المغرب يخصص آلية جديدة لرفع المعاناة عن مهاجريه

الإدارة الإلكترونية توفر الجهد وتتيح معالجة القضايا عن بعد

TT

اعتاد المغرب أن يخصص اليوم العاشر من شهر أغسطس (آب) من كل عام للاحتفاء بمهاجريه، والتعبير لهم، في جو احتفالي، عن المكانة التي يحتلونها ضمن نسيجه الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والوطني، وكذا استغلال المناسبة لمناقشة المشاكل التي يعانون منها في المهجر.

وجاء هذا اليوم متزامنا مع يوم غد (الأحد)، الذي يعتبر عطلة أسبوعية، فقد قررت الوزارة، كما قال محمد عامر، الوزير المنتدب لدى رئيس الوزراء، المكلف الجالية المغربية في الخارج، تنظيم هذا البرنامج يوم أمس، ليكون بمثابة انطلاقة لأنشطة أخرى، تشمل حوارات ولقاءات مباشرة مع المهاجرين في عدد من المدن المغربية، بتنسيق مع وزارة الداخلية، أيام 14 و16 و18و19 أغسطس الجاري، قصد الإنصات إليهم عن قرب.

وأعلن عامر أنه تم الاتفاق، بتشاور مع المعنيين، على تخصيص يوم العاشر من أغسطس، كل عام، لقضية من القضايا التي تشغل بال المهاجرين، عوض الاكتفاء فقط بالجانب الاحتفالي، الذي لا يحمل أية قيمة مضافة لتجربة المغرب في مجال الهجرة. ويكتسي الاحتفال هذا العام باليوم الوطني للمهاجر طابعا خاصا، إذ تم تخصيصه للتعريف بمشروع جديد يروم خدمة المهاجرين عن طريق الإدارة الإلكترونية، كما تم الإعلان عن ذلك أمس في مركز الاستقبالات والندوات بالرباط، بحضور محمد عبو، الوزير المنتدب المكلف تحديث القطاعات العامة، واحمد شامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، وممثلي مختلف القطاعات ذات الارتباط الوثيق بمصالح الجالية المغربية في الخارج، مثل الإدارات والجمارك والمصارف وغيرها. وتم عقب ذلك، عقد ندوة مستديرة طرح المشاركون فيها مختلف وجهات نظرهم حول كيفية تفعيل هذه الآلية الجديدة، ووضعها بالفعل رهن إشارة المهاجرين، حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق، وشعار خال من أي مضمون.

وفي تصور عامر فأن شعار «الإدارة الإلكترونية في خدمة الجالية المغربية» يهدف إلى إبراز مدى تطور أساليب وتعامل الإدارة المغربية مع قضايا المواطنين المغاربة بالمهجر، والتعريف بالتجارب النموذجية الهادفة إلى تحسين جودة الخدمات الإدارية الموجهة إليهم، والاستفادة منها عن بعد». وأوضح عامر أن هذا التوجه جاء للرفع من مستوى جودة الخدمات الإدارية المقدمة للجالية المغربية، والارتقاء بها، وتلبية مختلف متطلبات وحاجيات هذه الفئة من المواطنين، وبالتالي تثمين دورهم الريادي في المسيرة التنموية الشاملة في المغرب.

ومن الإمكانيات التي تتيحها هذه الخدمة الإلكترونية، كما تم توضيح ذلك أمس، إمكانية متابعة المهاجر المغربي من الخارج، عبر شبكة الإنترنت، لمسار مشكلة إدارية، مثلا، تتعلق به شخصيا، او متابعة ملف إداري، او غيرهما من خلال زيارة موقع الوزارة المكلفة الجالية، والولوج مباشرة إلى ركن مختص بهذا الغرض، من دون أن يحتاج إلى الانتظار حتى العطلة الصيفية ليبدأ البحث بين دهاليز الإدارة عن مصير ملف إداري، أو تسوية قضية، مما يستنزف الكثير من جهده، ويجعله في سباق مع الزمن، قبل انتهاء إجازته.

وأكد المتدخلون في لقاء أمس بالرباط، أنه تم اللجوء إلى الخدمة الإلكترونية لأنها تضع حدا لتلك المعاناة، وتوفر سبل التواصل الفعال، وتفتح أفاقا جديدة في وجه المهاجرين المغاربة بخصوص كل المجالات التي يهمهم التعامل معها عن بعد، مثل الجمارك والقنصليات والقضاء والعمران. وفي سياق متصل، أعلن عامر عن صدور دليل للاستثمار لفائدة المهاجرين المغاربة، تسهيلا لمهامهم، خاصة بعد التنويع الذي تم رصده في اتجاه مغاربة العالم في الخارج، نحو الاستثمار في بلدهم في قطاعات جديدة وواعدة، ولم تكن مطروقة من قبل، مثل السياحة والفلاحة والتكنولوجيا الحديثة والتصنيع الغذائي، بعد أن كان رهان المهاجرين من قبل منصبا على العقار بصفة أساسية.

ولا ينحصر اهتمام المغرب بالجانب الاقتصادي فقط في علاقته مع مهاجريه، فقد أوضح عامر اخيرا أن الشأن الثقافي لدى الجالية المغربية يوجد في صلب الاهتمام الرسمي لدى الحكومة، ترسيخا للهوية الوطنية، إذ يجري حاليا التخطيط لفتح مراكز ثقافية في كل من بلجيكا واسبانيا وفرنسا وكندا، كما أبرز الجهود المبذولة في مجال تأهيل الحقل الديني لفائدة المهاجرين، بموازنة بلغت لأول مرة في تاريخ البلد 120 مليون درهم، أي ما يوازي 16.44 مليون دولار.