قائد انقلاب موريتانيا يتعهد بالحفاظ على الديمقراطية.. وابنة الرئيس المخلوع تدعو الأمم المتحدة للتدخل

مجلس الدولة يضم 11 عسكريا ويعلن اعتزامه إجراء انتخابات .. ومظاهرتان مؤيدة للانقلاب ومعارضة له

الجنرال ولد عبد العزيز السادس من اليسار مع مجموعة من العسكريين في طريقه لإلقاء كلمة في اول ظهور علني له امس مع محتشدين جاءوا لدعمه ( أ ف ب)
TT

في ظهور مفاجئ هو الاول من نوعه وبعد يوم من الانقلاب الذي اطاح الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد شيخ عبد الله، تعهد رئيس مجلس الدولة العسكري الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالحفاظ على المكتسبات الديمقراطية في موريتانيا. وأطاح الجنرال ولد عبد العزيز، وهو قائد الحرس الرئاسي في انقلاب ابيض اول من امس، الرئيس بعدما اصدر الاخير مرسوما يقيل ولد عبد العزيز و4 ضباط كبار آخرين بينهم رئيس الاركان.

واعلن الجنرال ولد عبد العزيز انه سيعمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين الموريتانيين، وتكريس العدالة والمساواة في الحقوق، وقال «أقسم أمام الله ان لا أدخر جهدا في هذا الصدد». جاء ذلك خلال استقباله لمجموعة من النواب البرلمانيين من تيارات سياسية مختلفة اعلنت دعمها للانقلاب الذي قاده اول من امس. وكشف امس ان مجلس الدولة مكون من ثلاثة جنرالات وثماني ضباط اخرين. وعلم أمس ان الرئيس الموريتاني المطاح سيدي ولد شيخ عبد الله كان لايزال محتجزا في مقر الحرس الجمهوري صباح أمس. وبعثت ابنة رئيس موريتانيا المخلوع المحددة اقامتها في المنزل برسالة للامم المتحدة أمس ناشدت فيها المنظمة الدولية التدخل لفتح باب الحوار امام اعادة الحكومة المنتخبة الى السلطة.

وقالت أمل ابنة عبد الله في بيان نشر من خلال متحدث بريطاني «باسم والدي السجين... أود ان أبعث بنداء مخلص ملح الى الامم المتحدة والمجتمع الدولي لفتح حوار بناء من اجل اعادة المؤسسات والحكومة المنتخبة انتخابا عادلا في البلاد في اقرب فرصة».

واضافت «أسرتي وأنا تحت الاقامة الجبرية في المنزل واتصالاتنا بالعالم الخارجي محدودة. أرجوكم ساعدونا على اعادة الديمقراطية الى شعب موريتانيا».

وذكر المتحدث البريطاني: ان عبد الله وابنته محتجزان في منزلين مختلفين رهن الاقامة الجبرية. ولم يكن عنده معلومات عن الرئيس المخلوع. من جهته، دعا عبد الله محمد با الناطق باسم الرئيس الموريتاني المخلوع المجتمع الدولي الى عدم الاعتراف بالانقلاب، وقال انه «مختبئ في مكان ما»، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية وانه يتكلم باسم «المؤسسة الرئاسية». وندد «بمهزلة الانتخابات التي ينوي الجنرالات تنظيمها بعد شهرين».

وكانت مسيرة شعبية حاشدة مؤيدة للانقلاب انطلقت صباح امس من مباني رئاسة الحكومة باتجاه القصر الرئاسي نظمها نواب برلمانيون، وقادة أحزاب سياسية. بينما فرقت الشرطة مظاهرة اخرى مؤيدة للرئيس المخلوع.

ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات ترحب بالانقلاب العسكري وهتفوا عزيز عزيز وهو اسم قائد الانقلاب، وأمام بوابة القصر الرئاسي حيث انتهت المسيرة، تقدم الجنرال محمد ولد عبد العزيز بخطوات نحو المسيرة، وصافح النواب، ومختلف القوى السياسية التي تقدمت المظاهرة.

وكان لافتا خلال المسيرة حضور مكثف لقادة وأنصار حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يتزعمه احمد ولد داداه زعيم المعارضة الموريتانية.

وقال الجنرال ولد عبد العزيز في ختام التظاهرة التي حشدت نحو الف شخص ومئات السيارات ان «المجلس الاعلى للدولة يشكركم على هذه المسيرة التي تعبر عن اهتمامكم بشؤون بلدكم».

وردد المتظاهرون «عزيز عزيز» اسم زعيم الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز قائد الحرس الرئاسي الذي اطاح الرئيس صباح الاربعاء بعد ان اصدر الرئيس المخلوع مرسوما باقالته مع ضباط كبار اخرين.

وفي المقابل تدخلت عناصر الأمن لتفريق مظاهرة مؤيدة للرئيس المخلوع واطلقت القنابل المسيلة للدموع، وتعالت الاصوات امام مباني البرلمان للتعبير عن رفضهم هذا الانقلاب الذي اعتبروه «اجهاضا لحلم الديمقراطية». مطالبين الهيئات الدولية وقادة الاحزاب السياسية بالتدخل العاجل لاعادة الحكم الى المدنيين.

على صعيد المؤيدين للانقلاب كان المتحدث باسم مجموعة من النواب استقالوا من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية الذي ينتمي اليه الرئيس المطاح، سيدي محمد ولد مهام نائب عطار (شمال) اعلن الاربعاء ان «كل المواطنين مدعوون (الخميس) صباحا الى مسيرة كبيرة دعما لمجلس الدولة ورئيسه الجنرال محمد ولد عبد العزيز».

وقال في مؤتمر صحافي ان «البرلمانيين يعلنون ما يلي: نأسف للوضع الذي وضع فيه الرئيس المخلوع البلاد ونطلب من مجلس الدولة الحفاظ عن المؤسسات والعمل بالدستور».

واضاف «نحن ندعم «الحركة التصحيحية» ونامل ان تكون في خدمة الديمقراطية والبلاد. وندعو الشعب المورياتي الى الالتفاف حول القوى البرلمانية وقوى التغيير واحترام النظام العام».

وفي بيان صدر ليلة اول من امس تعهد المجلس العسكري بتنظيم انتخابات حرة وشفافة خلال أقصر فترة ممكنة دون ان يحدد سقفا زمنيا لها.

والتزم المجلس العسكري الجديد الذي يضم احد عشر ضابطا «باحترام كافة الالتزامات الدولية والمعاهدات الملزمة لموريتانيا».

وقال المجلس العسكري ان انتخابات رئاسية «حرة وشفافة» ستجري ضمن «مهلة زمنية باسرع ما يمكن». كما اعلن «انهاء سلطة رئيس الجمهورية الذي تسلم منصبه في 19 ابريل (نيسان) 2007». وهو اول رئيس ينتخب ديمقراطيا في مارس (اذار) 2007 منذ ان نالت موريتانيا استقلالها العام 1960.

واضاف ان المجلس «سيتخذ الاجراءت التي تفرض نفسها من اجل ضمان استمرارية الدولة والاشراف بالتنسيق مع المؤسسات والقوى السياسية والمجتمع المدني على اجراء انتخابات رئاسية تسمح باعادة اطلاق العملية السياسية وتاسيسها وفق قواعد دائمة».

ووعد بان «هذه الانتخابات التي ستجري ضمن مهلة زمنية باسرع ما يمكن ستكون شفافة وحرة تسمح مستقبلا بعمل مستمر وتنسيقي بين مجمل الصلاحيات الدستورية».

وبينما كان قد تردد اول من امس ان المجلس سيضم مدنيين، كشف امس ان المجلس يضم عسكريين فقط وهم بالاضافة الى رئيسه الجنرال محمد ولد عبد العزيز، عشرة اعضاء هم الجنرال محمد ولد الغزواني (قائد اركان الجيش) والجنرال نكري فليكس (قائد أركان الحرس الوطني) والعقيد احمد ولد بكرن (قائد اركان الدرك) والعقيد محمد ولد الشيخ ولد الهادي (مدير عام الامن الوطني). ويضم كذلك ستة من الضباط، هم الكولونيلات: غلام ولد محمد ومحمد ولد مكت ومحمد ولد محمد ازناكي وضياء ادم عمر وحنون ولد سيدي واحمد ولد بايا.

وتباينت ردود الفعل المحلية حول الانقلاب، حيث أعلنت أربعة أحزاب سياسية رئيسية في البلاد تمسكها بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيسا شرعيا لموريتانيا، و«إدانتها وشجبها الشديدين للانقلاب العسكري الذي قامت به مجموعة من الضباط المعزولين»؛ على حد وصفها.

وأدانت الأحزاب التي أعلنت عن تشكيلها لجبهة ضد الانقلاب «الاعتقالات التعسفية التي قام بها العسكر لمجموعة من المواطنين على رأسهم الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله».

ودعت الجبهة «الأحزاب السياسية والمنتخبين ومؤسسات المجتمع المدني وعموم الشعب الموريتاني وقواه الحية إلى الوقوف صفا واحدا لحماية الشرعية الدستورية والحفاظ على المكاسب الديمقراطية وعدم الانجرار وراء حملات الترغيب والترهيب التي سيقوم بها الانقلابيون وأعوانهم»، على حد وصف البيان.

وتضم الاحزاب الاربعة «التحالف الشعبي التقدمي» الذي يتزعمه رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير، و«اتحاد قوى التقدم» اليساري، وحزب التجمع من اجل الاصلاح والتنمية الاسلامي، وحزب العهد الوطني للديمقراطية «عادل» الذي اسسه الرئيس المخلوع ولد الشيخ عبد الله، ويرأسه رئيس الوزراء المعتقل يحيى ولد احمد الوقف.

وفي سياق متصل احتشد عدد من النواب البرلمانيين، واعضاء الحكومة من انصار الرئيس المخلوع امام مباني البرلمان الموريتاني للتنديد بالانقلاب الذي اطاح ولد الشيخ عبد الله، وطالبوا بعودته الى الحكم، وباحترام الشرعية والقيم الديمقراطية.

من جانب اخر، اكدت مصادر امنية موريتانية اعادة فتح مطار نواكشوط بعد اغلاقه الاربعاء اثر الانقلاب. واضافت ان المعابر الحدودية الاخرى ما تزال تعمل لانها لم تغلق.

وبمعزل عن ذلك، كان الموريتانيون منشغلين بنشاطاتهم العادية في حين تمركزت آليات تنقل شرطيين من وحدة مكافحة الشغب في بعض النقاط.

وعلى صعيد الصحافة المحلية، تساءلت صحيفة لو كوتيديان دو نواكشوط «انقلاب، كيف عدنا الى خانة البداية؟». اما نواكشوط انفو فعنونت بحذر «الانقلاب، نهاية مرحلة»، فيما كتبت صحيفة بلادي «الديمقراطية مهددة».