الصومال: اجتماع عاصف بين الرئيس الانتقالي ورئيس حكومته لم يحسم خلافاتهما

البرلمان يقر بأغلبية ساحقة مشروع قرار لتنظيم عمل شركات النفط الأجنبية تحت إشراف الحكومة

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف عقد أول من أمس اجتماعا عاصفا ومقتضبا مع رئيس حكومته العقيد نور حسن حسين (عدي) لم يسفر عن أية نتائج ايجابية على صعيد حل الخلافات العالقة بين الطرفين منذ استقالة 12 وزيرا من الحكومة الأسبوع الماضي، على خلفية إقالة محمد عمر ديري احد أبرز حلفاء الرئيس من منصبه كعمدة للعاصمة الصومالية «مقديشو».

وقالت مصادر صومالية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي دام 15 دقيقة فقط، ويعتبر الأول بينهما منذ اندلاع الأزمة الأخيرة، شهد مشادة كلامية حادة بين يوسف وعدي، مشيرة إلى أن الرئيس أصر على موقفه بأنه يتعين على رئيس حكومته الاستقالة من منصبه وفتح المجال أمام اختيار رئيس جديد للوزراء بعدما استقال 12 وزيرا من الحكومة المكونة من 18 وزيرا فقط.

وروت المصادر التي طلبت عدم تعريفها لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من العاصمة «مقديشو» أن الرئيس الانتقالي عاب على عدي اتخاذه قرارات تتجاوز صلاحياته الدستورية ومهام عمله دون إطلاع الرئيس عليها مسبقاً، موضحة أن يوسف انتقد أيضا تقليل عدي من استقالة الأعضاء السابقين في حكومته واتهاماتهم له بالديكتاتورية في اتخاذ القرارات الحيوية.

ونقلت المصادر عن يوسف قوله: «من المؤسف أن تتطور الأمور هكذا ونظهر أمام الشعب الصومالي كأننا حريصين فقط على مقاعد السلطة دون وضع أي اعتبار أو وزن لمصالح هذا الشعب»، وأضاف موجها حديثه إلى عدي: «إذا كانت مهمة قيادة الحكومة مسألة صعبة فعلينا أن نبحث عن حلول أخرى، لا يصح مطلقا أن تتعرض البلاد لفراغ سياسي في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة». وأوضحت المصادر أن يوسف خاطب رئيس حكومته قائلا: «لم أتدخل مطلقا في عملك وتركت أمامك مساحة كبيرة لكي تمارس صلاحياتك السياسية والدستورية، لكنك لم تحقق أي شيء يذكر سواء على صعيد وقف الهجمات التي يشنها المتمردون ضد مسؤولي السلطة الانتقالية أو القوات الحكومية والإثيوبية بالإضافة إلى قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي».

وتهكم يوسف على تجاهل رئيس وزرائه لأولويات عمله التي سبق أن أعلنها فور توليه منصبه قبل نحو تسعة أشهر لافتا إلى أن هذه الأوليات في حاجة إلى إعادة نظر على حد ما نقلته المصادر لـ«الشرق الأوسط».

وكان عدي الذي يعتبر ثاني رئيس حكومة منذ تولى الرئيس عبد الله يوسف رئاسة السلطة الانتقالية عام 2003، قد رفض دعوات برلمانية وحكومية للتنحي عن منصبه وبدأ في اختيار وزراء جدد خلفا لأعضاء حكومته المستقيلين. يشار إلى أن عدي تولى منصبه في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، خلفا لرئيس الوزراء السابق علي محمد جيدي الذي استقال أيضا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من منصبه بسبب خلافات أيضا مع الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف. إلى ذلك وافق البرلمان الصومالي بأغلبية ساحقة على مشروع قانون جديد لتنظيم عمل شركات البترول الأجنبية تحت إشراف الحكومة الانتقالية الصومالية. وقال محمد عمر طلحة نائب رئيس البرلمان الصومالي لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من مقر البرلمان في مدينة بيداوة التي تبعد نحو 240 كيلو مترا جنوب العاصمة مقديشو، أن 163 برلمانيا من بين 170 من أعضاء البرلمان صوتوا لصالح تمرير المشروع بينما عارضه خمسة فقط والتزم نائبان الصمت.

واعتبر طلحة أن هذا المشروع يمنح الحكومة المركزية في مقديشو صلاحية إبرام العقود والاتفاقيات مع أي شركة بترول أجنبية تريد التنقيب عن النفط واستكشافه، لافتا إلى أن القانون الجديد يحرم سلطات إقليم البونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 في شمال شرقي الصومال بالإضافة إلى جمهورية أرض الصومال الانفصالية من أي مشروعية لتوقيع اتفاقيات منفردة مع الشركات الأجنبية في هذا الإطار.

ومن المتوقع أن يثير هذا القانون غضب واستياء الجنرال عدي موسى رئيس إقليم البونت لاند الذي سبق له أن أعلن أن حكومته لن تقبل بأية نتائج تتوصل إليها مناقشات برلمان الصومال حول قانون النفط والغاز وكل ما من شأنه أن يؤثر على الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة بونت مع شركات النفط الأجنبية. ووقعت حكومة البونت لاند سلسلة اتفاقيات منفردة مع شركات أميركية واسترالية مقابل حصولها على مساعدات عينية ومالية بالإضافة إلى حصة من الإنتاج.

وبسبب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في الصومال تأخر البرلمان المؤقت في مشروع القرار الذي أعدته حكومة رئيس الوزراء السابق علي محمد جيدي. وتؤكد الدراسات المسحية التي أجريت في الصومال قبل نحو عشرين عاما، وجود كميات تجارية من احتياطيات النفط والغاز، لكن الفوضى التي تشهدها البلاد واستمرار الحرب الأهلية حتى الآن عطلت استكمال المراحل الأخيرة من استكشاف النفط وإنتاجه في أنحاء متفرقة من الصومال خاصة في مناطقه الشمالية.