السنيورة تلا البيان الوزاري في أولى جلسات مناقشته: عدم الاحتكام للسلاح والسلطة الأمنية والعسكرية بيد الدولة

بري: اليوم عرس لبنان والعقبى لـ14 آذار و8 آذار

أعضاء الحكومة اللبنانية خلال أولى جلسات مناقشة البيان الوزاري أمس (أ.ف.ب)
TT

افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري اولى جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة اللبنانية عند السادسة والدقيقة الخامسة، في حضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوزراء والنواب. واستهلت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت عن روح النائب السابق مخايل الدبس. ثم تلي اسما النائبين المتغيبين بعذر وهما هنري حلو وباسم الشاب. وبعد ذلك تليت المراسيم رقم 16،17،18 المتعلقة باعتبار حكومة الرئيس السنيورة السابقة مستقيلة، وتسمية الرئيس السنيورة رئيسا لمجلس الوزراء وتشكيل الحكومة. والقى الرئيس بري كلمة مقتضبة جاء فيها: «قبل أن نعطي الكلام للرئيس السنيورة لتلاوة البيان الوزاري، فاليوم يصادف 8/8/2008، والكثيرون حجزوا لأعراسهم من أجل هذا النهار. واليوم يصادف عرس لبنان. والعقبى لـ 14آذار و8آذار بالتزاوج لمصلحة لبنان كل لبنان. وبالرفاه والبنين إن شاء الله». ثم بدأ السنيورة تلاوة البيان الوزاري الذي ركزت مقدمته على اعتبار «اتفاق الدوحة، اتفاقا استثنائيا اقتضته مرحلة استثنائية» وعلى «عدم الاحتكام الى السلاح او العنف تحت اي ظرف كان» و«حصر السلطة الامنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة». وشددت على «التزام مبادئ الدستور اللبناني واتفاق الطائف والدعوة الى الحوار الوطني» و«التعهد بعدم الاستقالة من الحكومة او اعاقة عملها» و«التمسك بمبدأ وحدة الدولة ومرجعيتها في كل القضايا المتعلقة بالسياسة العامة للبلاد» وتأكيد ما تضمنه خطاب القسم لرئيس الجمهورية.

وركزت «السياسة العامة» على نبذ «العنف، عنف السلاح وعنف التهديد والتخوين والتحريض واثارة العصبيات وغيرها من المظاهر والمشاعر العدائية». وشددت على «ان الاعداد للانتخابات النيابية في الربيع المقبل لا يعني البتة طغيان منطق الصراع والمنافسة في العمل السياسي». واكدت «التزام الحكومة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق القانون الجديد الذي سيقره المجلس النيابي»، كما اكدت «حق الدولة في بسط سيادتها على كل الاراضي اللبنانية».

وشدد البيان على «وضع حد نهائي للتفجيرات المتنقلة والتوترات ايا كانت اسبابها». واعتبر ان «من حق اللبنانيين على الحكومة ألا تسمح للارهاب بتعريض استقرار لبنان للاخطار». واكد «حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر المحتلة او استرجاعها والدفاع عن لبنان في مواجهة اي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه، وذلك بكل الوسائل المشروعة والمتاحة» و«التزام الحكومة قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 بمتدرجاته كافة» و«العمل على وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه» و«العمل وصولا الى تفعيل الهدنة مع اسرائيل».

وشدد على «التزام المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه» والتأكيد على «حق الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ورفض توطينهم في لبنان» والعمل على «انهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجة قضية الامن والسلاح ومواصلة الجهود المبذولة لمعالجة المشكلات الانسانية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان داخل المخيمات وخارجها» فضلا عن «عدم رضى اللبنانيين وصاية احد عليهم وعدم قبولهم بان يكونوا ادوات يستخدمها اللاعبون الاقليميون والدوليون».

ولمح البيان الى «ارساء افضل العلاقات مع الشقيقة سورية على مداميك الاحترام المتبادل لسيادة البلدين» ورفض سياسة «العداء والتبعية» و«اقامة علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات»، و«ضرورة ترسيم وتحديد الحدود اللبنانية ـ السورية»، ولفت الى ضرورة «متابعة قضية المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سورية».

واعتبر قضية تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين «قضية وطنية كبرى ستبذل الحكومة الجهود الحثيثة من اجل التوصل الى معرفة مصيرهم ومعاقبة المسؤولين عن جريمة اخفائهم ومنفذيها والمتورطين بها».

واورد في اولويات العمل الحكومي «تعزيز دور لبنان العربي والدولي» و«جمع شمل اللبنانيين في بلدان العالم بعيدا عن الانقسامات والحساسيات. وممارسة حقوقهم الانتخابية» و«الاسراع في استكمال تأليف المجلس الدستوري الجديد» و«استعادة اللاجئين اللبنانيين الى اسرائيل» و«ايلاء قضية المفقودين اللبنانيين الاهتمام والعناية اللازمين للكشف عن مصيرهم» و«متابعة قيام الاجهزة الادارية واللجان القضائية بورشة تدقيق وتحقيق في وضعية الاشخاص الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية من دون وجه حق او عن طريق الغش والتزوير وبصورة مخالفة للدستور، او بمخالفة فاضحة للقانون، بعيدا عن التسييس».

وفي المالية العامة والدين العام شدد البيان على «تصحيح الخلل من خلال الاستمرار في خفض مستويات العجز وتحسين الفائض الاولي وتسريع المسار التراجعي للدين العام» وعلى «متابعة تحديث النظام الضريبي» وغير ذلك من الاجراءات والخطط التي تتناول القطاعات الانتاجية والاجتماعية والخدماتية. من جانبه، قال رئيس كتلة التغيير والاصلاح ميشال عون الذي كان أول المتحدثين إنه يجب عدم التمييز بين مكونات الدفاع الوطني، معتبرا أن المقاومة والجيش والشعب هوية دفاعية تتكامل في الأسلوب.

وأبدى عون اعتراضه على بعض ما ذكر في البيان الوزاري قائلا: «نحن لا نطالب بوضع مزارع شبعا تحت الوصاية الدولية بل بتحريرها والوصاية ليست مطلبا بل تكون ظرفية في حال الضرورة».

واعتبر ان القرار 164 الخاص برفض التوطين وحق العودة نظري ولم يلتزم به احد، قائلا: ان اللبنانيين يسافرون للعمل في الخارج فهل يمكن ان يتحمل لبنان وحده عبء المهجرين الفلسطينيين؟

وقال «عندنا مفقودون في ليبيا ونثمن ذكر ذلك في البيان». معتبرا ان موضوع المفقودين في سورية أصبح في عهدة رئيس الجمهورية.

وحتى بعد ظهر امس كان حوالي 65 نائبا، اي اكثر من نصف اعضاء المجلس، قد سجلوا اسماءهم للكلام في جلسات المناقشة التي ستستأنف قبل ظهر اليوم وتتواصل حتى الثلاثاء المقبل. ثم يجري التصويت على الثقة بالحكومة التي سيكون من اولى مهامها التقدم من المجلس النيابي بمشروع قانون جديد للانتخابات النيابية المقررة الربيع المقبل، اضافة الى «مهام صعبة» في مختلف المجالات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية بفعل التراكمات التي حصلت في السنوات السابقة. وكان الرئيسان بري والسنيورة قد عرضا ليل اول من امس ترتيبات جلسات المناقشة. وقد رحب السنيورة، في دردشة مع الصحافيين عقب ادائه صلاة الجمعة في السرايا الحكومية مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة، بـ «عودة المجلس النيابي الى ممارسة دوره الطبيعي بعد 22 شهرا من التعطيل» مؤكدا ان عودة المؤسسات الدستورية الى ممارسة اعمالها «امر جيد».

وردا على سؤال عما سيكون دور اللجنة التي ستشكل لبحث العلاقات اللبنانية ـ السورية وإذا كانت زيارة الرئيس سليمان الى سورية مكملة لما تقوم به اللجنة، اجاب: «لقد طلبت إلى عدد من الخبراء درس كل المواضيع. وذكرت أكثر من مرة أنني من أكثر الناس حرصا على علاقة سوية حقيقية وأخوية بيننا وبين سورية. وهناك تواصل مستمر بيني وبين الرئيس ومجلس الوزراء».

وكان الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري نصرت خوري قد توقع في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية الا يؤثر التبادل الدبلوماسي على وجود المجلس مشبها اياه بـ«مجلس التعاون الخليجي».

وقال خوري «وجود السفارتين يتكامل مع الامانة العامة للمجلس الاعلى ولا يتناقض معها»، مشيرا الى امكان ادخال تعديلات على تركيبة المجلس وصلاحياته اذا اقتضى الامر، واضاف «سيكون ثمة تنسيق بين السفارتين والمجلس الذي هو على مثال مجلس التعاون الخليجي». وقد انشيء المجلس الاعلى بموجب معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق التي وقعها البلدان عام 1991 ابان عهد الوصاية السورية على لبنان. من جهته، ترأس بري امس اجتماعا لكتلة «التحرير والتنمية»، وعقب الاجتماع ادلى النائب انور الخليل بالبيان الآتي: «اجتمعت كتلة التحرير والتنمية (...) وبدأت بالترحيب بعد 22 شهرا بأن تمثل امام المجلس النيابي اليوم حكومة شرعية. وبالتالي درست الكتلة البيان الوزاري الذي ستقدمه الحكومة الى مجلس النواب. وقد توقفت عند بعض المواد وبعض الكلام الذي ورد فيه. وهي ستقوم بدحض هذه المواد وهذه المقاطع في الجلسات المتتالية لمجلس النواب (...) لذلك نقول، مرة أخرى اننا نرحب بمثول حكومة شرعية بعد 22 شهرا من غيابها عن ممارسة دورها الشرعي. ونأمل بأن تكون هذه مبادرة ويوما جديدا نطوي به صفحة الماضي ونقبل على ايام، كما طلب الرئيس من جميع النواب، ملؤها العمل وملؤها الانكباب على مشاريع القوانين التي ستقدمها الحكومة الى مجلس النواب».

وقال رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم انه سيعطي الثقة للحكومة «لانها حكومة وحدة وطنية جاءت في اطار توافق عام في البلد. لكنني سأشرط هذه الثقة بوضع ما سيترتب على هذه الحكومة بنتائج الاعمال التي ستقوم بها. وبالتالي سأحاسب. واعتقد ان هذا هو واجب اي نائب ولو كان مرتبطا بهذه الحكومة بتحالفات وما اليه». واشار الى ان «لجنة الادارة والعدل تقوم بما عليها وبواجباتها تجاه موضوع قانون الانتخاب، آخذة في الاعتبار ما يجب ادخاله في هذا القانون وما يمكن عمليا ان يكون مطبقا بعد ادخاله الى القانون».