وثائق تكشف عن نقل المعتقلين بصورة متكررة في غوانتانامو

عودة أساليب تعذيب كانت ممنوعة في معسكر كوبا

TT

تم تعريض نحو 17 معتقلا في خليج غوانتانامو إلى برنامج نقل متكرر من زنزانة إلى أخرى لمنعهم من النوم وتشتيت ذهنهم وعقابهم واستخراج المعلومات منهم أثناء التحقيق حسبما أفادت وثائق الجيش الأميركي. وقد كشفت تحقيقات وزارة الدفاع في وقت سابق عن برنامج تم وضعه بصورة محدودة وتطبيقه على المعتقلين المهمين، لكن الوثائق الحالية تشير إلى أن البرنامج قد تم تطبيقه بصورة واسعة لشهور بعد حظره في مارس (آذار) 2004. وقد تم نقل المعتقلين عشرات المرات وفي بعض الأحيان كان يتم نقلهم مئات المرات خلال فترة أسبوعين. وتشير سجلات الشرطة العسكرية في خليج غوانتانامو بكوبا إلى أن الحراس قد استخدموا هذا البرنامج على العديد من المعتقلين. وتشير السجلات التي اطلعت عليها «الواشنطن بوست» إلى حدوث نقل متكرر للمعتقلين من زنزانة إلى أخرى في اليوم الواحد حيث كان يقوم أدميرال في البحرية بزيارة غوانتانامو لمعرفة ما إذا كان هناك انتهاكات بحق المعتقلين. وقد كان بعض المعتقلين يرفضون الانتقال وكانوا يبصقون على الحراس ويحاولون فك القيود التي تكبل أيديهم بعد تكرار نقلهم من زنزانة إلى أخرى. ويقول ماهر رأفت القويري وهو المعتقل رقم 519 إنه كان يتم نقله 6 مرات في اليوم الواحد على مدار 12 يوما خلال شهر يوليو (تموز) 2003، مع وجود فترة للتحقيق تبلغ 4 ساعات خلال اليوم. وقد أقر مسؤولو الدفاع في وقت سابق بوجود مثل هذا البرنامج، قائلين إنه تم إيقافه عام 2004. كما أفاد هؤلاء أيضا بأنه كانت تتم معاملة المعتقلين بصورة إنسانية وأنه يجري بحث الادعاءات بانتهاك حقوق المعتقلين. وتقول القائدة في البحرية بولين ستورم وهي متحدثة رسمية باسم قوات المهام المشتركة في غوانتانامو: «ليس هناك وجود لمثل هذا البرنامج في الوقت الحالي. كما أن قوات المهام المشتركة في غوانتانامو تراعي المقاييس الإنسانية والأمنية بصورة قانونية وأخلاقية فيها قدر كبير من الشفافية». وقد اعتبر محققون في الجيش الأميركي أن مثل هذا البرنامج كان ينتهك حقوق المعتقلين لكنهم لم يوضحوا إلى أي مدى تم استخدام هذا البرنامج. وقد أشار جنود في الشرطة العسكرية في مداخلات كتابية إلى أن النقل من زنزانة إلى أخرى كان جزءا من خطط تحقيق كان يتم تنفيذها بدقة كبيرة. فعلى سبيل المثال، كان يتم إخضاع المعتقل المغربي أحمد رشيدي للتحقيق طوال ست ساعات في وسط الليل، ثم يتم نقله بعد ذلك إلى زنزانته لمدة 4 ساعات، ثم يتم التحقيق معه مرة أخرى، وهكذا حسبما أفادت إحدى ملاحظات السجلات. ومن الملاحظات التي تم تدوينها كذلك أنه «يجب إخضاع المعتقلين للمراقبة والملاحظة والتسجيل، كما يجب ألا تحتوي الزنزانة على أكثر من كرسي».

وقد خضع المعتقل السعودي غسان عبد الله الشربي إلى هذا البرنامج من نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 إلى فبراير (شباط) 2004، حسبما أفادت السجلات، كما تم نقله من الزنزانة كاي 36 إلى الزنزانة كاي 38. وقد أفاد المحامي المدني للشربي بأنه شعر بالقلق لأن موكله ربما يكون قد تعرض للحرمان من النوم على يد سجانيه. وقد أفاد المحامي روبرت راشلين وهو محام يمثل الشربي بقوله: «يجب علينا أن نفترض أنه تعرض لبرنامج نقل متكرر حيث كان يتعرض المعتقل لعدم الراحة والحرمان من النوم. ولا شك أن هذا الأمر يشعرني بالقلق البالغ».

وقد طلب محمد جواد الذي يبلغ من العمر 24 عاما وهو معتقل بتهمة محاولة قتل جندي أميركي في أفغانستان من خلال إلقاء قنبلة، من خلال محاميه، إنكار جميع التهم المنسوبة إليه بسبب معاناته من برنامج النقل المتكرر. وربما يقوم معتقلون آخرون برفع شكاوى مماثلة في قضاياهم العسكرية، مثلما فعل سالم أحمد حمدان في محاكمته التي انتهت منذ وقت قريب. وقد حكم القاضي في هذه القضية بأن بعض الأدلة لم يتم الاعتداد بها لأنها كانت «قسرية» لكن القاضي توصل إلى أن معاملة حمدان في معتقل غوانتانامو، بما في ذلك برنامج النقل المتكرر لم تؤثر على المعلومات التي أدلى بها للمحققين. ويقول محامي جواد وهو الميجور في القوات الجوية دافيد فراكت إن السجلات التي تم الكشف عنها أخيرا تشير إلى أنه «لا يعرف أحد على وجه الدقة الإطار المحدد لانتهاك حقوق المعتقلين في غوانتانامو». ويقول فراكت: «إن ما ظهر إنما هو رأس جبل الجليد فقط. وقد تم اعتماد هذا البرنامج من قبل أعلى المستويات... ومن المفترض أن المعتقلين قد فقدوا التفريق بين ما هو صواب وما هو خطأ».

وقد أفاد فينسينت وارن وهو المدير التنفيذي لمركز الحقوق الدستورية إنه يشعر بالقلق من أن العديد من المعتقلين في غوانتانامو كانوا يتعرضون لبرنامج النقل المتكرر. ويقول: «هذه الأخبار مقلقة لكنها غير مفاجئة. فالأساليب من قبيل الحرمان من النوم ليست قانونية وتنتهك الدستور الأميركي والدستور الدولي وعلى المحققين التركيز على مثل هذه المشكلات المتعلقة بالتعذيب المنظم الذي تعرض له المعقتلون».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»