مشاركة نادرة لرئيس وزراء مصر في مدونة بالإنترنت.. تثير جدل المدونين

عقبوا عليه بأسماء من قبيل: «فكك مِني» و«عاشق سيئ الحظ» و«جبهة التهييس الشعبية»

TT

«فُكَّك مِني»، و«عاشق سيئ الحظ»، و«جبهة التهييس الشعبية»، هي بعض من أسماء غريبة أطلقها مدونون مصريون على أنفسهم على الانترنت، وهم يعقبون، غير مصدقين، على مشاركة نادرة قام بها رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف، في مدونة ذات توجه يساري، وهو ما تزامن مع مطالبة نشطاء بالإفراج عما قالوا إنهم مدونون معتقلون. وفي واحدة من أكثر المدونات هجوماً على سياسة الحكومة، ردَّ «الدكتور نظيف (الذي أكد لصحف محلية مصرية أنه صاحب الرد)»، على انتقادات حادة حول توجهات حكومته الاقتصادية، وبخاصة تجاه التعليم، بثتها مدونة يسارية متشددة ترفع أعلاما لأحزاب وحركات شيوعية، قائلاً في مشاركته بها: «أعبِّر عن خالص تقديري للحوار البناء عبر المدونات، وأنا سعيد بحيوية الشباب المصري في التعبير الحر عن آرائه بشأن القضايا الاجتماعية والسياسية التي تواجه مجتمعنا وتستحق منا كل الاهتمام (..) وأحسب أن الآراء المطروحة في المدونات يمكن أن تفيد في توجيه السياسات العامة للدولة. وهذا ما دفعني إلى متابعة الحوار الدائر بالمدونات، فأنتَ (لصاحب مدونة «على اسم مصر»، الذي يُدعى مصطفى محمود) وزملائك من المدونين، تشكلون واجهة مشرقة لمستقبل واعد بمزيد من الديمقراطية».

وبدت لغة رئيس مجلس الوزراء، وسط سيل من تعليقات مكتوبة بلا تحفظ، مثيرة لانتباه مشاركين في المدونة، وبخاصة أن «نظيف» ذكر ـ في رده على اتهامات المدونة لحكومته بأنها منحازة لرجال الأعمال ـ أرقاماً محددة عن زيادة موازنة دعم التعليم في السنوات الأخيرة، وتحدث بلسان رجل اقتصاد ليبرالي لا يريد التخلي عن الفقراء، وهي سمات بدت لعديد من المدونين قريبة الشبه بتوجهات الحكومة المصرية بقيادة «نظيف»، لاسيما ختامه لكلمته التي قال فيها على المدونة: «جُملة القول إن ما نحتاج إليه حاليا لتحقيق هذا الهدف (تطوير التعليم) هو زيادة وتنويع مصادر التمويل المتاح، وتحقيق كفاءة التمويل، وتفعيل المشاركة المجتمعية، وتطبيق مبادئ الحوكمة، وصولاً إلى تأسيس البنية الأساسية اللازمة لإنتاج ونشر المعرفة لصالح كل الثروة البشرية التي تمتلكها مصر على مختلف المستويات الاجتماعية».

لكن كلام «الدكتور نظيف» لم يمنع بعض المشاركين على المدونة من التشكيك في الأمر، مستبعدين أن يكون رئيس وزراء مصر لديه وقت للدخول على الانترنت، فعلَّق من يطلق على نفسه «جبهة التهييس (الهبل) الشعبية» بقوله: «هههه.. ده احمد نظيف رئيس الوزراء بجد؟ طب يدينا امارة (أية علامة)، فيما رجح مشارك آخر يتخذ لنفسه اسم ««أنونيموس Anonymous» أن يكون المتفاعل مع المدونة هو رئيس الوزراء ذاته، بقوله: «والله جايز.. ليه لأ ؟ خصوصاً إن الكلام رسمي وشبه كلام الوزراء في التليفزيون، ليه نستبعد إن ده كلام نظيف؟ ماعتقدش ياجماعة إنها متفبركة وبعدين مين هيجي على باله فكرة زي دي؟ وتفتكروا ايه مصلحته ؟ أنا شايف إنها بداية كويسة إن صوتنا يتسمع في المدونات والحوار بينا وبين الحكومة يبقى مباشر؟ يمكن فعلاً يبقى عندنا ديمقراطية». وانبرى معلق آخر أطلق على نفسه لقب «عاشق سيئ الحظ» في تهدئة زملائه المدونين، قائلاً، قبل أن يفند في رد مطول سياسة «الدكتور نظيف» التعليمية، إنه: «(..) فيه افتراض إن ممكن يقام نوعان من التعليم بمستويات جودة مختلفة، واحد حكومي، وواحد بيزنس ومع ذلك يضمن حقوق الفقراء في إنهم يحصلوا على تعليم جيد وفرص متساوية مع غيرهم (..)».

وجاء الجدل حول مشاركة رئيس وزراء مصر بالتعليق في مدونة على الانترنت، في وقت كان نشطاء يبحثون في فعاليات بالقاهرة قضية التدوين و(موقع) الفيسبوك في البلاد، باعتبارها قضية تشغل انتباه الشارع وبخاصة بعد الدعوة إلى إضراب 6 ابريل (نيسان) الماضي بمصر احتجاجاً على سياسات الحكومة، والتي انطلقت الدعوة لها أساساً من ناشطين على الانترنت، إذ طالب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية المعارض، الدكتور أسامة الغزالي حرب، في ندوة عقدت لهذا الغرض أخيراً، الإفراج عن المدونين المعتقلين بتهمة أنهم «مدون على الانترنت»، ومنهم صاحب مدونة «ودنا نعيش»، فيما قال المنسق العام المساعد لحركة كفاية المعارضة، إنه ليس بالمدونين (فقط) يحدث الحراك في المجتمع وإنما الحراك الحقيقي في الشارع، بينما قال صاحب مدونة «المجنون»، فتحي فريد، إن الفضل يرجع للمدونين في رصد انتهاكات ضد مواطنين، مشيراً إلى أن «مصر بها 4 مدونين منتهكة حقوقهم، منهم اثنان صدر بحقهما أمر اعتقال، وثالث رهن التحقيق، ورابع حُكم عليه بالسجن 4 سنوات؛ وهو كريم عامر أول مدون في الشرق الأوسط يتم الحكم عليه بالحبس، وأن مصر هي الدولة الوحيدة على مستوى العالم التي يتم فيها اعتقال المدونين».

يشار إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري وصف في تقرير له أصدره أخيراً، المدونات بأنها أدوات مهمة في تشكيل مجتمع معلومات قائم على الديمقراطية، لكنه قال أيضاً إن عدم وجود رقابة على المدونات، يعد من مواطن قوة المدونات وضعفها أيضاً..«ما يطرح تحفظات سياسية وأخلاقية حول مضمونها»، مشيراً إلى أن عدد المدونات المصرية يبلغ 160 ألف مدونة حتى شهر أبريل (نيسان) الماضي بنسبة بلغت 30.7% من المدونات العربية، و0.2% من إجمالي المدونات على المستوى العالمي.