينص على عقوبات»، رغم ان «الباب يبقى مفتوحا» امام قبول ايران العرض. وفي المقابل اعتبر السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين، انه لا تزال هناك امكانية حوار مع طهران. وعرض القوى الست الذي قدم لطهران في 19 يوليو (تموز) يتألف من مرحلتين. في مرحلة اولى من ستة اسابيع يتم «تجميد مزدوج» تقوم خلاله ايران بعدم توسيع برنامج التخصيب، فيما تمتنع مجموعة 5+1 عن النظر في عقوبات جديدة. ويلي ذلك مفاوضات حول تعاون موسع مع طهران، لكن بشرط ان تعلق طهران انشطة تخصيب اليورانيوم.

من جهة اخرى، وصل مساعد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية اولي هاينونن امس الى طهران لبحث مسألة تعاون الوكالة مع ايران. وتستغرق زيارة هاينونن يومين. وقال مصدر في المنظمة الايرانية للطاقة الذرية لوكالة الصحافة الفرنسية، ان الجانب الايراني لا يعتزم في هذه المناسبة بحث مسألة «الدراسات المزعومة»، التي توحي بان ايران اعتمدت برنامجا نوويا ذا اهداف عسكرية.

وتأتي زيارة هاينونن، في وقت تنتظر فيه الدول الكبرى ردا من إيران على عرض الحوافز. واعلن مصدر دبلوماسي مقرب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ان زيارة هاينونن لا تتعلق بهذا العرض وانما تندرج في اطار الاتصالات المعتادة بين الوكالة وايران. كما اعتبر رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية غلام رضا آغازاده، ان «زيارة هاينونن تندرج في اطار التعاون بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية». وكان هاينونن الذي يزور ايران بانتظام في اطار جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحديد طبيعة البرنامج النووي الايراني، قام بزيارته الاخيرة في نهاية ابريل (نيسان) للحصول على توضيحات حول «دراسات مزعومة» قامت بها طهران وتهدف الى عسكرة برنامجها النووي. لكن طهران رفضت تقديم توضيحات حول هذه المسألة واصفة الاتهامات بأنها «عارية من الصحة». وذهب آغازاده ابعد من ذلك عبر اعلانه في 24 يوليو في فيينا ان «هذه المسألة لا تندرج ضمن انشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية». واكد المصدر في المنظمة الايرانية للطاقة الذرية امس هذا الموقف قائلا: «لا اعتقد انه ستحصل مناقشات حول هذا الموضوع». وهذه «الدراسات المزعومة» توحي بان طهران كانت تحاول تطوير رؤوس نووية وتحويل الصاروخ شهاب-3 الى سلاح نووي، او ايضا اقامة منشآت لاجراء تجارب نووية تحت الارض. ولا يتوقع الغرب ان ترد إيران سريعا على عرض الحوافز، وكان مسؤول ايراني قد قال في يونيو (حزيران) الماضي: «ايران لن تعطي اجابة بالقبول او الرفض لكنها سترسل ردا قابلا للمناقشة»، على عرض للقوى العالمية لانهاء نزاع بشأن طموحاتها النووية. وطبق هذا السيناريو بحذافيره حتى الان مما أثار احباط الغرب. لكن من المستبعد أن تتخذ خطوات بشأن الجولة التالية من عقوبات الامم المتحدة قبل سبتمبر (ايلول)، وسيتعين عليها تجاوز روسيا والصين اللتين خففتا من حدة التقارير الثلاثة السابقة منذ عام 2006. وحتى اذا واصلت طهران بناء قدرتها على تخصيب اليورانيوم بأقصى سرعة، الذي تؤكد أنه مكرس لتوليد الكهرباء، يقول دبلوماسيون ان اعتماد قرار جديد بفرض عقوبات قد يستغرق شهورا طويلة. واستغرق الامر من الاتحاد الاوروبي خمسة أشهر لتطبيق القرار الاخير بموجب قانون الاتحاد. وقال محلل ايراني ان الزعماء الايرانيين لرويترز «يمارسون تكتيكات معطلة... انها لعبة خطيرة التي يلعبونها». فيما قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شاؤول موفاز الجنرال السابق الذي يخوض حملة ليصبح زعيما لحزبه ورئيسا للوزراء، ان الحرب مع ايران ربما تكون «لا مفر منها». ويعتقد اسرائيليون اخرون بأن الضربات خيار مطروح. وذكر خبراء أن اسرائيل التي يفترض على نطاق واسع أنها القوة النووية الوحيدة بالشرق الاوسط، ربما تكون غير قادرة على ضرب جميع المواقع النووية الايرانية المتفرقة، لكن هذا قد لا يمنعها من المحاولة. وقال دبلوماسي غربي بارز في ايران عن احتمالات أن تشن اسرائيل ضربات ضد ايران لرويترز، «أحد الامور التي أعلمها بشأن العلاقة بين الولايات المتحدة واسرائيل، هو أن الاسرائيليين لا يطلبون الاذن للقيام بالامور». وذكر مسؤول بالاتحاد الاوروبي، أن الاوروبيين كانوا يأملون في أن تقبل ايران التجميد «لضمان عدم حدوث قصف»، قبل رحيل الرئيس الاميركي جورج بوش، الذي لم يستبعد القيام بعمل عسكري. وربما كان من شأن ذلك أيضا أن يدخل خليفته في محادثات. وتفويت هذه الفرصة قد يعكس ثقة ايران في أن المجازفة بشن هجوم أميركي في عهد بوش ضئيلة. وكثيرا ما يقول قادة ايرانيون ان اسرائيل لن تتجرأ على شن غارات. وتحذر ايران من أنها ستشن اذا هوجمت أعمالا انتقامية ضد اسرائيل وأهداف اميركية وممرات لشحن النفط بالخليج، وهو التصعيد الذي يرجح أن يرفع أسعار النفط لتتجاوز المستويات القياسية التي وصلت اليها الشهر الماضي، حيث بلغ سعر البرميل 147 دولارا. لكن الهدف الفوري قد يكون أبسط. وقال علي أنصاري من جامعة سانت اندروز ببريطانيا «ما يوده الايرانيون هو الانتظار الى أن يرحل بوش». وقال دبلوماسي اوروبي في ايران «حين يقول الناس ان العقوبات لا تضر فان هذا ببساطة غير صحيح. فعلى الرغم من أن النطاق محدود جدا فاننا اذا أضفناها الى العقوبات الاحادية الجانب من الولايات المتحدة والاجراءات التي قرر الاتحاد الاوروبي اتخاذها... فان هذا لن يكون عديم الاثر». ويشكو مسؤولون ايرانيون من صعوبات في التجارة، حيث وقعت عقوبات اميركية وعقوبات من الامم المتحدة على بنوك تجارية ايرانية.

كما أن اتخاذ بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة خطوة جديدة لاستهداف البنك المركزي الايراني بما لديه من سيولة ضخمة قد يجعل الحياة اكثر صعوبة. وتبحث ايران بشكل متزايد عن شركاء في اسيا المتعطشة للطاقة. ومع امتلاكها لثاني اكبر احتياطي للنفط والغاز على مستوى العالم، فانها تدرس صفقات جديدة للطاقة مع الصين وروسيا في ما يعتبره البعض محاولة لفصلهما عن القوى الغربية. ويقول بعض المحللين انه لا يبدو أن الجميع سعداء في المؤسسة الايرانية، فعلى الرغم من ان الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي على رأس اتخاذ القرار لكن مؤسسة الحكم محاطة بمجموعة متنوعة ومعقدة من مراكز القوى والساسة من ذوي النفوذ. ويرى الدبلوماسي الاوروبي أن «هناك جدلا داخل النظام. بعض الناس هنا يدركون أننا شديدو الجدية». لكن ما مدى عمق الجدل بالفعل هذا هو السؤال الذي تصعب الاجابة عنه. ويقول دبلوماسيون ان خامنئي يحبذ القرارات التي تتخذ بالاجماع وهو ما يمكن أن يكون وصفة لجمود الموقف. لهذا يرجح حسبما قاله المحلل الايراني أن تصمد تكتيكات طهران «بالتودد واللعب والتشتيت».