الانقلابات تنحصر في موريتانيا .. ودول أفريقية تتخلص منها

80 انقلابا منذ الخمسينات في أفريقيا.. معظمها في العقود الأولى

رياضيو موريتانيا في افتتاح أولمبياد بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

يشكل الجيش الموريتاني العمود الفقري للسلطة منذ ثلاثين عاما، ولا يتردد قادته في الخروج من ثكناتهم في إطار الحق الذي منحوه لأنفسهم في «تصحيح» مسار الحياة السياسية، كما يؤكد انقلاب الاربعاء الماضي.

لكن الجديد في الانقلاب الذي يعكس أزمنة كانت فيها مثل هذه المحاولات بمثابة وباء في افريقيا، التنديد السريع من داخل القارة السمراء، وهو ما يشير الى انه لن تكون هناك عودة الى الايام السابقة السيئة، على عموم أفريقيا. وتميز انقلاب الاربعاء بكل عناصر الاسلوب القديم لمحاولات الانقلاب الافريقية حيث استولى قادة عسكريون على السلطة عندما حاول الرئيس سيدي محمد ولد شيخ عزلهم. لكن بينما أحدث دولة منتجة للنفط في افريقيا مازالت عرضة للحكم العسكري.. واخر انقلاب ناجح كان في نفس البلد منذ ثلاث سنوات.. فان افريقيا ككل تخلصت من شهرتها كمرادف للاستيلاء على السلطة بوسائل العنف.

وبينما كانت منظمة الوحدة الافريقية القديمة تشتهر بتقاعسها عن التدخل أو حتى التعليق على اعمال العنف والحكم الاستبدادي في الدول الاعضاء فان المنظمة التي تكونت بعدها منذ عام 2002 وهي الاتحاد الافريقي اتخذت مسارا جديدا تمثل في ردود فعل علنية. وسارع الاتحاد الافريقي الى التنديد بالانقلاب في نواكشوط مثلما فعل في محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في تشاد في فبراير (شباط) وارسل مفوض السلام والأمن الى موريتانيا. وقال توم كارجيل الباحث بمؤسسة تشاتام هاوس للأبحاث في لندن لرويترز، ان «رد فعل الاتحاد الافريقي وتنديده استمرار لموقف ايجابي للغاية في السنوات الاخيرة للتنديد بالتدخلات العسكرية.. ان الازمنة تغيرت بشدة».ولم يقع سوى عدد ضئيل من الانقلابات في افريقيا في السنوات العشر الماضية مقارنة مع الانقلابات التي وقعت في الفترة من الستينات الى الثمانينات قبل ان تنهي جهود التحول الديمقراطي هذا الاتجاه في التسعينات. وفي الفترة بين التحركات الاولى نحو الاستقلال من الاستعمار في الخمسينات وحتى عام 2004 وقع أكثر من 80 انقلابا في افريقيا لكن معظمها كان في العقود الاولى.

وقال خبراء في تلك الفترة ان الانقلابات كانت تؤدي الى مزيد من الانقلابات حيث اعتاد ضباط االجيش الساخطون على عزل الحكومات في انحاء القارة. وبالاضافة الى الاتجاه نحو الديمقراطية في التسعينات فان العوامل الاقتصادية القوية بدأت تؤثر كرادع قوي للاستيلاء المسلح على السلطة في السنوات القليلة الاخيرة مع استفادة افريقيا من الازدهار العالمي للسلع واصبحت هدفا رئيسيا للاستثمار. وتشعر الدول الافريقية بالقلق بدرجة متزايدة من ان الاضطرابات في بلد ستؤثر على المستثمرين في بلد اخر.

وسارعت نيجيريا أكبر الدول تعدادا للسكان في افريقيا وأكبر منتج للنفط في القارة، والتي تشهد ازدهارا نتيجة لارتفاع اسعار الطاقة الى التنديد بانقلاب موريتانيا قائلة ان أبوجا لن تعترف بالحكام العسكريين الجدد. وكانت نيجيريا نفسها في وقت من الاوقات تشتهر بالحكومات العسكرية لكنها لم تشهد أي انقلاب منذ عام 1993 والتقدم الاقتصادي هو أكبر عامل لبقاء الجنود في ثكناتهم.

وقال كارجيل «بورصة أسهم نيجيريا تشهد ازدهارا وقطاعها المصرفي بدأ بالفعل ينطلق. لقد بدأوا يشعرون بالاثار الايجابية والفوائد الاقتصادية التي تأتي من السلام والامن». وتتبنى راضية خان كبيرة خبراء الشؤون الاقتصادية الافريقية بمؤسسة ستاندارد تشارتارد وجهة نظر مماثلة قائلة: ان الانقلاب «يجب ان يؤدي أيضا الى بعض التركيز على الاستقرار السياسي لاقتصاديات النفط الجديدة في افريقيا». غير ان بعض المحللين أقل تفاؤلا بشأن الحالة الراهنة لافريقيا. ويقول مارك شرويدر بمؤسسة ستراتفور للابحاث لرويترز انه بينما الانقلابات التقليدية في تراجع فان كثيرين من الحكام الافارقة أظهروا ترددا في التخلي عن السلطة التي استولوا عليها بطريقة غير دستورية. وقال «يوجد كثير من اعضاء الاتحاد الافريقي في السلطة الان لانهم جاءوا عن طريق انقلاب».

وحول الوضع في موريتانيا يقول آلان انتيل المتخصص بشؤون موريتانيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس لوكالة الصحافة الفرنسية ان «للعسكريين وزنا كبيرا في المجتمع. من الصعب جدا لهذه الهيئة الا يكون لها اي سلطة». واضاف انه منذ انقلاب 1978 الذي كان الاول في البلاد «بقي الجيش في السلطة ولم يتمكن من العودة الى ثكناته».