موريتانيا: مصدر مقرب من قائد الانقلاب يكشف لـ «الشرق الأوسط»» تفاصيل اللحظات الأخيرة

قال إن إثارة ملف الزنوج سرّع بالانقلاب وأكد أن فرنسا وأميركا غير بعيدتين عما جرى ومعارضتهما الحالية خطاب للداخل

TT

أكد مصدر مقرب من الجنرال محمد ولد عبد العزيز، قائد الانقلاب في موريتانيا، أن الأوضاع في طريقها للتحسن والاستقرار داخل موريتانيا، مشيرا الى ان إثارة الرئيس المخلوع لملف «حقوق الزنوج في موريتانيا والنبش في الانقلابات السابقة» سرع من العملية الانقلابية.

وكشف المصدر في اتصال هاتفي لـ«الشرق لأوسط» التفاصيل الدقيقة التي جرت بين مجموعة الانقلاب والرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، في الايام واللحظات الاخيرة، من بينها مطالبته باجراء «حوار للإصلاح ومحاكمة رموز الفساد التي ارتمى الرئيس المخلوع في أحضانهم» على حد قول المصدر. وقال إن رموز الفساد سيطروا على المؤسسات والشركات التي لها موارد مهمة في الدولة، وأن الرئيس المخلوع همش القوة التي كانت متحمسة للتغيير وللحفاظ على مكاسب الديمقراطية.

وكشف المصدر طبيعة الصراع التي جرت قبل الانقلاب في موريتانيا مباشرة مؤكدا أن الرموز الفاسدة التي سيطرت على موارد البلاد بدأت في تحريض الرئيس المخلوع على الضباط للتخلص منهم. وأضاف «لكن الضباط كانوا على درجة من الذكاء وأفسدوا على الرئيس المخلوع وأعوانه الخطة عبر خطط كانت بمثابة الخيط الأول للانقلاب، عندما ذهب ضباط الجيش إلى الحصول على دعم من البرلمان ومجلس الشيوخ وحاولوا تقديم رموز الفساد الى محكمة عدل إسلامية والمطالبة بالأموال التي استولت عليها زوجة الرئيس المخلوع، والتي تتمثل في كل مساعدات الدول العربية الصديقة للشعب الموريتاني».

وأضاف المصدر: «لكن الرئيس المخلوع رفض ذلك واستغل غياب الضباط وأصدر مرسوم الإقالة لأهم أقوى رموز الدولة الذين سعوا للتغيير، فما كان أمام هؤلاء الضباط إلا اعتقال الرئيس ووزير داخليته ورئيس الوزراء». وأفاد المصدر ـ الذي طلب عدم ذكر اسمه ـ انه «بالأمس خرجت مسيرات تجوب شوارع موريتانيا تحمل صور الرئيس الجديد الجنرال محمد ولد عبد العزيز»، وقال «هذه الحركة الانقلابية تحظى بالتأييد الداخلي وتسمى بحركة التصحيح، وقد حصلت على دعم غير مسبوق من رموز القبائل ومن أغلبية الأعضاء في البرلمان الموريتاني، وكذلك من نخب كثيرة من الحزب الحاكم حيث لم يبق مع الرئيس المخلوع سوى خمسة نواب فقط».

وعدّد المصدر المقرب من الجنرال الحاكم الاسباب التي اطاحت بالنظام السابق والرئيس المخلوع مؤكدا أنه «همش مصالح الشعب وتجاهل مطالبه الحياتية اليومية، بحيث لم يبق له شيء على الارض».

وذكر أن «الملف الأخطر في أسباب الانقلاب أن الرئيس المخلوع حاول مع متحالفيه إثارة حقوق الزنوج في موريتانيا والنبش في الانقلابات السابقة.. وهو الملف الذي كان يقصد من ورائه الرئيس المخلوع محاكمة جنرالات المؤسسة العسكرية وقادة عسكريين، وجلبهم الى محاكمات دولية على غرار ما يحدث في السودان حاليا من مطالبة لاعتقال الرئيس عمر البشير». وأضاف أن قادة الجيش الموريتاني اعتبروا قضية تحريض الزنوج خطا أحمر وأن الوضع الراهن في موريتانيا تجاوز هذا الموضوع، وأن إثارته حاليا تعني ابتزاز الجيش ورجاله، وهو الأمر الذي سرع بعملية الانقلاب. وأكد المصدر أن التحدي الراهن أمام جنرالات الحكم هو معارضة فرنسا وأميركا، إلا أنه اعتبر هذه المعارضة مجرد خطاب للداخل في البلدين وليس القصد منه معارضة الحكم الجديد. وكشف عن وجود تنسيق مسبق من هذه الدول مع الجنرالات خاصة مع فرنسا التي اعتبرها غير بعيدة عما حصل. وقال إن أميركا ترى أن موريتانيا تحتل مكانا استراتيجيا بالنسبة لها، إضافة إلى ملفات خطيرة تهم كلا من فرنسا واميركا لم يحسمها النظام المخلوع تتعلق بالمخدارت التي تمر عبر موريتانيا الى اوروبا، وكذلك الهجرة السرية والجريمة المنظمة والارهاب. وترى باريس وواشنطن ان هذه الملفات الخطيرة تحتاج الى نظام قوي يحكم السيطرة عليها.