الجنرال والرئيس .. من علاقة دعم إلى صراع

سيدي ولد الشيخ اتهم بالضعف .. وقائد الانقلاب معروف بصراحته وحزمه

نواب من الحزب الحاكم في مسيرة امس في نواكشوط دعما للانقلاب (أف ب)
TT

في استعراض للقوة، وقف قائد الانقلاب بموريتانيا أمس على ظهر سيارة لاندكروزر مفتوحة، وهو يحيي المحتشدين الذين جاءوا لتأييد الانقلاب، قائلا إن الجيش هو الذي أنهى الديكتاتورية عام 2005، وهو الآن يتدخل من جديد لإنهاء الانفراد والفوضى وعدم النظام.

والمفارقة في علاقة الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي قاد انقلاباً ابيضَ والرئيس الموريتاني المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله، هي ان الاول هو الذي دعم الثاني بقوة في انتخابات 2007 ليصبح اول رئيس بانتخابات ديمقراطية في تاريخ موريتانيا. لكن الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي الذي اطيح بعد نحو 16 شهرا من فوزه بالانتخابات رغم انه أثار الامل بصفته اول رئيس لموريتانيا ينتخب ديمقراطيا، واجه انتقاداتٍ بعد تسلمه السلطة بسبب ما اعتبر «ضعفاً» فيه. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية انه تولى الرئاسة في السبعين من العمر بنسبة 85.52 في المائة من الاصوات. وَوُصِفَ الرئيس بأنه رجل متكتم.

ومنذ اللحظة الاولى لتوليه السلطة، قال خصومه انه «ضعيف» بينما اشاد مؤيدوه باعتداله ورغبته في الوفاق في بلدٍ متعددِ الإثنيات. لكنه رد بانه «رجل الطمأنينة» الذي يريد تعزيز «وحدة» البلاد.

وعلى مر الوقت، اخذ أصدقاؤه ينتقدون «ضعفه» ويدعونه الى وضع يده على السلطة في مواجهة العسكر. أما معارضوه فيتهمونه بـ«الانحراف باتجاه السلطة الفردية»، ويأخذون عليه أخذ نصائحه من مستشارين يوصفون بانهم «يساريون».

وتعمل ابنة الرئيس امال الى جانبه بصفتها ملحقة صحافية، بينما تقول مصادر ان زوجته ختو منت بخاري تمارس نفوذا كبيرا عليه. ودخلت في معركة مفتوحة اخيرا مع برلمانيين من الحزب الحاكم انشقوا على الرئيس، واتهموها باستغلال النفوذ وكانوا يريدون محاسبتها. وخلال 15 شهرا، اصبح الرئيس في مواجهة صعوبات اقتصادية واجتماعية هائلة. وقبل الدورة الاولى، قال لوكالة الصحافة الفرنسية انه يقدم نفسه على انه «يوحي بالطمأنينة». واضاف «ثمة غالبية تريد التغيير لكنها تدرك ان البلاد معرضة للاضطرابات وينبغي ان يحصل التغيير تدريجياً». وتابع ان شعار «مرشح الطمأنينة يشكل رداً على مخاوف تراود العديدين». وتابع «أننا ندخل عهدا جديدا وكثيرون لا يعرفون كيف ستجري الامور». اما الجنرال محمد ولد عبد العزيز فقد كان مقرباً من رئيس الدولة بوصفه قائد الحرس الرئاسي قبل ان ينقلب عليه.

وولد الجنرال محمد ولد عبد العزيز سنة 1956 في اكجوجت (شمال شرقي نواكشوط)، وهو ينتمي الى قبيلة «الصالحين» ولاد بوصبع التي ينتشر افرادها في موريتانيا والمغرب المجاور.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، انخرط ولد عبد العزيز في الجيش الموريتاني عام 1977 بعد تخرجه في الاكاديمية الملكية بمكناس في المغرب. وكان وراء تشكيل الكتيبة التي تشكل الحرسَ الرئاسيَّ الذي كان يقوده منذ عهد نظام ولد الطايع (1984-2005).

وحول هذا السلاح في الجيش الى عنصر شديد النفوذ في الحياة السياسية الموريتانية اذا كان الحرس الرئاسي بالفعل مصدر الانقلاب على الرئيس معاوية ولد الطايع في أغسطس (آب) 2005. وانضم ايضا الى المجلس العسكري الذي قاد البلاد من 2005 الى 2007 قبل تسليم السلطة الى المدنيين بعد انتخابات ديمقراطية اشاد بها المجتمع الدولي.

وأبدى الجنرال، الرجل المتكتم والمعروف بصراحته وعزمه، دعماً قوياً، ندد به المعارض احمد ولد داداه مرارا، لترشيح سيدي ولد الشيخ عبد الله خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2007.

وفي يناير (كانون الثاني) 2008 تمت ترقية العقيد عبد العزيز الى رتبة جنرال، وقائد اركان خاص برئيس الدولة، لكن بعض المراقبين اكدوا انه كان صاحب كلمة نافذة في السياسة الى جانب الرئيس ولد الشيخ عبد الله.

وكان نشيطا بشكل خاص في مكافحة الارهاب، مبتعداً عن خط رئيس الدولة الذي كان يقول ان الارهاب غير موجود في موريتانيا. واعتبر عدد من المراقبين ان هذا الجنرال، 52 سنة، كان وراء حركة «العصيان» التي انضم اليها نحو 50 برلمانياً استقالوا من الحزب الحاكم، منتقدين بالخصوص «السلطة الشخصية» للرئيس. وحاول الرئيسُ التخلصَ من نفوذه، فأصدر صباح الاربعاء مرسوماً بإقالته. وبعد ساعات من ذلك، قاد الجنرال عبد العزيز مجموعة من الانقلابيين لإطاحة الرئيس، ونشر بياناً الغى بموجبه كافة التعيينات الرئاسية الاخيرة في الجيش.